التوقيت السبت، 23 نوفمبر 2024
التوقيت 02:16 ص , بتوقيت القاهرة

فيديو| "مجزرة سطيف".. الحرية تسطع على جثث الجزائريين

 


"ما أخذ بالقوة لايسترد إلا بالقوة".. هكذا أدرك الشعب الجزائري أن المستعمر الفرنسي لا يفهم لغة الحوار، وكل وعوده بالمساواة والديمقراطية هي شعارات كاذبة، فكانت تظاهرات "8 مايو"، التي تحولت بعد ذلك إلى "مجزرة سطيف"، الشرارة التي مهدت للثورة الجزائرية، اليوم تحل الذكرى السبعين للمجزرة التي قتل فيها عدد كبير من الجزائريين خلال الاستعمار الفرنسي.


مقتل أكثر من 50 ألف جزائري، كان حصيلة عمليات قتل واسعة النطاق شهدتها بلدة سطيف، التي تقع غرب قسنطينة، بعد خروج مجموعة من الجزائريين احتفالا بانتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، التي اعتبرها الفرنسيون بداية لمظاهرة وثورة ضدهم.


قبل المجزرة


بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945، سعى حزبي أحباب البيان والحرية الجزائريان، لتنسيق العمل وتكوين جبهة موحدة، عبر موجة دعاية تدعوا الناس إلى التحمس لمطالبهم.


وقد أسفر عن مؤتمر لأحباب البيان المطالبة بإلغاء نظام البلديات المختلطة، والحكم العسكري في الجنوب، وجعل اللغة العربية لغة رسمية، ثم المطالبة بإطلاق سراح مصالي الحاج.


وقد أدى هذا النشاط الوطني إلى تخوف الفرنسيين، وحاولوا توقيفه عن طريق اللجان التي تنظر إلى الإصلاح، وكان انشغالهم بتحرير بلدهم قد أدى إلى كتمان غضبهم، وظلوا يتحينون الفرص بالجزائريين، وهم مؤمنون بضرورة القضاء على الحركة الوطنية.


فرنسا التي لا تفي بعهودها


وعدت حكومة فرنسا الجزائريين بالاستقلال، إن شاركو معهم في الحرب العالمية الثانية، ما حدث بالفعل، فقد كان الجنود الجزائريون في الصف الأول في الحرب كدروع بشرية للفرنسيين.


بعد انتصار الحلفاء في الحرب خرج الشعب الجزائري في الأول من مايو في مظاهرات سلمية للتعبير عن فرحه، مناديا بإطلاق سراح مصالي الحاج، الذي يعرف في الجزائر بـ"أبو الأمه"، واستقلال الجزائر مستنكرين الاضطهاد ورافعين العلم الوطني الذي أُنتج خصيصا لهذه المناسبة، منتظرين من المحتل أن يفي بوعده.



لكن قوبلت هذه المظاهرات بالعنف، بعدما ادعى الفرنسيون أنهم اكتشفوا "مشروع ثورة" في ولاية بجاية، خصوصا بعد مقتل شرطيين في العاصمة، فسقط نتيجة العنف أول ضحية لإطلاق الرصاص الحي، وهو "بوزيد سعال".


"المصيدة" ويوم المجزرة الكبرى


بعد احتفالات الأول من مايو، بدأت حملات الاعتقال والقتل المنظم بحق الجزائريين، إلى أن تم الإعلان عن الاحتفال الرسمي يوم 7 مايو، بعدما شرع المعمرون في تنظيم مهرجان الأفراح، ونظم الجزائريون مهرجانا خاصا بهم ونادوا بالحرية والاستقلال، بعد أن تلقوا إذنا من الإدارة الفرنسية للمشاركة في احتفال انتصار الحلفاء.



وكان رد الفرنسيين على المظاهرات التي نظمها الجزائريون، هو ارتكاب عدد من المجازر استعملوا فيها القوات البرية والجوية والبحرية، متبعين أسلوب القمع والقتل الجماعي، ما أسفر عن سقوط أكثر من 45000 قتيل جزائري، ووصلت الإحصاءات الأجنبية إلى تقديرات أفظع بين 50000 و70000 قتيل من المدنيين، إضافة إلى تدمير قرى ومدن بأكملها.



تبعات المجزرة


عام كامل دام فيه القمع، بعدما تم حل أحزاب أحباب البيان والحرية، وأعلنت الأحكام العرفية في البلاد، وقصف الطراد "دوفي- تروين" دواوير بلديتي تاكينونت ووادي المرسى المختلطتين، إضافة إلى حملة اعتقالات جماعية، وتقييد مسؤولو أحباب البيان وحزب الشعب والنقابات وقدماء المحاربين وتقديمهم إلى المحاكم العسكرية.



فيما نفي المناضل الجزائري، مصالي الحاج، إلى إفريقيا الوسطى، وتم تطبيق عدالة عرفية بلا تحفظ، ونقلت جثث الفلاحين المعدومين إلى مقبرة قسنطينة وتركت هناك دون دفن.


طريق الاستقلال


واستمرت حملات العنف الفرنسي تجاه المدنيين الجزائرين، تارة تلين وتارة تشتد، إلى أن أعلنت نتائج استفتاء يوليو بالموافقة علي الاستقلال بالأغلبية، حين بعث الرئيس الفرنسي آنذاك،  شارل ديجول، إلى رئيس الهيئة التنفيذية المؤقتة للجمهورية الجزائرية، عبدالرحمن فارس، رسالة تحمل الاعتراف باستقلال الجزائر. واعتبر يوم الاثنين 5 يوليو 1962 التاريخ الرسمي لاسترجاع السيادة الوطنية الجزائرية التي سلبت في ذات اليوم من سنة 1830.