التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 11:31 ص , بتوقيت القاهرة

صور| مريانا.. هربت من جحيم "داعش" إلى "الحب" في لبنان

إن بعد العسر يسرًا، فمن دموع الفراق والغربة والخوف من المستقبل والمجهول، إلى ابتسامة الفرح والحب والاستقرار. لم تكن مريانا دنحة، الشابة العراقية التي وصلت مع عائلتها إلى بلدة القليعة بلبنان، هربًا من الاضطهاد العرقي والطائفي في العراق، تتوقع أن تصبح مواطنة لبنانية، وأن إقامتها في لبنان ستدوم، بحسب ما ذكر موقع "النهار". 


وحملت الشابة الصغيرة معها خوفها ودموعها وآمالها، فكانت في الصف الثالث الثانوي، ومصمّمة على متابعة دراستها الجامعية في الصيدلة، لكن الحب ابتسم لها في البلد "الملجأ" ليصبح بلدها الثاني، حيث ارتبطت بشاب من البلدة التي استضافت عائلتها، إضافة إلى نحو 60 عائلة عراقية أخرى.


سليم مقلد هو الشاب الذي خفق قلبه لمريانا، فهو الأول الذي أعلن خطوبته رسميًّا من فتاة عراقية، ضمن 3 شباب سيعلنون خطبتهم قريبًا، وهو من أوائل الذين ساهموا باستضافة العائلات العراقية في البلدة، بالتعاون مع مساعد كاهن الرعية الخوري بيار الراعي، وكان قراره الارتباط بالفتاة بعدما أخذ موافقة أهلها، الذين رحبوا بالفكرة مطمئنين إلى مستقبل ابنتهم، حتى أن أهله رحبّوا أيضًا بها، ولم يشعروا بأي فارق بالعادات والتقاليد. 


وهذا ما أكدته مريانا، التي قالت إن شعورها تحول من خوف عاشته في الأشهر الأولى من قدومها إلى لبنان، إلى شعور اطمئنان وحب كبير لهذا البلد وهذه المنطقة، كما تشعر كأنها بين أهلها.


وأضافت الفتاة العراقية الهاربة أن الحب ساعدها على تجاوز شعور الغربة والألم، لكنه لن ينسيها وطنها الأم، مضيفة: "أتمنى أن تستعيد العراق الأمن والسلام، فنزورها أنا وسليم سويًّا"، مؤكدة أنها "سعيدة بما أنا عليه الآن، لأن أهلي مرتاحون أيضًا ومطمئنون إلى مستقبلي".


كانت مريانا تتمنى لو ترحل إلى أي بلد آمن، إلا أنها بالتأكيد الآن تتمنى البقاء بلبنان، ولم تفقد طموحها يومًا بإكمال دراستها، لكنها اختارت دراسة الأدب العربي لاختلاف المناهج عن العراق.



 
تتحدث بثقة وتفاؤل عن مستقبلها والعائلة التي ستبينها في القليعة مع سليم، الذي شعر بقواسم مشتركة كثيرة بينهما وبين المجتمعين اللبناني والعراقي، رغم بعض العادات الأكثر تشددًا، التي لا يزال المجتمع العراقي يعيشها.


سعد وإيمان، والدا مريانا، يثقان في أن الله هو المدبر، وهو الذي رسم هذا الطريق لهما، فقبل 6 أشهر، لم يكن أحد منهم يتوقع ترك بيته وبلده قرقوش في سهل نينوى ليرحلوا إلى لبنان، ومن ثم إلى جنوبه، وأن ابنتهم قد تجد نصيبها في بلدة القليعة.


عبرت إيمان عن فرحتها بسعادة ابنتها، وقالت إن أهالي البلدة أشعروها بالحنان والدفء، لذا لم يكن صعبًا عليها الموافقة على ارتباط ابنتها بشاب من البلدة، مضيفة: "أنا مطمئنة إلى مستقبلها مع سليم، حتى ولو نحن تركنا لبنان في يوم من الأيام".


في سبتمبر الماضي، استقبلت بلدة القليعة عشرات العائلات العراقية المسيحية السريانية، التي هربت من مدينة قرقوش في سهل نينوى بسبب احتلال "داعش" لها، ويومًا بعد يوم ازداد العدد، ليصل إلى نحو 60 عائلة، لقيت ترحيبًا واحتضانًا لافتًا من أبناء البلدة، الذين اعتبروهم جزءًا من مجتمعهم وحياتهم اليومية، حتى جدتها جوزفين عبَّرت عن فرحتها بهذا النصيب.


لا يختلف مشهد عائلة مريانا عن مشهد عائلة سليم، التي تنظر إلى مريانا وكأنها فرد من العائلة. شقيقة سليم، المهندسة الزراعية ملاك، تقول: "كنا أختين، وأصبحنا ثلاثة. لا نشعر بفوارق اجتماعية، فهي تشبهنا كثيرًا".