التوقيت السبت، 23 نوفمبر 2024
التوقيت 02:29 ص , بتوقيت القاهرة

سلفيّ على ما تفرج

يقولون إن التاريخ يُعيد نفسه، ويقولون أيضًا إن الإنسان حيوان يتعلم من تجاربه؛ إلا أن القاعدتين السابقتين تبدوان غير صالحتين للتصديق في مصر، لماذا ؟ لأنه لا أحد يتعظ من دروس التاريخ، ولا أحد يرغب في "تفعيل" التعلم من التجارب السابقة.


ليس سرًا أن محاولة لدفع التيار السلفي إلى الصورة، تُجرى منذ مدة، ومن يفعل ذلك يرتدي قناع حسن النية، باعتبار أن هؤلاء حليفٌ سياسي، ربما للتخلص من آثار تغلغل وتوغل جماعة الإخوان المسلمين في جنبات المجتمع المصري. هذا التصور الساذج عارضه البعض؛ فقد دفعنا جميعًا الثمن غاليًا جراء التحالف الطويل بين الدولة وهذه الجماعة، وهو ما تم تتويجه بالسنة السوداء من حياة مصر، التي جثم فيها أفراد هذه الجماعة على نفوس المصريين؛ مقدمين بأنفسهم أكبر دليل على بشاعة نتائج هذا التحالف.


المهم.. دارت الأيام، ولم يعد الأمر محلاً للنقاش بعدما أصبح واقعًا وتخلّصنا منه الحمد لله، لكن أن تُعاد الكرة هذه المرة مع التيار السلفيّ، فهذا لا يعني سوى أن هناك رغبة قوية في "التنكيد" على هذا الشعب، وكأنه لا يحق له أن يحيا بشكل طبيعى، ويتطور مجتمعه بشكل عصري، ودون الدخول في دهاليز الجدل السياسي، دعونا نعترف أن هذا أمر واقع يحدث الآن كي يلقي ما يستحق من المواجهة الجادة، التي تستهدف مصلحة هذا البلد.. وطننا الوحيد مصر.


على سبيل المثال ما الذي يعنيه، أن يلتقي وفد من حزب النور الذراع السياسية للدعوة السلفية، بوزير التربية والتعليم، لطرح رؤية لتطوير التعليم ؟! ثم يصرح رئيس الحزب: "أكدنا أن مناهج التعليم لها دور كبير في الحفاظ على النسيج المجتمعي" نسيج مجتمعى! إحنا هنضحك على بعض!.


هل هي مثلاً محاولة لامتصاص الغضب"السلفى" بعد حذف مواد متعلقة بعقبة بن نافع و صلاح الدين الأيوبي، في إطار تعديل المناهج، ما وصفه رئيس الحزب نفسه بأنه تمهيد لاستبداله في العام القادم بمواد عن "البطل ريتشارد قلب ا?سد والفاتح نابليون" ؟. أم هي واحدة من محاولات من جس نبض الشارع المستمرة طوال الوقت، من خلال نشر أخبار عن أمور مشابهة تتعلق بالجهود السلفية العظيمة فى ترميم ما أفسده الزمن من المجتمع المصري، فى التعليم وغيره؟!


منها على سبيل المثال لا الحصر، الخبر "البريء" عن دعوة حركة تسمى بـ "دافع عن العلماء" الشيوخ محمد حسان، و محمد حسين يعقوب، وأبو إسحاق الحويني، و محمد إسماعيل المُقدم بالعودة مرة أخرى إلى إلقاء الخطب والصعود على المنابر، وذلك بالتوجه نحو وزارة الأوقاف للحصول على تصريح الخطابة، باعتبارهم "أكثر الناس حرصا على أمن واستقرار مصر ولديهم علم غزير".


عايزة أعرف: هي الناس دى ماسكة ذلة للبلد؟ 


يعني ليه ينكتب علينا نتحمل إخوان أو سلفيين، هو ما ينفعش نعيش مصريين كده عادي يعني، والمسلم يبقى مسلم عادي برضه؟!


لو أن أحدًا تصور أن هذه هي الطريقة المُثلى لإدارة البلاد عن طريق توجيه البسطاء؛ فهو مُخطئ مئة بالمائة، الجموع تتوجه حيث تقودها، فإذا وجهتها نحو الوعي فعلتْ،وإن وجهتها نحو الجهل فعلت، وفي الحالتين ستدفع أنت الثمن عاجلاً ..أو آجلاً ، ولنا في تاريخنا القريب ألف عظة لمن يفهم.


 لمن يفهم وحسب.