التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 12:35 م , بتوقيت القاهرة

العملية البرية في اليمن.. تأخرت 27 يوما وكلمة السر جيبوتي

ظلت عملية "الإنزال البري" في اليمن، منذ بدء عملية "عاصفة الحزم"، حائرة بين أنباء التأكيد والنفي، لكن بدأت بوادرها تظهر اليوم الأحد، حين أفاد سكان في محافظة عدن "جنوبي اليمن"، إن نحو 30 عسكريا من قوات التحالف العربي تم إنزالهم بحرا، فجر اليوم، في أول وصول لقوة عربية برية إلى اليمن.

وبحسب وكالة "الأناضول"، التي أوردت الخبر، نقلا عن مصدر دبلوماسي غربي، فإن 27 يوما فصلت بين إرجاء أول عملية إنزال بري لقوات التحالف في اليمن، والتنفيذ الفعلي، الذي بدأ اليوم الأحد، مضيفا أن هذه العملية كان مخططا لها يوم 7 أبريل/ نيسان، لكنها تأجلت لأسباب "لوجستية".

الهدف.. عدن

يقول الباحث في مركز الدراسات العسكرية اليمني، العميد صالح الأصبحي، إن لهذه العملية هدفين، أحدهما عسكري والآخر سياسي، قبل أن يوضح أن الهدف العسكري، هو ايجاد منطقة آمنة في مدينة عدن، لتكون مرتكزا تنطلق منه قوات التحالف، أما الهدف السياسي فهو توفير موطأ قدم للحكومة اليمنية تدير منه شؤون البلاد، بدلا من إقامتها في العاصمة السعودية، الرياض.

وبحسب خبير دبلوماسي غربي، في تصريح لوكالة الأناضول، فإن عدن ترتبط ببقية المحافظات اليمنية، كذلك العمق الجبلي، بشبكة طرق، ومن ثم فإن من يسيطر عليها يستطيع الاقتحام بريا في اتجاه تلك المحافظات، باستخدام الأسلحة الثقيلة التي تأتيه عن طريق البحر.

بوابة جيبوتي

ويدور مسرح العمليات الرئيسي حول "ميناء عدن" في اليمن، وبحسب المصدر الدبلوماسي الغربي، فإن جيبوتي كانت هي نقطة الانطلاق.

وتقدر المسافة بين جيبوتي وبين ميناء عدن بنحو 240 كيلومترا، وتحظى بأهمية نسبية عن إريتريا، التي يوجد بها ميناء عصب الأقرب إلى ساحل اليمن "تفصلها 60 كلم"، وذلك لأن جيبوتي هي الأقرب لعدن، التي يوجد بها حاضنة شعبية رافضة للحوثيين، إضافة إلى أن بها قواعد عسكرية فرنسية وأمريكية، يجري التنسيق معها بشأن العملية، بحسب العميد اليمني المتقاعد، محسن خصروف.

وتابع المصدر بحسب الأناضول: أنه "رغم أهمية جيبوتي  للأسباب السابقة، إلا أن المسافة القصيرة التي تفصل إريتريا عن اليمن، تتطلب على أقل تقدير تحييدها عن الصراع".

ويقترب مينائي "عصب" و"مصوع" بإريتريا من الموانىء اليمنية، فيفصل الأول عن الساحل اليمني 60 كلم، ويفصل الثاني عن ميناء الصليف باليمن مسافة 350 كلم، ويفصل نفس الميناء الإريتري عن ميناء الحديدة 380 كلم.

ويضيف خصروف، للأناضول: "من بين هذه الموانىء، فإن ميناء الحديدة، يكتسب أهمية كبرى في اليمن، ترجع لكونه ميناء رئيسيا على البحر الأحمر، والمتحكم فيه يستطيع أن يتحكم في نشاط وحركة بقية الموانئ.

ويمكن من خلال وجود قاعدة بحرية فيه منع أي تحركات برية على الأرض تأتي من جهة الشمال، من طرف الحوثيين، كما يمكن أن يمنع أي تحرك بحري إيراني داخل الموانئ الأخرى عن طريق دوريات بحرية تنطلق من هذا المكان، بحسب المصد ذاته.

