"القوة العربية المشتركة" .. حلم العرب منذ 6 عقود
عندما كانت الهزيمة هي حليفهم في حرب فلسطين عام 1948، قرر زعماء الدول العربية تأسيس مجلس الدفاع المشترك للجامعة العربية، وهي مؤسسة أُنشئت بموجب شروط معاهدة الدفاع العربي المشترك عام 1950، لتوحيد وتنسيق الجهود والتعاون العسكري والاقتصادي بين الدول العربية.
وجاء في بنود تلك المعاهدة:
1. أن تختص اللجنة العسكرية الدائمة للمجلس بإعداد الخطط العسكرية لمواجهة جميع الأخطار المتوقعة أو أي اعتداء مسلح يمكن أن يقع على دولة أو أكثر من الدول المتعاقدة أو على قواتها، وتستند في إعداد هذه الخطط على الأسس التي يقررها مجلس الدفاع المشترك، وعليها تقديم المقترحات لتنظيم قوات الدول المتعاقدة ولتعيين الحد الأدنى لقوات كل منها -حسبما تمليه المقتضيات الحربية وتساعد عليه إمكانيات كل دولة.
2. تقديم المقترحات لاستثمار موارد الدول المتعاقدة الطبيعية والصناعية والزراعية وغيرها، وتنسيقها لصالح المجهود الحربي والدفاع المشترك، وتنظيم تبادل البعثات التدريبية وتهيئة الخطط للتمارين والمناورات المشتركة بين قوات الدول المتعاقدة.
3. يجوز للجنة العسكرية الدائمة تشكيل لجان فرعية دائمة أو مؤقتة من بين أعضائها، لبحث الموضوعات الداخلة في نطاق اختصاصاتها، ولها أن تستعين بالأخصائيين في أي موضوع من هذه الموضوعات، ترى ضرورة الاستعانة بخبراتهم أو برأيهم فيه.
4. رفع اللجنة العسكرية الدائمة تقارير مفصلة عن نتيجة بحوثها وأعمالها إلى مجلس الدفاع المشترك المنصوص عليه في المادة السادسة من هذه المعاهدة، كما ترفع إليه تقارير سنوية ما أنجزته خلال العام من هذه البحوث والأعمال.
5. تكون القاهرة مقراً للجنة العسكرية الدائمة، وللجنة مع ذلك أن تعقد اجتماعاتها في أي مكان آخر تعينه، وتنتخب اللجنة رئيسها من بين أعضائها لمدة عامين، ويمكن تجديد انتخابه، ويشترط في الرئيس أن يكون على الأصل من الضباط القادة من الضباط العظام.
6. تكون القيادة العامة لجميع القوات العاملة في الميدان من حق الدولة التي تكون قواتها المشتركة في العمليات اكثر إعدادا وعدة من كل من قوات الدول الأخرى، إلا إذا تم اختيار القائد العام على وجه آخر بإجماع آراء حكومات الدول المتعاقدة، ويعاون القائد العام في إدارة العمليات الحربية هيئة أركان مشترك، ويعتبر أي عدوان على أي دولة موقعة على البروتوكول عدواناً على باقي الدول وأي مساس بدولة من الدول الموقعة على البروتوكول مساساً صريحاً بباقي الدول الموقعة على البروتوكول".
واشترك في توقيع المعاهدة كل من المملكة الأردنية الهاشمية، والجمهورية السورية، والمملكة العراقية وقتها، والمملكة العربية السعودية، والجمهورية الفلسطينية، الجمهورية اللبنانية، والمملكة المتوكلية اليمنية، والمملكة المصرية.
وكان أول تفعيل لتلك الوثيقة في حرب الخليج الثانية عام 1990، عندما اجتاحت القوات العراقية دولة الكويت، فأعلنت مصر في 24 يناير عام 1991، عن قرار إرسال وحدات عسكرية مع الدول العربية الأخرى، للدفاع عن دولتي الكويت والمملكة السعودية، اللتان كان يشكل عدوان العراق خطرا على أراضيها وعلي آبار النفط بها، وتم تفعيلها مرة أخرى في حرب 1973، عندما شاركت 9 دول عربية جيش مصر وسوريا في حربهما على احتلال القوات الإسرائيلية لأراضيهما العربية.
وبمرور 65 عاما على إصدار تلك الاتفاقية، التي قلما استخدمت، طالبت عديد من الدول العربية بتكوين قوة عربية مشتركة، وهو ما اعتبره زعماؤها حاجة ملحة بعد الأخطار التي أحاطت بالمنطقة في الفترة الماضية، وأخرها سيطرة الحوثيين على نظام الحكم في اليمن بعد الانقلاب على السلطة هناك، ما جعل الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي يطالب الدول العربية بالتدخل عسكريًا.
وعليه استجابت 5 دول خليجية على رأسها السعودية، إلى جانب الإمارات، البحرين، قطر، و الكويت لطلب الرئيس اليمني، وأعلنت مساء الأربعاء الماضي، عن عملية عسكرية تسمى "عاصفة الحزم"، لتخليص اليمن من الميليشيات الحوثية، المدعومة من إيران، ثم انضمت إليها مصر والأردن وباكستان والسودان.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، السفير بدر عبدالعاطي، إن القوة العربية المشتركة أقر وزراء الخارجية العرب مشروع قرار بشأنها أمس الأول، ورفعوه للقمة العربية، التي تستضيف مصر دورتها الحالية، اليوم السبت، مؤكدًا أنها ستكون قوة دائمة وأن كافة الموضوعات المتعلقة بها ستخضع للنقاش على مدار الأشهر الثلاثة القادمة.
وأوضح أن المشاركة في القوة العربية المشتركة سيكون طوعا من جانب الدول وليس إجباريا وأن الأمر متروك لكل دولة أن تتخذ قرار مشاركتها بها، وستضطلع القوة بمهام التدخل العسكري السريع وما تكلف به من مهام أخرى لمواجهة التحديات التي تهدد أمن وسلامة الدول الأعضاء وسيادتها الوطنية.
ومن المقرر أن تبدأ الاتفاقية بـ 5 دول هي: "مصر والسعودية و الإمارات و الكويت و الأردن"، وستنضم إليها دول أخرى تباعاً.
من ناحيته، وصف الأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربي، مشروع قرار إنشاء القوة العربية المشتركة، بالحدث التاريخي، نظرًا للمخاطر الجسيمة التي تعرضت لها الأمة العربية مؤخرًا، ولم يتم التحرك لمواجهتها بشكل جماعي، وطالب "العربي" الدول العربية بتضمين وزراء الداخلية أيضًا في الاجتماع، وإشراكهم في القوة العربية، والتعاون بشكل دولي لمكافحة الإرهاب الداخلي.
وعالميًا رأت وكالة "أسوشيتدبرس" الأمريكية أن القادة العرب الذين يجتمعون اليوم في شرم الشيخ يقتربون أكثر من أي وقت مضى من إنشاء قوة عسكرية عربية مشتركة، في إشارة إلى الإصرار الجديد من جانب السعودية ومصر وحلفائهما للتدخل بقوة في مناطق ملتهبة إقليميا، سواء لمواجهة المسلحين الإسلاميين أو ضد انتشار القوة الإيرانية.
وأوضحت الوكالة أن إنشاء تلك القوة كان هدفا منذ وقت طويل استعصى على الدول العربية خلال 65 عاما منذ أن وقعوا اتفاقية الدفاع المشترك التى نادرا ما تُستخدم، ويبقى هناك تردد بين بعض الدول، لاسيما حلفاء إيران مثل سوريا والعراق في انعكاس للانقسامات في المنطقة.