التوقيت الأربعاء، 06 نوفمبر 2024
التوقيت 01:30 ص , بتوقيت القاهرة

مصر وسد النهضة

سافر الرئيس السيسي إلى العاصمة السودانية الخرطوم، وهناك وقع على إعلان مبادئ بين مصر وإثيوبيا والسودان حول سد النهضة. ثم انطلق السيسي بعد ذلك إلى إثيوبيا في زيارة تستهدف دعم العلاقات الثنائية معها.


سد النهضة بالتأكيد هو الموضوع الأساسي في الزيارتين. وهو السد الذي استغلت أثيوبيا حالة عدم الاستقرار التي شهدتها مصر بعد أحداث 25 يناير 2011، وبدأت في بنائه. السد أصبح واقعا على الأرض بعد اكتمال ما يقرب من 32% من بنائه على النيل الأزرق، والذي ينبع منه الجانب الأكبر من حصة المائية.


إثيوبيا لها موقف من توزيع مياه النيل يرفض الاعتراف بمبدأ الحقوق التاريخية التي تستند لها مصر في الحفاظ على حصتها من مياه النيل، وترى أن المعاهدات المنظمة لتلك الحقوق تمت في العهد الاستعماري، وأنها لم تكن طرفا أصيلا فيها، وفي المقابل، تتحدث إثيوبيا، ومعها العديد من دول حوض النيل، عن مبدأ الاستخدام المنصف / العادل equitable use وليس الحقوق التاريخية كأساس لتوزيع المياه.


يضاف لذلك أن السودان، وهي دولة المصب الأخرى، التي كانت تساند الموقف المصري، ترى الآن أن سد النهضة سيعود عليها بالفائدة سواء بزيادة نصيبها من المياه أو بالحصول على الكهرباء.



دراسة علمية لثلاثة من الخبراء الدوليين نشرت حديثا في مجلة «سياسات المياه» يمكن أن تساعدنا في فهم السلوك الحالي تجاه سد النهضة والعلاقة مع إثيوبيا.


تشير الدراسة إلى أن الخيار العسكري لوقف بناء السد لم يعد متاحا، وأن الهجوم على السد بعد امتلائه بالمياه سيترتب عليه إطلاق فيضان ضخم ومدمر يضر السودان بشكل أساسي.


وترى الدراسة أن سد النهضة يمكن أن تترتب عليه آثار سلبية لمصر، ولكنّها ليست كارثية، وترتبط بحالتين، أولاهما مرحلة ملء خزان السد، والتي إذا تمت في سنوات يعاني فيها النيل الأزرق من انخفاض في منسوبه، فسوف تؤثر على حصة مصر من المياه. وثانيهما بعد اكتمال السد وفي سنوات الشح المائي، فإن مصر يمكن أن تعاني نقصا في المياه إذا لم يتم التنسيق في عمل كل من سد النهضة والسد العالي.


وتؤكد الدراسة أنه يمكن التفاهم بين مصر وإثيوبيا للوصول إلى صفقة تحقق مصالح الطرفين Win - Win، وتقوم على الاتفاق على قواعد لملء خزان السد وقواعد لإدارته في سنوات الشح المائي، فى مقابل تفهم مصر حاجة إثيوبيا لتنمية مواردها المائية.


وتوضح الدراسة أن إثيوبيا أمامها خياران استراتيجيان في استخدام المياه: الأول هو مشاريع توليد الكهرباء من خلال بناء السدود مثل سد النهضة، والثاني استخدام المياه في مشاريع الري الزراعية. وإن بناء سدود الكهرباء يحد من إمكانية استخدام المياه للري، وعلى مصر تشجيع توجه بناء سدود الكهرباء، لأنه لا يؤدي إلى سحب كميات ضخمة من المياه والتأثير على حصتها عكس مشاريع الري.


وأخيرا، تشير الدراسة إلى حاجة مصر لتغيير طريقتها في استخدام المياه، وأن تتعامل بشكل أكثر رشادة مع الحصة المتاحة لها، والتي لن تشهد زيادة في المستقبل.


مصر تبنت نهج التعاون مع إثيوبيا لتحقيق المصالح المشتركة للبلدين في استخدام مياه النيل، وتجنب التسبب في ضرر لأي منهما، وهو ما نص عليه إعلان المبادئ.


الدول الثلاث اتفقت أيضًا على أنها سوف تستخدم مواردها المائية المشتركة في أقاليمها بأسلوب منصف، وهو المبدأ الذي تمسّكت به أثيوبيا دائما. والذي يجب أن نظل نتمسك في مقابله بالحقوق التاريخية لمصر في مياه النيل والاتفاقيات الدولية المنظمة لذلك. وأن نقاوم فكرة أن مبدأ الإنصاف ينسخ هذه الاتفاقيات.