إريتريا.. ملعب إيران

وتخشى السعودية ودول التحالف من تقديم إريتريا مساعدة للإيرانيين عن طريق موانئيها القريبة من اليمن، لا سيما أن هناك علاقات تربطها بطهران.

ورغم أن إريتريا، إحدى دول جنوب البحر الأحمر، لم تغب عن مشهد التحركات الدبلوماسية بشأن اليمن، إذ أعلنت اعترافها بشرعية الرئيس هادي في 31 مارس/آذار الماضي، إلا أن هناك اتهامات وجهت لها بدعم الحوثيين من خلال الوجود الإيراني في مياهها الإقليمية، ما نفاه المسؤولون الإريتريون أكثر من مرة.

ويقول الباحث في مركز الدراسات العسكرية بوزارة الدفاع اليمنية، صالح الأصبحي: "التواجد الإيراني في إريتريا، لا يقبل الشك، وله شواهد كثيرة، أبرزها دعوة الرئيس الإريتري، أسياس أفورقى، في خطاب له بطهران عام 2008 إيران، لإقامة قواعد لها في منطقة القرن الإفريقي"، غير أن الباحث ذاته لا يستبعد وجود تواصل مع إريتريا من أجل تحييدها على الأقل.

مساعدة أمريكية

وأشار الباحث إلى أن الأسطول الأمريكي المتواجد في منطقة بحرب العرب، نجح الأسبوع الماضي في إثناء 9 سفن إيرانية كانت تتجه إلى مضيق باب المندب عن مواصلة رحلتها، غير أنه لم يستبعد أن يكون هناك تنسيق إيراني مع إريتريا لاستضافة هذه السفن، التي لا تزال في البحر إلى الآن، بالتالي فإن التحالف بقيادة السعودية يهدف إلى تحييدها في الصراع.

ويرى دبلوماسي إريتري، بحسب تقرير الأناضول، أن الدور الذي يمكن أن تقوم به إريتريا قد يتعدى التحييد، إلى لعب دور في الصراع.

وقال الدبلوماسي، الذي فضل عدم نشر اسمه، إن "هذا الرأي يدعمه الزيارة الطويلة الحالية التي يقوم بها الرئيس الإريتري إلى السعودية، وبدأت الاثنين الماضي، كذلك حالة الاحتفاء الملفتة به، فحسب المصدر ذاته، فإن الملك السعودي استقبل أفورقي بنفسه في المطار، كما أن هناك أميران من العائلة المالكة، يصاحباه خلال الزيارة.

مشاركة عربية دولية

وكشف المصدر الدبلوماسي الغربي أن عملية الإنزال يشارك فيها بضعة آلاف من جنود قوات التحالف.

وأوضح أن هناك دورا هاما لواشنطن وباريس في العملية من خلال قاعدتين عسكريتين لهما في جيبوتي، فقد اختصرت واشنطن دورها في تقديم الدعم في المجال الجوي ومراقبة الأجواء، وملاحقة عناصر القاعدة من خلال تعاونها مع السعودية في إطار اتفاقيات التعاون العسكري والأمني بين البلدين، فيما ستسخر فرنسا كل إمكانياتها البحرية في البحر الأحمر لعملية الإنزال.

ومنذ بداية سنة 2002، تتمركز قوات أمريكية في قاعدة "معسكر ليمونيير" في جيبوتي، وتتحدث تقديرات عن أن قوام هذه القوة يتراوح بين 900 و1900 جندي.

وتقع هذه القاعدة على بعد 5 كيلو مترات من مطار جيبوتي، وهي مقر قوة العمل المشتركة في القرن الإفريقي، التي تضم إلى جانب الولايات المتحدة دول حليفة منها فرنسا، وتقوم هذه القوة بمراقبة المجال الجوي والبحري والبري لست دول إفريقية هي: السودان وإريتريا والصومال وجيبوتي وكينيا فضلا عن اليمن ودول الشرق الأوسط.

أما القاعدة الفرنسية في جيبوتي، فهي ملاصقة لمطار جيبوتي، وهي من أقدم القواعد العسكرية الفرنسية في إفريقيا، إذا يرجع عمرها إلى نحو 100 عام، وهي من مخلفات الاستعمار الفرنسي، وكان أحد الشروط الفرنسية للجلاء عن جيبوتي، هو بقاء تلك القاعدة.

