التوقيت الثلاثاء، 05 نوفمبر 2024
التوقيت 04:34 م , بتوقيت القاهرة

تسجيل صوتي| نادية.. حرقها زوجها على طريقة "داعش"

لم تتوقع ربة المنزل، أن سؤالها لزوجها عن سبب عودته مبكرا من العمل، سيفجر بركان غضب كامن بداخله، انتهى بها إلى غرفة العناية المتوسطة بمستشفى "أم المصريين" العام بالجيزة، لتعاني من حروق بالغة.

فبعد خروج الزوج، خالد، إلى عمله بدقائق، فوجئت الزوجة بعودته إلى المنزل، وعندما سألته عن سبب ذلك، خشية ضياع فرصة العمل التي حصل عليها بعد 14 عاما، ظل خلالها عاطلا عن العمل، انفجر غضب الزوج، موجها لها سيلا من التشكيك والاتهامات، قائلا: "إنتي عايزاني أمشي من البيت ليه، هو إنتي مستنية حد؟!"، لتبدأ معركة شرسة بين الطرفين، رصدت تفاصيلها "دوت مصر".

وقالت المجني عليها، إن تلميحات زوجها أثارت غضبها بشدة، وأنها عندما ردت عليه، انهال عليها ضربا بأسياخ الشواء، ورغم محاولتها الهرب من أمامه، طالبة الطلاق، قائلة: "طلقني وأنا هشتغل وأعيش خدامة لعيالي"، ليستشيط الزوج غضبا، قائلا لها: "تشتغلي .. إللي بيشتغلوا دول.....".

وتضيف الضحية نادية: "لحظات ووجدت زوجي يقول لى ماشي، عايزة تطلقي، أنا هطلقك"، وينصرف عنها لدقائق تظن فيها إنه سيراجع نفسه، إلا إنه سرعان ما يعود وفي يده زجاجة مملوءه بـ"السبرتو"، ليغرق بها زوجته، التي وقفت مذهولة، ولم تكن تدرك أن جسدها سيحترق خلال لحظات، وحاول الزوج دفعها بعيدا عنه حتى لا يحترق هو الآخر، ما تسبب في إصابته بحروق في اليدين.

الإطفاء

وعن المشاركين في إنقاذها، قالت نادية: "زوجي لما لقيني هديت في نفسي، ونطقت الشهادتين، جاب البطانية ورماها عليا، وبعدها أخدني ودلق علي جردل مياه"، وبعد توسلات مني لم يجد مفرا من نقلي إلى المستشفى".

المستشفى

فور وصولي المستشفى، إنهار زوجي خالد يوسف، باكيا علي، واعدا أسرتي بعلاجي في مستشفى خاص، معللا ما حدث بإنفجار موقد صغير فيهما، وهو ما صدقت عليه، حتى احتميت بأشقائي، قائلة لهم: "طلقوني منه"، لينهار الزوج مبررا جريمته بقوله "هي إللي استفزتني".

تقابل كلماته، انفعالات الأخت الكبرى التي كان يمكنها أن تغفر له أضرارا أقل على شقيقتها، قائلة: "استفزتك تقوم تحرقها، بدل ما تضربها بخرطوم، أو شبشب بلاستيك، تضربها بأسياخ الكفتة، وتحرقها!". فيما لم يهدأ روع نادية إلا بسماع كلمة "إنتي طالق".

عزرائيل

خمس ليال قضتها الضحية في العناية المركزة، بين لفافات بيضاء أشبه بالكفن تغطيها من أعلى الرأس إلى أسفل الخصر، في حين لم يتوقف "خالد" عن زيارتها للإطمئنان عليها، خوفا من بطش إخوتها.

"يااااه حسيت عزرائيل دخل عليا" شهقة أزفرتها نادية، حينما سألناها عن أول مرة رأت فيها زوجها بعد يوم الحادث، متابعة: "كنت نايمة أول ما فتحت عيني وشوفت خياله، قعدت مابقفلهاش 5 أيام"، وهو ما جعلها تطلب من شقيقتها الكبرى إحكام غلق باب الغرفة.

 

الإرهاب

14 عاما هي عمر حياتهما الزوجية، قضتها نادية تحت تهديد عنف زوجها. تقول كريمة: "على طول كان بيضربها بس إحنا منعرفش، ويهددها لو قولتي لإخواتك هدبحك، هشوه وشك بمية نار"، فالزوجة التي تصغره بعشرة أعوام، لم تتزوجه عن حب، إلا أنها ارتضت أن تعيش مع رجل حاصل على دبلوم، وعاطل عن العمل، يعيش على ما يجود به أهله وأهلها، لتنجب منه ثلاث بنات وولد".

"متوسعيش الموضوع ولميه.. انتي عارفة إخواتك بيحبوا يكبروا المواضيع .. ولا إيه؟!"، كلمات كانت تلجم نادية كلما حاولت التمرد على زوجها، واللجوء إلى أشقائها، وحينما سألها "دوت مصر"، عن أسباب عدم طلبها الطلاق رسميا منه، قالت "كنت خايفة منه، وأتاري إللي خوفت منه حصل، لدرجة إني اتمنيت إنه كان يحصل من زمان".

