التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 12:42 م , بتوقيت القاهرة

صور| تعرف على "أم صاحب عيد الأم"

عام 1956، كان الاحتفال الأول بعيد الأم في مصر، لكن صاحب الفكرة، لم يذهب لأمه بهدية، بل ذهب إلى قبرها بباقة ورد، فالسيدة رتيبة زغلول توفيت قبل سنوات من نجاح مصطفى أمين، في تخصيص يوم للاحتفال بالأم المصرية.


السيدة رتيبة زغلول.. والدة التوأمان مصطفى وعلي أمين، هي ابنة أخت الزعيم سعد زغلول، ماتت أمها وهي ابنة ثلاثة أشهر، ولحق بها الوالد بعد ثلاث سنوات، فتكفلت الجدة برعاية رتيبة وأخيها، وانتقلوا إلى منزل الخال سعد زغلول، الذي اشترط على عروسه صفية، أن تعيش مع والدته وأبناء أخته، وبعد وفاة الجدة، عاش الأخان في "بيت الأمة"، وكان سعد وصفية أبًا وأمًا لهما.



وتروي صفية مصطفى أمين، قصة جدتها في مقال لها، وتقول إن سعد رفض الكثير من الخطاب، تقدموا للزواج من رتيبة، حتى جاءه شاب عشريني، لا يملك مالا ولا جاه، يعمل محاميا في بداية حياته، فوافق عليه فورا، قائلا: "يكفيني أن والدك الشيخ أمين يوسف.. كان زميلي في الثورة".


سافرت رتيبة مع زوجها لتعيش في دمياط، وعندما أوشكت على ولادة طفليها، أصرت صفية زغلول أن تأتي بها إلى القاهرة، لتلقى الرعاية اللازمة، وفي بيت الأمة تربى التوأم الصغير، وكانت والدتهما شديدة الحزم، فرفضت ألا يلبى طلبا لهما إذا لم تسبقه كلمة "من فضلك"، أو تعقبه كلمة "شكرا".



عودت رتيبة التوأم أن يقفا احتراما إذا دخلت غرفة يجلسان فيها، ولذلك كانت تدخل الحجرة سبع مرات في الساعة، وكانت تصر على أن يركبا الترام في الدرجة الثانية وليس الأولى، وذات يوم اكتشفت أن مصطفى أمين، وهو في الرابعة عشر من عمره، يتحدث مع ابنة الجيران بالإشارة، فأرسلت المربية لتقول لهم: "بنتكم بتعاكس ابننا".



عندما حصل مصطفى على الثانوية، طلب من والدته أن تشتري له سيارة، لكنها رفضت، وقالت له: "تشتري السيارة عندما تستطيع دفع ثمنها من عرق جبينك".


اعتاد ولدا رتيبة على تقبل الحياة في أضيق الظروف، وعلمهتهم الحياة في بيت سعد زغلول، أن الحرمان هو جهاد يشرفهم في محنة الوطن، وبالاعتياد على العيش بأقل الإمكانيات، لم تتأثر الأسرة كثيرا بإحالة الوالد إلى المعاش، وانخفاض دخل الأسرة إلى نحو النصف.


كانت رتيبة إمرأة ثورية، ولم يكن ذلك غريبا، وهي ابنة أخت سعد زغلول، وشاركت أم مصطفى وعلي أمين في ثورة 19، وكانت تخفي المنشورات في ملابسها، وأخذت قرارا قاطعا بمقاطعة الإنجليز، رفضت من أجله أن يكمل ابنها علي دراسته هناك، لولا وساطة شيخ الأزهر وفتواه، كما رفضت رتيبة أن تمر على إنجلترا، عندما عين زوجها وزيرا مفوضا في أمريكا، فسافرت إليها عبر فرنسا.



 كانت "أم صاحب عيد الأم" إمرأة شديدة وحاسمة، لكنها استطاعت أن تخلق من ولديها رجلين، أصبحا رمزا في عالم الصحافة والأدب.



 


 وخلد مصطفى أمين ذكرى والدته بأن سمى ابنته الكبرى على اسمها، قبل أن يخلد كفاح الأمهات المصريات جميعا، في يوم يُكرمن فيه، على أفعالهن طوال العام.