الذكرى الرابعة لـ"الغزوة".. عندما قالت الصناديق "نعم"
التاريخ.. 19 مارس 2011
الحدث.. الاستفتاء على تعديلات الدستور بعد ثورة 25 يناير
اللقطة.. مشهد أفقي لمسجد "الهدى" بإمبابة، يظهر فيه رجل دين يرتدي عباءة وطاقية بيضاء، بلحية طويلة أكثر بياضا منهما، في مشهد حالم ملائكي، يتربع حوله الآلاف من مؤيديه، المتلهفين لسماع كل كلمة يقولها عالمهم الجليل، الذي يبدأ حديثه بحمد الله ثم يتبعه بجملة "أحبتي في الله، بلغتني أخبار سارة بنعم" لينطلق التكبير في أرجاء المسجد، في جو بهيج يذكرنا بخطب العيد، ليداخلك إحساس بالسكينة والسلام..
وفجأة.. "وكانت هذه غزوة الصناديق".. "غزوة الصناديق"!! ينقلب السلام غزوة والسكينة حرب، بين "الدين" والـ"لا دين" والقاضي هو "الصندوق"، والحمد لله قالت الصناديق للدين "نعم".
وكأن الصناديق يمكن أن تقول للدين "لا".. وكأن الدين ينتظر موافقة من المستوى الأعلى "الصندوق".
بداية الحكاية
دستور جديد لمصر في "1971"، ثم تعديل دستوري في "2007"، ثم ثورة في "25 يناير 2011" تعلق العمل بهذا الدستور وترفضه لأنه يعطي صلاحية مطلقة للرئيس، ولا يضع أي قيود على مدة حكمه، ولم يرى المصريون منه أي خير، فلذلك كانت المطالبة الشعبية في الثورة بتغييره.
بداية الانشقاق
فيم اتفق التيار المدني مع التيار الإسلامي، وخاصة الإخوان المسلمين بعد الثورة؟ تقريبا لا شئ، اختلاف وجهات النظر كانت السمة البارزة بينهما، وقد يكون هذا الخلاف هو بداية الإنشقاق بين الطرفين.
التيارات المدنية كانت تريد صياغة دستور جديد للبلاد قائم على مبادئ ومطالب الثورة، والتيار الإسلامي كان يريد تعديلات سريعة، تأتي بعدها انتخابات لمجلس شعب جديد يضع دستورا جديدا إستنادا إلى ثقتهم في اكتساح الإنتخابات البرلمانية، وبالتالي يكون لهم هم الحق في كتابة الدستور.
وفي النهاية قام المجلس العسكري الذي تم تكليفه من مبارك بإدارة شئون البلاد بإجراء تعديلات جذرية على الدستور، وتم عرضه في استفتاء شعبي يوم 19 مارس 2011.
أهم التعديلات
كانت أهم التعديلات الدستورية التي تم إقرارها فى التعديل الدستوري: وضع قيد على مدد الرئاسة بحد أقصى مدتين، كل مدة أربع سنوات، وبنود تضمن الإشراف القضائي على الانتخابات، وشرط للرئيس أن يعين نائب واحد على الأقل، وتشكيل لجنة لصياغة دستور جديد بعد الانتخابات البرلمانية، وتيسير إجراءات وشروط الترشح للانتخابات الرئاسية.
الحشد
بذلت التيارات الإسلامية الغالي والنفيس للحشد من أجل التصويت بنعم، ووصل الأمر إلى القول بأن المدافع عن الإسلام والمتمسك به هو من سيصوت بـ"نعم"، ومن يصوت بـ"لا" فقد وصل الأمر إلى حد إخراجه من الملة.
النتيجة
أعلنت اللجنة العليا للانتخابات يوم الأحد 20 مارس 2011، أن نتيجة الإستفتاء جاءت "نعم" بنسبة 77%، حيث كان عدد المشاركين في الاستفتاء على التعديلات الدستورية 18.5 مليون بنسبة 41% ممن تنطبق عليهم شروط التصويت، وكان عدد من قالوا "نعم" 14.2 مليون بنسبة 77.2%، ومن قالوا "لا" 4.2 مليون بنسبة 22.8%، وعدد الأصوات الباطلة 171 ألف صوت.
تبعات النتيجة
كما قلنا في أول الموضوع، كانت التعديلات الدستورية بداية الإنشقاق بين التيارات المدنية والتيارات الإسلامية، الصراع الذي لا يزال قائما على الساحة حتى الآن، بداية من انتخاب مجلس شعب محسوب على التيار الإسلامي، وانتخاب "محمد مرسي" رئيسا لمصر، ونزول المظاهرات المدعومة من التيار المدني ضدهما حتى جاء عزل "مرسي" في 3 يوليو 2013، ليزيح التيار الإسلامي بنسبة كبيرة من واجهة المشهد السياسي، ولكن الخلافات بين الطرفين لا تزال قائمة.
استفتاءات بعد 19 مارس
الأول: الاستفتاء على دستور البرلمان "الإخواني" ديسمبر 2012.. وأعلنت اللجنة العليا المشرفة عليه أن نتيجته جاءت لتعلن موافقة الشعب على الدستور بأغلبية قاربت الثلثين، حيث وافق على الدستور 63.8%، بينما رفض الدستور 33.2%، في استفتاء شارك فيه 17 مليون ناخباً من أصل 52 كان لهم حق التصويت، لتكون نسبة المشاركة 33%.
الثاني: الاستفتاء على دستور "2014" الذي صاغته "لجنة الخمسين" التي شكلها الرئيس المؤقت عدلي منصور.. وأعلنت اللجنة المسؤولة عن تنظيم الاستفتاء النتيجة في 18 يناير، حيث شارك في الاستفتاء 21 مليون شخص بنسبة 39% من مجموع الأشخاص الذين يحق لهم التصويت، البالغ عددهم أكثر من 53 مليون شخص، صوت 98% "20 مليون شخص" منهم بنعم، بينما رفضه 2% "380 ألف شخص"، وكان عدد الأصوات الباطلة حوالي 246 ألف صوت، وهو الدستور الذي تم انتخاب الرئيس "السيسي" بناء عليه.