التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 09:29 م , بتوقيت القاهرة

مسرح الظل

للظل حيزٌ كبير في السياسية كما في الكوميديا الإلهية لدانتي، فدانتي لم يتطاول على الإله بل على المفاهيم البشرية  التي تُصاغ لتسهيل استعباد البشر وتسخيرهم  لخدمة أهداف آخرين، عبر تضخيم مساحات الظل لحد تحويلها لغيلان وملائكة، وإليكم قصة قصيرة أتمنى أن تستحسنوها للتدليل لا أكثر.

قرر حشاش أن يبدأ الاستمتاع بما تعرضه القنوات الفضائية من متع وتسالي، لكنّه احتار في مسألة إبقاء الأمر سرا خالصا له، بعد تركيب الطبق اللاقط فوق سطح البيت، فيضايقه إخوته الحشاشون، لذلك قرر أن يختلق قصة مستعينًا بالوضع الأمني للحي الذي يسكنونه. فما كان منه إلا الدعوة لاجتماعٍ عاجل لأهل البيت ليقول: " اسمعوا، لقد قررت أن أشتري كلب حراسة شرسا، وأسكنه سطح البيت لحمايتنا، وإياكم والذهاب للسطح لتسلموا من شراسته، فأنا الوحيد الذي يسمح بإطعامه". 

اقتنع الأخوة الحشاشون على مضض مستأثرين السلامة. ولكن في أحد الأيام قرر الأخوة انتداب أحدهم لاستطلاع حقيقة الأمر على سطح الدار، فوقع خيارهم على أكثرهم لياقة بدنية للقيام بذلك، وما هي إلا لحظات حتى عاد ذلك الأخ لاهثا منقطع النفس،  فسألوه: "ماذا حدث، هل هاجمك الكلب ؟!".. رد الأخ المنتدب " لا لم يهاجمني الكلب، ولكن هالني حجم الطبق الذي يأكل فيه، عندها ادركت صدق نصيحة أخونا بعدم المجازفة". 

داعش اليوم غول أسطوريّ رجله الأولى في العراق والأخرى في المغرب العربي، ناهيك عن سوريا ولبنان والآن اليمن، هذا التنظيم المدهش الذي يضرب من يشاء وقتما شاء، لدرجة أن منامات الربيع الجميلة واللذيذة توقفت عن زيارتنا في لياليه الندية. 

داعش هي أقرب إلى "داهش" الغول الذي لم يفتأ يسرق الشباب، ويسحر بنات بلاد العرب والعجم، داعش هي الأقرب للحشاشين منها لأي شيء آخر، وما البغدادي إلا الحسن بن الصباح جديد قبل صاحب مشروع دولة. 

كل ما سبق يقودنا للتالي، هل داعش واقع أم  أسطورة ضُخمت إعلاميا حتى تحولت إلى أكبر بوابات الولوج للعالم العربي بعد فشل مشروع الربيع العربي؟

تمدد داعش  أو تدحرجها لن يتوقف بسبب قابلية توظيف الاسم من قبل أكثر من طرف، وفي أكثر من مكان، فخلال أقل من ثمانية وأربعين ساعة من جريمة تفجير المسجدين في صنعاء وصعدة يوم الجمعة الماضي صدر بيانان، الأول باسم داعش فور وقوع الجريمة الإرهابية، أما الثاني فقد كان باسم داعش إمارة اليمن!! النتيجة المباشرة للتفجيرين هو البدء في احتلال مدينة "تعز" الاستراتيجة من قبل الحوثي وأزلام صالح.

كل هذا التسارع في الأحداث ذكرني بهذا المثل الإنجليزي "ما يناسب الوزة يليق بالذكر"، فقد تم بنجاح توظيف داعش "داهش" في أكثر من مكان سابقا، ولا مانع من إعادة توظيفه في اليمن من جديد.

الخوف الآن ليس من كلب الحراسة الافتراضي بل سقف الافتراض.