المصدر الدبلوماسي الغربي قال إن نحو 150 عسكريا إماراتيا وصلوا إلى القاعدة الفرنسية في جيبوتي للمساعدة في عملية الإنزال البحري الأولى، التي تأجلت، موضحا أن هذه الخطوة جرت بالتواصل بين القاعدة الفرنسية في جيبوتي، ونظيرتها في أبوظبي.

وشوهد بعض هؤلاء الجنود على الأراضي الجيبوتية، وهو يتجول في بالأسواق، وأماكن الترفيه، بحسب مراسل "الأناضول" في جيبوتي.

ما قبل الإنزال

صاحب الإعداد لهذه العملية تحركات دبلوماسية وعسكرية مهمة، بحسب وكالة "الأناضول"، وهي في 27 مارس/ آذار، حدث اتصال هاتفي بين العاهل السعودي والرئيس الفرنسي، فرانسوا أولاند، أكد خلالها الأخير وقوف بلاده مع المملكة في العملية العسكرية باليمن، مبديا استعداد فرنسا لتقديم ما تحتاجه المملكة من جميع النواحي.

وفي 11 أبريل، زيارة أجراها وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، إلى الرياض، التقي خالها العاهل السعودي ووزير الدفاع محمد بن سلمان.

واستعرض بن سلمان مع فابيوس "أوجه العلاقات الثنائية بين المملكة وفرنسا ومجالات التعاون في مستجدات الأحداث في المنطقة، خصوصا في الجمهورية اليمنية" خلال لقاء حضره أيضا رئيس هيئة الأركان العامة، الفريق أول ركن عبدالرحمن بن صالح البنيان، وفق وكالة "واس".

وفي 15 أبريل، حدثت زيارة أجراها وزير الخارجية اليمني، رياض ياسين، إلى جيبوتي، وأجرى خلالها مباحثات مع الرئيس إسماعيل عمر جيلي، تناولت آخر التطورات في الأزمة اليمنية، والجهود المبذولة لإنهائها.. الزيارة كانت الأولى التي يجريها ياسين لدولة في منطقة القرن الإفريقي منذ بدء عمليات التحالف العسكرية في اليمن.

أما في 18 أبريل، أعلن السفير الجيبوتي في الرياض، ضياء الدين بامخرمة، فتح بلاده مجاليها الجوي والبحري أمام قوات التحالف العربي، التي تقودها السعودية في اليمن.

وفي 28 أبريل، استقبلت إريتريا وفودا رفيعة المستوى من السعودية والإمارات تفقدت مينائي "عصب" و"مصوع" وعددا من الجزر الإريترية المتاخمة لليمن، حسب مصادر إريترية مطلعة، وفي نفس اليوم، أجرى الرئيس الإريتري، أسياس افورقي، زيارة إلى الرياض عقد خلالها جلستي مباحثات مع العاهل السعودي وولي ولي العهد.

وتمت اتصالات هاتفية، في 30 أبريل، أجراها الرئيس الجيبوتي مع كل من العاهل السعودي وولي العهد وولي ولي العهد، بينما بدا الهدف من هذه الاتصالات التهنئة بتعيين ولي العهد وولي ولي العهد الجديدين في المملكة، وقالت مصادر دبلوماسية مطلعة إن هذه الاتصالات تناولت كذلك أهمية التنسيق والتعاون على الصعيدين الثنائي والإقليمي وآخر المستجدات بخصوص الأزمة اليمنية، والتحالف الذي تقوده الرياض في اليمن.

وقام الرئيس الفرنسي، بزيارة للدوحة السبت لتوقيع عقد لبيع طائرات من طراز رافال، قبل أن يتوجه إلى الرياض بناء على دعوة من الملك سلمان لحضور قمة دول مجلس التعاون الخليجي، في سابقة هي الأولى لزعيم غربي، فقد تصدر جدول أعمال القمة قضايا مثل التدخل الذي تقوده السعودية في اليمن والحرب الأهلية في سوريا.

وكانت آخر مراحل الإعداد، هي زيارة وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، إلى جيبوتي ليلتقي خلالها "قيادات رفيعة المستوى لبحث التعاون المشترك ودعمهم لجهود الاخلاء (للمواطنين الأمريكيين) من اليمن"، حسبما قال بيان سابق للخارجية الأمريكية.