مهام القوة العربية المشتركة وضوابطها؟
لا ينبغي الربط بين الأزمة اليمنية والقوة العسكرية العربية المشتركة التي وافقت قمة شرم الشيخ على تشكيلها من حيث المبدأ، وعهدت إلى رؤساء أركان حرب الجيوش العربية بحث تشكيل هذه القوات ومهامها ودورها فى محاربة الإرهاب وعلاقتها بالشرعية الدولية والشرعية الدستورية في أي بلد عربي تعمل فيه هذه القوات، وضمانات عدم خروجها عن مهامها كما حدث من القوات السورية عندما دخلت إلى لبنان بتفويض عربي للمساعدة على حماية المسيحيين، لكنها تحوّلت إلى قوة احتلال طالب الشعب اللبناني برحيلها.
ولأن القوة العربية المشتركة لن يكون من مهامها التدخل في الشأن الداخلي لأي بلد عربي وتنحصر مهمتها في أمرين اثنين فقط، مساعدة أي بلد عربي فى حربه على الإرهاب فى إطار بنود معاهدة الدفاع العربي المشترك، والاشتراك ضمن منظومة العمل العربي الجماعي، دفاعا عن الأمن القومي إذا وقع عدوان خارجي على أي بلد عربي.
وأغلب الظن أن المشروع العربي لإنشاء قوة عربية مشتركة تساعد على حصار الإرهاب وتصفيته سوف يماثل في خطوطه العريضة مشروع الاتحاد الإفريقي لإنشاء قوة عسكرية إفريقية مشتركة تنحصر مهامها في المساعدة على حصار وتصفية منظمة بوكو حرام النيجيرية الإرهابية، التي ترتكب جرائم وحشية لا تقل وحشية عن جرائم داعش في نيجيريا وتشاد ومالي، لأن المجتمع الدولي تخاذل في تقديم العون للأفارقة كى يتمكنوا من حصار وهزيمة بوكو حرام كما تخاذل فى مواجهة منظمة داعش الليبية عندما طلبت مصر وليبيا من مجلس الأمن التدخل لانهاء الفوضى الضاربة أطنابها فى ليبيا، لكن مجلس الأمن امتنع عن مساعدة ليبيا على مواجهة داعش رغم التزامه بالحرب على داعش سوريا والعراق وتقويض قدراتها العسكرية.
والواضح من قرارات القمة العربية في منطقوها الأخير كما صدر فى إعلان شرم الشيخ، أن خطة تشكيل القوة العربية التي سوف يقترحها اجتماع رؤوس أركان الجيوش العربية لن يتم إقرارها فقط من مجلس وزراء الدفاع والخارجية العرب، كما كانت تقول توصية وزراء الخارجية العرب في إطار مشروع جدول أعمال القمة، وإنما سوف يتطلب الأمر إجراء سلسلة من المشاورات الجديدة مع القادة والرؤساء العرب حول الصورة النهائية لمشروع تشكيل القوة بعد إقراره من رؤساء الأركان وقبل عرضه على مجلس وزراء الخارجية والدفاع المشترك لإقراره بصورة نهائية.
ويعتقد وزير الخارجية المصري سامح شكري أن هذا التعديل الذي تم في اللحظة الأخيرة من القمة العربية على مشروع وزراء الخارجية العرب يستهدف استكمال أبعاد الرؤية السياسية للمشروع بعد انتهاء دراسته عسكريا وتنظيميا من جانب رؤساء أركان حرب الجيوش العربية.
والواضح أيضا من طبيعة الخلاف بين تشكيل القوة العربية المشتركة، وتشكيل التحالف السعودي الذي يحارب الحوثيين في اليمن، ويضم مصر والمغرب والأردن والسعودية إلى جوار دول الخليج، لأن القوة العربية المشتركة سوف تبقى جزءا من مؤسسة القمة العربية، تعمل في إطار معاهدة الدفاع المشترك، وتلتزم بأحكام القانون الدولي وتؤدي مهامها في أي بلد عربي بناء على طلب من الحكومة المعنية ممثلة في سلطتها الشرعية، في إطار قرار من القمة العربية المخولة وحدها بحق تكليف القوة العربية المشتركة بالمهام التي تقوم بها، أما قوات التحالف السعودي التي تحارب الحوثيين في اليمن فأمرها معلق بالسعودية التي دعت إلى تشكيل هذا التحالف والسلطة الشرعية في اليمن التي طلبت من السعودية ودول الخليج لإنقاذ الشرعية الدستورية من عدوان الحوثيين عليها.
ولا تزال العمليات العسكرية لقوات التحالف التي تحارب الحوثيين وقفا على عمليات القصف الجوى لمواقع الحوثيين في صنعاء وعدن بامتداد حدود اليمن والسعودية، حيث نشر الحوثيون منصات صواريخ بلاستيكية متوسطة المدى بهدف تهديد الرياض وأمن السعودية، كانت أول الأهداف التي دمرها القصف الجوي لقوات التحالف، إضافة إلى الدوريات البحرية التي تقوم بها قطع الأسطول المصري في باب المندب وجنوب البحر الأحمر.
وبرغم أن المصريين لم يمانعوا في إمداد قوات التحالف بقوات أرضية "إذا لزم الأمر"، إلا أن الخيار الاستراتيجى لقوات التحالف يعتمد الآن على القصف الجوي أولا لعل الحوثيين يرتدعون ويتوقفون عن عدوانهم، ويؤكدون قبولهم لتسليم الأسلحة الثقيلة التي تحصلوا عليها من معسكرات الجيش اليمني كي يصبحوا طرفا في مفاوضات تتم في الرياض يدعو لها خادم الحرمين الملك سلمان، ويحضرها كل الأطراف اليمنية للاتفاق على تنفيذ مبادئ المصالحة اليمنية التي وضعت خطوطها العريضة الدول الخليجية.