السياسة الخارجية المصرية.. القاهرة تتحرك في كل الاتجاهات
شهدت السياسة الخارجية المصرية تحولا ملحوظا خلال الفترة الأخيرة، خاصة منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة مصر، وتهدف سياسة مصر الخارجية بشكل عام إلى هدفين أساسيين، وهما حماية الأمن القومي المصري وتحقيق التنمية الشاملة، وذلك وفق اعتبارات المصالح المتبادلة بين مصر والدول الأخرى.
قبل ثورة 30 يونيو، هيمنت عدد من الدول، وفي مقدمتها أمريكا، على علاقات مصر الخارجية في كافة المجالات السياسية والاقتصادية، وكذلك العسكرية كما شهدت تلك الفترة إهمالا من الحكومة المصرية للدول الإفريقية والعربية والتي تقع مصر في نطاقها الجغرافي.
وفي خطوة لإحداث التوازن في علاقاتها الخارجية أعلنت زيارات الرئيس السيسي عن توجهات جديدة تجمع بين المصالح المتبادلة والحفاظ على العلاقات التاريخية والروابط الإقليمية.
القارة الإفريقة
عكست الزيارات المتبادلة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والقادة الأفارقة تحولا مشهودا في العلاقات المصرية الإفرقية بعد ما يقرب من 30 عاما على فتورها، حيث جاءت زيارة الرئيس السيسي إلى كل من الخرطوم وإثيوبيا في مارس الماضي خطوة لبحث سبل توطيد العلاقات الثنائية بمزيد من التعاون المشترك.
كما بحث الرئيس السيسي قضية سد النهضة حيث اتفق الأطراف الثلاثة مصر والسودان وإثيوبيا على وثيقة لإعلان مبادئ السد، معلنا التعاون والبناء والتنمية في علاقة مصر مع السودان وإثيوبيا وسعيها إلى تحويل نهر النيل إلى محور للتعاون والإخاء من أجل شعوب الدول الثلاث.
كذلك شارك الرئيس الإثيوبي في المؤتمر الاقتصادي المصري معلنا عن مصير واحد للشعبين المصري والإثيوبي، وجاء ذلك بعد قطيعة للعلاقات مع إثيوبيا منذ محاولة اغتيال الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك عام 1995 وهي القطيعة التي زادت حدتها بتهديد مباشر من الرئيس السابق محمد مرسي للأمن الإثيوبي في لقاء أذيع على الهواء مباشرة.
وشهد شهر نوفمبر من العام الماضي زيارة لرئيس جنوب السودان سيلفاكير إلى القاهرة، حيث عقد ووفده المرافق جلسة مباحثات مع الجانب المصري الذي رأسه الرئيس السيسي، حيث أكد دعمه لحكومة جنوب السودان واستمرار تقديم الدعم لها، كما شهد اللقاء توقيع عدد من مذكرات التفاهم في المجالات المختلفة.
كذلك تعد مصر من أكبر الدول المساهمة بقوات في بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام، حيث تشارك حاليا بنحو 2613 فردا في البعثات الأممية المنتشرة في عدة مناطق ودول بالقارة السمراء، وذلك في اطار استمرار الدور المصري في دعم الأمن والاستقرار داخل القارة الإفريقية.
المحيط العربي
استمرارا للتنوع في العلاقات المصرية الخارجية، حازت الدول العربية على النصيب الأكبر من اهتمامات الحكومة المصرية، حيث شهدت كافة المحافل العربية تمثيلا مصريا على أعلى المستويات وزيارات متبادلة بين مصر والقادة العرب كان من أبرزها زيارة الرئيس السيسي للسعودية وإجراء مباحثات ثنائية مع الملك سلمان، وذلك استمرارا للعلاقات المصرية السعودية في عهد العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
كما برز التعاون المصري السعودي في مشاركة مصر في عاصفة الحزم التي قادتها المملكة للحفاظ على أمنها القومي فضلا عن الأمن العربي.
وشارك الرئيس السيسي في قمة الطاقة المنعقدة في دبي يناير الماضي والتي شدد فيها على أن أمن الخليج خط أحمر، وعلى الجانب الآخر، شهدت القمة الاقتصادية المصرية حضورا من عدد كبير من القادة العرب على رأسهم قادة الأردن والبحرين وحاكم دبي.
وفي إطار استضافتها القمة العربية، تم الاتفاق علي تشكيل قوة عربية مشتركة لمواجهة التحديات الخارجية للدول العربية في خطوة نحو تعزيز العمل العربي المشترك.
ما بين العلاقات الأمريكية الأوروبية
على عكس الهيمنة الأمريكة على علاقات مصر الاستراتيجية والاعتماد عليها خلال فترات الحكم السابقة، أبرزت التوجهات المصرية الخارجية توازنا ملحوظا حيث شهدت تحولا نحو دول أوروبا، خاصة روسيا وقبرص واليونان وإسبانيا.
يظهر ذلك واضحا في زيارتي الرئيس السيسي لروسيا مرة وزيا للدفاع وأخرى رئيسا للجمهورية، كما شهد فبراير الماضي زيارة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى مصر أظهرت توافقا في وجهات النظر بين القاهرة وموسكو في القضايا الإقليمية والدولية، كما تم الاتفاق خلال تلك الزيارات على مزيد من التعاون في كافة المجالات، خاصة المجال العسكري.
واعتبر مراقبون مصريون ودوليون توجه مصر إلى موسكو بديلا عن واشنطن إلا أن الأخيرة تؤكد دائما عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وهو ما قامت على أثره برفع الحظر عن المساعدات الأمريكية لمصر بدعوى حماية المصالح المشتركة.
دول آسيا
دخلت مصر وشركاؤها الآسيويون في علاقات جديدة تمثلت في التعاون الاقتصادي على أساس المنفعة المتبادلة، وتحويل ذلك التعاون من علاقة بين الحكومات فقط إلى علاقة تستوعب قوى المجتمع الاقتصادي ككل وفي مقدمتها رجال الأعمال.
ويظهر ذلك في زيارات الرئيس السيسي لدول القارة الأسيوية، وهو ما تمثل في زيارته إلى اليابان والصين والتي وصفت بالناجحة على كافة المستويات حيث شهدت التوقيع على العديد من مذكرات التفاهم في مجالات عديدة أبرزها مجال النقل.
وفي نفس السياق توجه وفد مصري يرأسه رئيس مجلس الوزراء إبراهيم محلب إلى العاصمة الإندونيسية جاكرتا للمشاركة في أعمال القمة الإفريقية الاسيوية يجري خلالها مباحثات ثنائية لدعم العلاقات المشتركة.