التوقيت السبت، 23 نوفمبر 2024
التوقيت 04:21 ص , بتوقيت القاهرة

"مبادئ سد النهضة".. بين ترسيخ حق مصر ومخاوف الخبراء

تباينت ردود الأفعال بشأن مصير اتفاق "مبادئ سد النهضة"، الموقع من الرئيس عبدالفتاح السيسي، مع نظيره السوداني عمر البشير، ورئيس الوزراء الإثيوبي هيليماريام ديسالين، اليوم الإثنين.


وأكد الخبراء أن الاتفاق يؤسس لوضع جديد في حوض النيل يحمي حقوق مصر التاريخية ويبحث عن أسلوب قانوني جديد يحمي حصة مصر من مياه النيل، فيما عبر آخرون عن مخاوفهم من إلغاء الاتفاقيات التاريخية الموقعة طيلة القرن الماضي.
وأكد وزير الموارد المائية والري الأسبق، الدكتور محمد نصر علام، أن الاتفاق منح إثيوبيا كل شئ، لا سيما ما سعت إليه طيلة الـ 20 عاما الماضية، وهو المبدأ الخاص بالاستخدام العادل والمنصف لمياه النيل، والذي كانت مصر تعترض عليه قبل ثورة 25 يناير، لأنه يلغي الاتفاقيات التاريخية الموقعة بين مصر ودول الحوض.
وأوضح "علام"، أن بنود الوثيقة أغفلت الحديث تماما عن سعة السد، واكتفت بما طلبته إثيوبيا في استجابة واستكانة لا نستطيع تفسيرها بأن سعة السد أمر سيادي إثيوبي ولا يجوز التطرق إليه والاكتفاء فقط بالتحدث عن التشغيل وسنوات التخزين.


وأضاف أن المستفيد الوحيد من هذه الوثيقة هي إثيوبيا، وهذا ليس تطويرا للعلاقات الإفريقية، بل تنازلا صريحا عن أوراق قوة مصرية، نرجو أن يكون التعاون الاقتصادي مع إثيوبيا لا يشمل تعهدا باستيراد كهرباء السد، وإلا اكتمل المخطط الإثيوبي كما تريد تماما.
ولفت وزير الري الأسبق إلى أن الوثيقة لم تتطرق نهائيا لحقوق مصر والاتفاقات التاريخية وأولها اتفاقية 1902 مع إثيوبيا، والتي تعهدت فيها بعدم إنشاء سدود على النيل الأزرق أو نهر السوباط بدون موافقة مصر والسودان، ووقعها من الطرف الإثيوبي الملك منليك الثاني، وصدق عليها البرلمان الإثيوبي، كما أنها لم تتطرق إلى أدنى حقوق مصر المائية في نهر النيل المشترك.
وأشار "علام" إلى أن سد النهضة حسب الدراسات الأوروبية والأمريكية والمصرية مبالغ في حجمه، وآثاره سلبية ووخيمة على مصر والسودان، وكفاءته في توليد الكهرباء لا تتعدى 27% مقارنة بالسد العالي الذي تبلغ كفاءته 60%، موضحًا أن بقية السدود الإثيوبية تزداد كفاءتها عن 50%، وأن سد "بنصف" يستطيع توليد نفس كمية الكهرباء، مضيفا أن الهدف من الحجم الحالي هو تحجيم دور مصر الإفريقي.
وشدد وزير الري الأسبق على أن مبدأ عدم الإضرار لا قيمة له دون الارتكاز على حصة مصر المائية، التي لا تقر بها إثيوبيا، موضحا أن النص على احترام إثيوبيا لنتائج الدراسات الاستشارية ليست جديدة، بل هي تكرار لما جاء في خارطة الطريق التي اتفق عليها وزراء المياه في الدول الثلاثة والمتعثرة، ولم تنجح حتى الآن في اختيار مكتب استشاري بالرغم من صدوره منذ 7 أشهر كاملة.
وتابع "النص على الاستخدام العادل والمنصف للمياه بدون النص على اتفاقية 1902 مع إثيوبيا، يلغي هذه الاتفاقية تماما، ويعد تنازلا مصريا صريحا على كل ما جاء فيها، وتحرق أحد الأوراق الرئيسية التي يمكن اللجوء إليها في حالة التحكيم الدولي"، موضحا أن أصل فض النزاع في إجراءات الوساطة والتفاوض بدون اللجوء إلى التحكيم الدولي، أو مجلس الأمن، تفريط واضح في حقوق مصر المائية، وما أتاحه لها المجتمع الدولي من إجراءات التقاضي.
ومن جانبه قال وزير الموارد المائية والري الأسبق، الدكتور محمود أبو زيد،: "إن النص على الاستخدام المنصف والعادل لمياه النيل، يعني احترام الاتفاقيات الدولية ويربط الاتفاقيات التاريخية القديمة لمياه النيل باستخدامات مصر الحالية من مياه النيل"، موضحا أن الجوانب الفنية والقانونية للوثيقة تؤكد أنها تتسق مع القواعد العامة ومبادئ القانون الدولي الحاكمة للتعامل مع الأنهار الدولية، ولا تعني إلغاء الاتفاقيات التاريخية لمياه النيل، ولكنها تكمله، مشيرا إلى أن بيان "المبادئ" يعطي حلا توافقيا للشواغل المصرية حول المشروع الإثيوبي.
وشدد وزير الري الأسبق، على أن المبادئ الخاصة بالتعاون في عملية الملء الأول لخزان السد وتشغيله السنوي، ومبدأ بناء الثقة، يقصد بها الاتفاق بين الأطراف الثلاثة "مصر والسودان وإثيوبيا" على برنامج الملء الأول لخزان سد النهضة في مرحلته الأولى، والتى تبلغ 14 مليار متر مكعب، إضافة إلى الاتفاق على نظام يحدد قواعد تشغيل السد، وهو شيئ جيد لتفادي المخاطر أو الآثار السلبية للسدود على دولتي المنبع.
وأشار "أبو زيد"، إلى أن البند الخاص بإنشاء آلية تنسيقية دائمة من الدول الثلاث للتعاون في عملية تشغيل السدود تتعلق بعدم الإضرار بمصالح دول المصب، وأن إنشاء لجنة مشتركة بين مصر والسودان وإثيوبيا تنظر في أي أمور خلافية تتعلق بالسد وتشغيله، لا يلغي عمل اللجنة الفنية بين مصر والسودان، طبقا لاتفاقية مياه النيل لعام 1959، وهو مكمل لها.