التوقيت الإثنين، 25 نوفمبر 2024
التوقيت 11:14 م , بتوقيت القاهرة

ميلاد جديد للأمة العربية

أجمل ما في مؤتمر القمة العربية أن العرب أخيرًا قرروا أن تكون مبادرتهم وقراراتهم في أيديهم، وليس في أيدي قوى أخرى مهما كبرت فللشعوب العربية مصالحها الكبرى، فالعالم العربي وفي هذه اللحظة التاريخية وبعد سبعين عامًا من إنشاء الجامعة العربية، ربما وصل إلى درجة النضوج والإدراك بأن الشعوب العربية ليست لها إلا بعضها البعض أمام الأخطار التي تواجهها، وأن مصالحها الحقيقية هي أن تتكاتف وتأخذ زمام المبادرة، ولا تجعل القرارات تنهال عليها لتنقذها هي.


لا بأس أن يتم التنسيق مع قوة إقليمية أو دولية لأن العالم العربي ليس وحده بل هناك شعوب أخرى وسياسات أخرى، ولكن بشرط أن يظل القرار قرارًا عربيًا صرفًا فيما يخص المصالح العربية . الوطن العربي يشهد الآن عملا عربيا مشتركا وأعني التعاون العسكري والسياسي الذي يُبنى على رؤية متقاربة، وهذا عادة لا يكون إلا بعد تفاهمات على أعلى مستويات صناعة القرار.


ربما من محاسن ظهور داعش وجماعات متطرفة أخرى والحوثيين أن العالم العربي أدرك أخيرًا أن عليه أن يتحرك بنفسه بعد أن باتت عواصمه مهددة من عصابات تقف وراءها دولٌ لا تريد خيرًا لبلادنا العربية بل تنتظر لحظة "التهامنا "؛ لذلك لابد من اتخاذ إجراء يقف سدا منيعا في مواجهة أي مخططات تحاول أن تجعل من دول وطننا العربي دولا تنشغل في صراعات داخلية ومعارك تشغلها عن تنمية مواطنيها وأوطانها.


الشعب العربي من أقصاه إلى أقصاه فتحت أمامه أبواب الأمل أن هناك من لا يرضى لأمتنا إلا ما يُعزز وحدتها ويقودها إلى مرحلة جديدة من التضامن الذي دائما ما كنا نسعى إليه ونراه واقعا ملموسا غير مسبوق، بعد أن أصبحنا بحالة ملحة لها لانتشال الوضع العربي من حالة اليأس واللامبالاة التي يعيشها.


إن قرار القمة العربية بتأسيس قوة مشتركة، وكذلك العمل العربي المشترك ضد الحوثيين، والذي يجري الآن في اليمن هي قرارات صائبة رغم تأخرها الذي ظهر بين أغلب الدول العربية مع الأقطار التي تحيط بنا من كل جانب تعطي دفعة جديدة متجددة وفكرًا جديدًا للعمل المشترك والترابط المشترك بين جميع الدول العربية، ولا نعود إلى الماضي المرتبط للأسف بدسائس ومؤامرات من وعلى الجسد العربي.


القمة العربية أول قمة عربية يشعر المواطن العربي بجدواها. أول قمة لها قرار عربي ينزل إلى أرض الواقع قبل أن يكتب على الورق ويحفظ في ملفات الجامعة العربية.


وقد ختمها الرئيس المصري كما لم يفعل قائد عربي منذ سنوات بعيدة بترديد جملة تشبه الهتاف "تحيا الأمة العربية" ثلاث مرات. هتاف قوي منح المترددين واليائسين من عروبتهم بريقَ الأمل حتى لو كان لفظيًا، والتمسك بخيار العروبة الذي يضخ دماء الأمل والتضامن في شرايين العمل العربي المشترك. فهذا يعني أننا نستطيع توحيد وجهات النظر السياسية والاقتصادية بما يخدم تطلعاتنا ويحقق أهدافنا.