الغيرة

لم تجد نادية، مبررات لغيرة زوجها، سوى إنه نشأ في بيت عدواني، فوالده سبق وأن قام بـ"فتح رأس" والدته، فضلا عن سيطرة أصدقاءه البلطجية عليه مؤخرا، فتدافع نادية عن نفسها أمام شكوكه قائلة: "أنا مبنزلش من البيت نهائيا، البلكونة دي بطلعها لنشر الملابس فقط، ولو حبيت أروح عند أختي هو إللي بيوديني، وبنتي الكبيرة هي إللي بتجيبلي الطلبات".

وأضافت مبررة تصرفاته غير المتزنة، قائلة: "كان بيشرب حشيش، ولما بييجي جمبي بياخد برشام"، وتجولت عيناها بأرجاء الغرفة، ثم تابعت مستنكرة بوجهها اللامع المتناثر عليه آثار الحروق: "كان دايما يحسسني إنه أحسن مني، ولما كنت أسأله إتجوزتني ليه يقولي النصيب الإسود".

الأبناء

شهد وسمر وياسمين ويوسف، أربعة أطفال نتاج زيجة انتهت بحرق والدتهم، التي قالت باكية: "بنتي الصغيرة خايفة مني .. مش راضية تيجي في حضني"، لم تكن الأم هي المتضرر الوحيد من وحشية الأب، بل طالت الأضرار الإبنة الكبرى شهد، 12 عام، فبحسب رواية نادية: "اتظلمت كتير، كان مانعها تلعب زي الأطفال، لو شوفتوا جسمها هتصعب عليكم، كل الناس بيقولوا عليها تخينة وهي مبتاكلش، علشان ده عامل نفسي، وأكتر واحدة بتكتم في نفسها".

وعن رضيعها يوسف، شاهد العيان الوحيد على الحادث، تحكي نادية: "يوسف قعد أسبوع يخاف من تكة الولاعة، من كتر الفزع عايز ينطق قبل أوانه، وخالتوا التانية أصبحت أمه مبقاش يعرفني".

56 يوما على الحادث، حثت نادية أشقائها على استخراج إذن أجازة لأولادها من المدرسة خوفا من أن يتعرض لهم والدهم، الذي يأبى حتى أن يحضر لهم ملابس منذ يوم الحادث قائلة: "56 يوم العيال بطقم واحد"، وبحسب رواية كريمة شقيقة نادية: "لما شاف البنت الكبيرة قالها، متصدقيش أمك، ده البوتوجاز ولع فينا إحنا الاتنين".

الجزاء

"عايش حر طليق" هكذا قالت كريمة حينما سألناها عن الإجراءات التي اتخذت ضد الزوج، بعدما رفضت النيابة الاعتداد بشهادات الأبناء، وانتظارها لحين استجواب الزوجة، بينما أكدت كريمة أن الحادث وقع مع سبق الإصرار والترصد، وتمنت له الموت أو السجن لعام واحد على الأقل، حتى يعيش ما عايشته مع أختها من النوم على بلاط المستشفى دون غطاء.

"يموت .. يبقى زيي .. يبعد عني نهائي" هو الجزاء التي تمنته نادية سيد عبدالرحمن، لزوجها خالد يوسف البالغ من العمر 42 عاما، متابعة: "يكفيني يوم الغيار عالجرح من وجعي من الألم ووجعي على شكل جسمي، ووجعي من كل الأدوية، أنا عمري ماهسامحه".

وبالرغم من هروب خالد من بطش أشقاء زوجته، وبالرغم من عدم وقوعه في قبضة القانون حتى الآن، يظل خالد سجين خوفه فطالما اتصل بإخوتها بدعوى الاطمئنان على أبنائه ليتحسس نواياهم تجاهه.

الطبيب

أما عن وضع نادية الصحي، يقول الدكتور حسين السيد، طبيب مقيم بقسم الحروق بمستشفى أم المصريين، والمتابع لحالة نادية، وصلت نادية إلى المستشفى بحروق عميقة بنسبة 90% من الوجه والصدر واليدين يوم 18 يناير 2015، إضافة إلى كدمات متفرقة بجسدها نتيجة الضرب بآلة حادة.

في البداية تدهورت حالتها حتى استطاع أهل الخير جلب أدوية معينة مرتفعة الثمن لعلاجها، وخضعت لعملية ترقيع لم يتقبلها الجسم، وأردف الطبيب قائلا: "حالتها الصحية بدأت في التحسن بينما حالتها النفسية في تدهور مستمر".

ملحوظة: لم نتمكن من تصوير الحالة بالصورة أو الفيديو أثناء الحديث مراعاة لمشاعر المشاهدين.. واكتفينا بتسجل صوتي لما دار في الحوار.