التوقيت السبت، 23 نوفمبر 2024
التوقيت 05:54 ص , بتوقيت القاهرة

القمة العربية وتحديات الإرهاب

قوة عربية مشتركة أم قوات تدخل سريع؟!


هل ترتفع القمة العربية التي تنعقد في شرم الشيخ إلى مستوى التحديات الضخمة التي تواجه العالم العربي، وتتجاوز جدول أعمالها التقليدي الذي يضم بنودا عديدة مل الجميع من تكرارها في صورة توصيات معادة أغلبها يبقى مجرد حبر على ورق؟!


الآمال كبيرة هذه المرة في قمة عربية مختلفة، تشهد حضورا ضخما وعلى مستوى عال، تنعقد في مصر لأول مرة منذ عشرين عاما وسط تحديات بالغة الخطورة، ويترقب نتائجها شعوب العالم العربي التي تعاني القلق والخوف والانقسام وغياب الأمل في غد أفضل، بسبب موجة إرهاب عاتية لم  يشهد لها التاريخ العربي والإسلامي مثيلا، ضيعت استقرار العراق وسوريا واليمن وليبيا، وتهدد أمن جميع الدول العربية من الخليج إلى المحيط دون استثناء، وتمكنت من السيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي العراقية والسورية لتعلن قيام دولة "داعش" التي تحتل أراضي أربعة محافظات عراقية وثلاثة سورية، وترتكب باسم أمير المؤمنين،لا حفظه الله، أبو بكر البغدادي جرائم بالغة الوحشية هدفها ترويع العالم أجمع، قبحت صورة الاسلام في أذهان الجميع.


وبرغم جدول أعمال القمة المثقل ببنود عديدة، ثمة تأكيدات من الأمين العام للجامعة العربية د/ نبيل العربي بأن القمة سوف تركز على موضوع أساسي هو الإرهاب، تستغرق الجلستان السريتان بعد الجلسة الافتتاحية  مناقشة سبل حماية وصون الأمن العربي من خطر منظمات الإرهاب، وضرورة إنجاز كافة التدبير العاجلة على المستويين الوطني والقومي لحصار هذه المنظمات وتصفيتها من خلال العمل العربي الجماعي على جميع المستويات الأمنية والسياسية والدفاعية، في إطار استراتيجية عربية موحدة تعمل على تجفيف منابع الإرهاب الفكرية ومصادر تمويله، وتتضمن تشكيل قوة ردع  تكون عونا للدول العربية في حربها على الإرهاب، مع التركيز علي تطوير القدرات الأمنية في كل بلد عربي وتحديثها بما يمكنها من مواجهة إخطار هذه الجماعات، إضافة إلي شبكة إنذار مبكر تساعد على تبادل المعلومات وتنسيق خطط العمل المشتركة.


ولأن الدراسة المعمقة التي أنجزتها الجامعة العربية حول ظاهرة الإرهاب ودوافعها، وصولا إلى داعش بالتعاون مع الخارجية المصرية ومعاهد الدراسات الاستراتيجية العربية ومكتبة الإسكندرية ومشيخة الأزهر، إضافة إلى عدد كبير من الخبراء العرب والمصريين،  أكدت الحاجة الملحة إلى استراتيجية عربية شاملة توحد جهود عربية كثيرة ومبعثرة في هذا المجال، تتمثل في الخطة الاستراتيجية لمكافحة الإرهاب التي أقرها وزراء الداخلية العرب عام 97 وملاحقها المتمثلة في الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب عام 1999 واتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود عام 2001 وإعلان مراكش الذي صدر عام 2014، بحيث تنطوي الاستراتيجية الجديدة علي عدد من البدائل المهمة تنظرها قمة شرم الشيخ، خاصة ما يتعلق منها بتشكيل قوة عسكرية مشتركة تقدم العون للدول العربية في حربها على الإرهاب، وهل تتمثل في قوة ثابتة تشارك فيها الدول العربية كما حدث في الاتحاد الإفريقي الذي أقر أخيرا تشكيل قوة موحدة تسهم فيها كل دولة أفريقية في حدود كتيبة، وبينها 9 دول عربية أكدت التزامه بالقرارا، أم تكون قوة تدخل سريع خفيفة الحركة عالية المهارة مؤهلة لخوض حرب عصابات مع جماعات التطرف في أي موقع عربي.


لكن الواضح أن ثمة اتفاقا عربيا على أن يكون مجلس السلم والأمن التابع للجامعة العربية الركيزة الأساسية لعمل هذه القوات التي يمكن أن تجد صيغة تشكيلها القانونية في اتفاقية الدفاع المشترك، وأيا كانت الخيارات، فالأمر المؤكد أن ثمة توافقا عربيا على ضرورة وجود رد فعل جماعي عربي على الإرهاب يحصن الأمن القومي العربي ويقدم العون لأي دولة تحتاجه.


وبرغم تركيز القمة على قضية الإرهاب ثمة ثلاث قضايا هامة تنظرها قمة شرم الشيخ:

أولها تطورات القضية الفلسطينية بعد نجاح تحالف الليكود في انتخابات الكنست الأخيرة، وتكليف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتشيكل الحكومة الجديدة رغم "لاءاته" الثلاثة التي علنها خلال حملته الانتخابية، لا للدولة الفلسطينية ولا للانسحاب من أية أراض جديدة ولا لوقف أوتجميد الاستيطان في أي شبر من أراضي الضفة، الأمر الذي أثار ردود افعال غاضبة علي المستويين الأوربي والأمريكي، وألزم إدارة الرئيس الأمريكي أوباما مراجعة سياساتها في الشرق الأوسط، والعودة إلى مجلس الأمن لتحصين قرار إنشاء دولة فلسطينية إلى جوار دولة إسرائيل من عبث صقور الليكود.


وبرغم محاولة نتنياهو التخفيف من حدة تصريحاته، إلا أن الرئيس الأمريكي أوباما رفض محاولة تصحيح مواقف رئيس الوزراء الإسرائلي لأنه وضع لهذا التصحيح شروطا يستحيل قبولها الأمر الذي زاد من تعقيد العلاقات الأمريكية الاسرائيلية، إما علي النطاق الأوربي فثمة تفكير جاد في عقاب إسرائيل وإلزامها وقف كل صور الاستيطان واستئناف التفاوض مع الفلسطينيين.

والواضح أن القمة العربية سوف تساند على نحو كامل خطط السلطة الوطنية الفلسطينية في تعزيز اعتراف الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية، والذهاب إلى المحكمة الجنائية للنظر في جرائم الحرب التي ارتكبها قادة إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني خاصة في قطاع غزة.


كما أصبح مؤكدا أن تنظر قمة شرم الشيخ الوضع الفوضوي في اليمن الذي نتج عن هجوم الحوثيين على العاصمة صنعاء وحصار مقر رئيس الجمهورية، وإلزام الرئيس عبد ربه نقل مقر الحكم إلى عدن في ضوء رؤية وقرارات مجلس التعاون لدول الخليج، ولأن من بين حضور قمة شرم الشيخ السلطة الشرعية في ليبيا ممثلة في الحكومة والبرلمان المنتخب، تناقش قمة شرم الشيخ أسباب تعثر الحوار الوطني الليبي وفرص تسليح الجيش الوطني الليبي كي ينهض بمهمته دفاعا عن وحدة الدولة والتراب الليبي.


ويظل السؤال الأساسي، هل ترتفع القمة إلى حدود آمال الشعب العربي وسط هذه التحديات الضخمة مربط الفرس ينتظر نتائج اجتماعات شرم الشيخ؟