كانت الساعة تشير إلى انتهاء الدوام الرسمي لعمل الموظفين بمحكمة مصر الجديدة عندما قرر "شريف" المحامي البقاء. غادر الموظفون جميعا المبنى، وبقي أفراد حرس المحكمة يمارسون عملهم.

خطط "شريف" لجريمته واعتزم تنفيذها في جنح الظلام دون أن يراه أحد لكن "حذاؤه" كشف الجريمة وساقه وراء القضبان ليقضي عقوبة السجن لعامين.

القاضي بمحكمة شرم الشيخ المستشار أحمد رشاد يروي تفاصيل الجريمة من ذاكرته بعد عامين على تحقيقها وتقديم الجاني للمحاكمة، وقت كان مدير نيابة النزهة.

كانت جريمة "شريف" هي محاولة تبرئة موكله السعودي الجنسية بطريقة غير مشروعة. وعده موكله بمكافأة 5000 جنيه إن تمكن من كسب القضية، وزعم "شريف" أنه كان بحاجة شديدة للمال لظروف مرض ابنته.

يقول المستشار "رشاد" إن الواقعة حدثت في أكتوبر 2012، وكان وقتها يشغل منصب مدير نيابة النزهة، التي تتواجد بمقر محكمة مصر الجديدة.

يوضح أنه في يوم الحادث كانت الساعة تعدت 11 مساء، وكان وقتها انتهى عرض جميع المتهمين على أعضاء النيابة، وغادر الجميع المحكمة التي لم يظل بها سوى الحرس.

دورة المياه

قال "رشاد" إن حرس المحكمة لاحظ وجود شخص على وجهه علامات الارتباك، وملابسه تحمل آثار أتربة، ما دفعهم للتوجه له وسؤاله عن سبب تواجده بالمحكمة في هذا التوقيت، فأجاب أنه محامي يدعى "شريف"، وأنه كان بحاجة للقاء أحد أعضاء النيابة لإنهاء إجراءات قانونية، ثم طلب منهم السماح له بدخول دورة المياه.

يستكمل: بعد دقائق قليلة، خرج المحامي من دورة المياه، ليدخل خلفه أحد أفراد حرس المحكمة، ويكتشف ملف قضية ألقاه المحامي بدورة المياه، فسارع حرس المحكمة للقبض عليه وإحالته لنيابة النزهة لتولي التحقيق من خلالي.

أوضح "رشاد" أن التحقيقات بيّنت أن المحامي سرق ملف قضية مخدرات متهم فيها شخص سعودي، مستغلا خروج الموظفين من المحكمة وتسلل إلى مقر مكاتب سكرتارية النزهة وفتح "الدولاب" الخاص بملفات القضايا، بواسطة آلة حادة كانت بحوزته.

حذاء "الفضيحة"

انتقل مدير النيابة آنذاك لمقر مكتب السكرتارية لإجراء معاينة، فوجد آثار حذاء على ملفات قضايا وقف فوقها المتهم للتمكن من ارتكاب جريمته، فقرر انتداب المعمل الجنائي لرفع البصمات وتبين أن آثار الحذاء مطابقة لذات مقاس حذاء المتهم، والذي تم تحريزه عقب القبض عليه.

بسبب المرض

المتهم أنكر في تحقيقات النيابة ارتكابه للواقعة، ولكن بعيدا عن التحقيقات الرسمية اعترف لـ"رشاد" بالواقعة، مؤكدا أنه اضطر للسرقة بعدما وعده الرجل السعودي بدفع مبلغ 5 آلاف جنيه إليه مقابل تخليصه من تلك القضية، معللا بأن حاجته الشديدة للمال بسبب مرض ابنته التي كانت تحتاج لإجراء عملية عاجلة، هي التي دفعته لارتكاب جريمة السرقة، وأحيل المحامي للمحكمة التي أمرت بحبسه عامين.