التحديات التشريعية للإعلام المرئي والمسموع في الأردن
من المتوقع أن يناقش البرلمان الأردني قانون المرئي والمسموع الجديد. جاء القانون تلبية للحاجة الدستورية بتحديث جميع القوانين المؤقتة.
وضع قانون المرئي والمسموع الحالي، الذي صدر في عام 2002، حدًا لاحتكار الحكومة لموجات الأثير. ومنذ ذلك الحين تم الترخيص لعشرات المحطات الإذاعية والتلفزيونية الخاصة، إلا أن القطاع شهد العديد من التشوهات، يأمل نشطاء حرية الإعلام أن يتم تصحيحها في القانون الجديد.
عقد النائب زكريا الشيخ، رئيس لجنة التوجيه البرلمانية، مشاورات مع أصحاب وسائل الإعلام وعدد من ورشات العمل وخلوة مدتها يومين في العقبة على أمل التوصل إلى توافق بين أعضاء لجنته والجماعات الأخرى ذات الصلة، بما في ذلك الحكومة. أنشطة وراء الكواليس هذه أنتجت القانون سيتخلى عن الشرط الذي يعطي مجلس الوزراء السلطة الكاملة لترخيص محطات الإذاعة والتلفزيون أو رفض الطلبات دون أن يعطي سببا لهذا الرفض.
ومع ذلك، هذه ليست طريقة تتبع إذا كان البلد يرغب في جذب الاستثمار. القانون الجديد سيلغي أيضا السماح للشركات التجارية، التي تعمل مع الجهات الحكومية عدم دفع رسوم الترخيص. ولن يسمح حصول المحطات المرخصة على إعفاء من الرسوم والإعلان في نفس الوقت وهو الحال مع عدد من المحطات التي تملكها جهات حكومية مثل (الجيش والشرطة وأمانة عمان). في حين أن هذا التحرك هو موضع ترحيب لأنه يحاول خلق فرص متكافئة، إلا أنه فشل في إعطاء دفعة جدية لوسائل الإعلام المجتمعية.
تم اعتماد الاستراتيجية الإعلامية الأردنية من خلال دعوات الحكومة إلى ضرورة دعم وتعزيز الإعلام المجتمعي. اليونسكو، التي تصفها بأنها علامة "للتعددية الإعلامية"، تعرّف الإعلام المجتمي بأنه "وسيلة بديلة لإعلام عام وتجاري".
يجري مكتب اليونسكو في الأردن الذي يتعامل بمنحة قيمتها 5 ملايين يورو من الاتحاد الأوروبي لتحسين الإعلام الأردني، دراسة مدتها ستة أشهر للمشهد الإعلامي مع منظمة دعم وسائل الإعلام الدولية ومقرها كوبنهاغن (IMS). ومن بين القضايا التي نصحت اليونسكو (IMS) للنظر فيها قضية مستقبل الخدمة العامة والبث الإذاعي المجتمعي في الأردن. تم إنشاء مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردنية من خلال قانون منفصل لا يندرج تحت سلطة قانون المرئي والمسموع. تلقت المؤسسة بعض الأخبار الجيدة الأسبوع الماضي عندما وافقت الحكومة السماح لمحرري الأخبار تجاوز البروتوكول من أجل إعطاء الأولوية للأخبار المحلية والدولية، التي لديها قيمة إخبارية. المشكلة مع القرار هي أنه اتخذ من قبل مسؤول حكومي ألا وهو رئيس الوزراء عبد الله النسور.
التلفزيون الأردني، على غرار معظم هيئات البث العام العربية، يتم التعامل معه كأنه ناطق باسم الحكومة أكثر منه كهيئة بث عامة. البث العام في الثالث من شهر آذار لم يعكس هذا القرار؛ لم يختلف البث كثيرًا في اليوم الذي تلا الموافقة بشأن إعطاء المحررين حق القرار بناء على القيمة الإخبارية.
بعد 15 دقيقة من خطاب الملك الذي أذيع في بداية أخبار الساعة الثامنة، تم تلاوة بيان من قبل رئيس الوزراء حول الصدع بين فصائل الإخوان المسلمين في الأردن، مشيرًا إلى أن الحكومة لم تتخذ جانباً في هذا الصراع.
المشاهدون من أية هيئة بث عام يتوقعون أن يلي هذا البيان معلومات عن الصراع ومقابلات مع الأطراف المعنية في ذلك. ولكن هذا لم يحدث. بعض المشاكل التي تواجه التلفزيون الأردني هي مالية. ألقاطنون في المنازل وأصحاب المكاتب والمصانع في الأردن يدفعون رسم تلفزيون شهري قيمته دينار واحد، يُضاف إلى فاتورة الكهرباء. المبلغ الذي يتم جمعه من فاتورة الكهرباء، يذهب إلى الخزينة، ويقال إن المعدل يبلغ من 12 إلى 15 مليون دينار.
تسجل الميزانية السنوية مبلغ 30 مليون دينار يعود لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون. وهناك مزيد من الإيرادات قيمتها 5 ملايين دينار تدخل في ميزانية التلفزيون وذلك من مبيعات الإعلانات والرعايات.
إن فكرة أن تضطر هيئة بث خدمات عامة إلى جلب الإعلانات من أجل الاستمرار اقتصاديًا تثير الشكوك بشأن قدرتها على أن تكون حقًا محطة خدمات عامة. تظهر المشكلة بشكل واضح خلال شهر رمضان، حيث يكون لديها أعلى نسبة من المشاهدين. تستخدم مؤسسة الإذاعة والتلفزيون هذا الموسم لجلب أكبر قدر من العائدات الإعلانية، بينما تبث في نفس الوقت برامج ألعاب رخيصة تتنافس مع المحطات التجارية، بدل أن تكون هيئة بث عام ذات جودة.
خلال مناقشات الموازنة، اشتكىت عضو مجلس النواب أن ميزانية مؤسسة الإذاعة والتلفزيون عالية جدا وتصل الى 35 مليون دينار في حين أن محطة (رؤيا) وهي محطة خاصة قادرة على الحصول على معدل عالٍ من المشاهدين بميزانية 5 مليون دينار سنوياً.
إن مشهد المرئي والمسموع في الأردن مزدحم، وغالباً ما يكون فوضوياً. في الوقت الحاضر، لدى مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردنية مدير عام معين من قبل الحكومة وهيئة المرئي والمسموع لديها مدير منفصل أيضاً يعين من قبل الحكومة. كلا الرجلين مسؤولين أمام وزير شؤون الإعلام الحكومي الذي يعمل في رئاسة الوزراء.
من المعروف أن الحكومات ليست جيدة في إدارة أو تنظيم وسائل الإعلام. إن المعايير الدولية تتطلب بأن ينشئ بلد مثل الأردن مجلسًا عامًا يعكس التعددية والتنوع في البلاد وتنظيم مختلف الكيانات المتنافسة من هيئات بث عامة وتجارية ومجتمعية. مع قرب انطلاق البث الأرضي الرقمي (في شهر تموز 2015)، فإن الوقت قد حان لإنشاء مجلس بث عالٍ يضمن بأن الوسيلة الإعلامية الأقوى للوصول إلى الجمهور (الإذاعة والتلفزيون) هي تعددية ومتنوعة ومكملة لبعضها البعض تسمح باستدامة الأصوات المهمشة والممثلة تمثيلا ناقصًا.