التوقيت الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024
التوقيت 01:39 ص , بتوقيت القاهرة

ماذا يحدث داخل العقل البشري عند الإقدام على القتل؟

اتخاذ قرار إنهاء حياة حياة شخص والإقدام على قتله ليس أمرا سهلا بالنسبة للقتلة ومرتكبي الأعمال الوحشية كما يتخيل البعض، فحسبما أظهرت نتائج دراسة ،فإن العقل البشري مصمم للانفعال مع مشاعر الشفقة والذنب والألم والتعاطف، الذي يدفعه لمعاناة تشبه تلك التي يمر بها الضحية نفسه.


وفي هذا الإطار، أعدت باسكال مولنبيرج، أستاذة علم النفس بجامعة موناش الأسترالية، دراسة حول ردود فعل العقل البشري تجاه الإقدام على ارتكاب أعمال قتل، وأثاره المعنوية على الشخص الذي يقدم على ذلك، عن طريق عرض 3 سيناريوهات لوقائع قتل مختلفة على 48 جنديا، طلب منهم الخضوع لتصوير وظيفي للمخ بالرنين المغناطيسي.


السيناريو الأول، يقدم فيه جندي على قتل أحد المقاتلين في صفوف العدو، والثاني، يقدم فيه الجندي على قتل شخص مدني، والسيناريو الأخير، يستخدم فيه الجندي سلاحه كوسيلة للسيطرة على الموقف ويطلق الرصاص دون أن يصيب أحد، وفي جميع الحالات يشاهد على الشخص الخاضع للدراسة مقاطع الفيديو من وجهة نظر مطلق الرصاص.


في نهاية كل مقطع فيديو، يُطرح سؤالا على المشاهد، عن هوية الشخص الذي تعرض لإطلاق الرصاص، وعليه أن يحدد اختيار واحد من 3 اختيارات، هي جندي أم مواطن مدني أم لا أحد، كما طُلب منهم تقييم مدى شعورهم بالذنب تجاه كل سيناريو، بالدرجات من 1 إلى 7.


كما تركت الدراسة على نشاط "القشرة الأمامية المدارية" بالمخ، وهي منطقة بالجزء الأمامي من الدماغ، مسؤولة عن المشاعر والأحكام الأخلاقية واتخاذ القارارت اللازمة عن إصدار كل تصرف، بالإضافة إلى ملاحظة "التقاطع الصدغي الجداري" بالمخ، الذي يتحمل أيضا جزء من المسؤولية الأخلاقية، الناتجة عن اتخاذ قرار تعمد إصدار قرار معين، لكنه لا يكون له تأثير في الواقع، ففي جميع الأحوال يموت الضحية الذي تعرض لإطلاق نار، لكنه يترك أثرا كبيرا على محاسبة الشخص لنفسه، بعد الإقدام على أي تصرف.


وأشارت نتائج دراسة مولنبرج، إلى أن ارتفاع نشاط "القشرة الأمامية المدارية" بشكل ملحوظ عند تخيل الأشخاص الخاضعين للدراسة أنهم أطلقوا الرصاص على مدنيين أكثر من الجنود، كما أن درجة نشاط "التقاطع الصدغي الجداري" ترتبط بشكل كبير بدرجة الشعور السيء الذي أحس به الأشخاص الخاضعين للدراسة، التي قيموها بالدرجات من 1 إلى 7. كما أشارت نتائج الدراسة إلى زيادة نشاط المخ عن الأشخاص الذين انتابهم شعور أكبر بالذنب.


ما سبق يوضح أن النتائج، التي نشرتها مجلة علم الأعصاب العاطفي والمعرفي الاجتماعي، تشير إلى أن الشخص يكون أكثر هدوءا عندما يقدم  عل عملية قتل يشعر أنها مبرره، وهو ما أوضحته ردود فعل المشاركين بالدراسة حول قتل الجنود. وأكدت الدراسة أيضا أن الجنود والقتلة السيكوباتيين يحملون بداخلهم نوعين مختلفين من المشاعر، إلا أنهم جميعا يمتلكون نفس المنطقة من الدماغ، التي تتشابك فيها الجذور العصبية للقتل والأخلاقيات، ولوكانت بطرق مختلفة، وهو ما قد يساعد علماء النفس والجريمة على التكهن بجرائم القتل ومنعها قبل وقوعها.