التوقيت الجمعة، 22 نوفمبر 2024
التوقيت 11:26 م , بتوقيت القاهرة

خاص| بماذا عقّب قضاة "الشرعية" ورفقائهم على إحالتهم للمعاش؟

قرر مجلس تأديب وصلاحية القضاة، اليوم السبت، إحالة 41 مستشارا للمعاش، على خلفية اتهامهم بالتوقيع على بيان يؤيد شرعية الرئيس الأسبق محمد مرسي، وإنشاء حركة قضاة من أجل مصر، بالمخالفة لقانون السلطة القضائية.


ونجى من الإحالة للمعاش 30 قاضيا، كانوا ينتظرون مع رفقائهم مصير العزل من القضاء، بسبب ما وصفوه بـ"تسيس قضيتهم وانتقائهم من بين جموع أعضاء السلطة القضائية لتصفيتهم".


وبدت حالة من السكينة على المستشارين، فور علمهم بالقرار الذي انهى علاقتهم بالقضاء، ولم تفارقهم الابتسامة، وشدوا على يد من لم يُعزل، "بأن الله اختارهم ليكملوا المسيرة".


معظم القضاة الحاضرين لمقر مجلس التأديب وعددهم حوالي 30 قاضيا، توقعوا قرار العزل، واتفقوا على أنهم مستهدفين، من نادي القضاة وإدارته وبعض من قيادات السلطة القضائية، والنظام الحالي.


"دوت مصر" تجول وسط القضاة الذي لم تتغير ملامح وجوههم بعد حكم انهاء عملهم، والذي عمل بعضهم به أكثر من 40 عاما، ليتعرف على رود أفعالهم.


يقول نائب رئيس محكمة النقض المعزول، المستشار محسن فضلي، أنه وزملاءه سيتقدموا ببلاغ للنائب العام ضد مجلس التأديب والصلاحية، يتهمهم فيه بتزوير الحكم الصادر ضده بسبب عدم عقد جلسه للنطق بالحكم، كما هو المتعارف عليه قانونا.


ويشار إلى أن مجلس الصلاحية أودع قراره بحوزة سكرتير المجلس، وانصرف دون علم القضاة، الذين انتظروا عقد الجلسة لأربع ساعات.


ويوضح النائب العام المساعد السابق المستشار حسن ياسين، أن مجلس التأديب لم يراع أيا من القواعد القانونية الصحيحة لإجراءات المحاكمة، كما لم يكن هناك معنى للعدالة في القضية، ويضيف "أنا لم أتمكن من إبداء أي طلبات للمجلس ولم أعلم كيف حكم وعلى أي أساس".


النائب العام المساعد متهم بالتوقيع على بيان يؤيد شرعية الرئيس الأسبق مرسي، يؤكد أن قرار إحالة 41 قاضيا للمعاش، "مذبحة قضائية، لا تختلف عن مذبحة عبدالناصر عام 69، كما أن الحكم أريد به إخراس كل من تسول له النطق بكلمة الحق".


والمتحدث باسم نادي القضاة السابق، المستشار أحمد صابر، قال "مطلوب تطهير القضاء من القضاة المنادين بإصلاحه تحت أي مزاعم"، في إشارة منه لافتعال قضية بيان رابعة لعزله من القضاء.


ويؤكد نائب رئيس محكمة النقض المستشار ناجي دربالة: "رسالة القضاء مهنة سامية موقوعة في قلوبنا ولولا أن أهل القضاء الحالي أخرجونا منها ما خرجنا حتى يستقيم ميزان العدل في مصر".


كما يضيف دربالة "مجلس التأديب والصلاحية أخرجنا من القضاء لأننا قلنا كلمة الحق في وقت عزت فيه كلمة الحق"، كما اعتبر أن الحكم الصادر ضده و40 من رفاقه اليوم "نعى العدالة في مصر وعصف بالقضاة المستقلين".


وتجدر الإشارة إلى أن مجلس التأديب والصلاحية، أنشئ عام 2006، بفضل قانون قدّمته لجنة من نادي القضاة السابق، تشكلت من 15 عضوا، منهم قضاة أحيلوا للمعاش اليوم، ليصبح للقضاة بموجب انشاءه التقاضي على درجتين.


ويعبر المستشار إسلام علم الدين،  عن إحالته للمعاش فيقول "حكم منعدم من أوله لآخره لم تراع فيه أي حقوق"، والمستشار حسام مكاوي اعتبره "حكما مسيسا لا علاقة له بالواقع".


ويؤكد المستشار محمد عبداللطيف الخولي، أنه لم يتوقع إحالته للمعاش، وسيطعن على الحكم أمام مجلس التأديب الأعلى أملا في عودته لمنصة القضاء من جديد.


فيما لم تخل الصفحات الخاصة بالقضاة المحالين للمعاش بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، من عبارات المؤازرة ومدح مواقف القضاة، وتثبيتهم من أصدقائهم ورفاقهم.


العديد من القضاة عقبوا على الأحكام الصادرة ضدهم على صفحاتهم الشخصية، المستشار محمد عبدالحميد حمدي المتهم بقضية قضاة من أجل مصر، نشر صورة من القرار ودوّن عليه الآية القرآنية "هاؤم اقرأوا كتابيه".


المستشار حمدي وفيق دون على صفحته "لله الأمر من قبل ومن بعد .. والله حسبي وهو نعم الوكيل .. الوشاح لا يصنع قاضيا".. شقيقه هو الآخر طاله قرار الإحالة للمعاش، كتب على حسابه "صدر القرار في محاكمة قضاة الشرعية، أحلت للمعاش أنا وأخي و39 زميل من أشرف من أنجبت مصر، والحمد لله على ما كان كل قضاء الله خير، اللهم تقبلها خالصة لوجهك الكريم".


وزير العدل الأسبق المستشار أحمد سليمان، أعلن تضامنه مع القضاة منذ بدء التحقيق معهم، وحضر بعض جلسات محاكمتهم، ونال قرار الإحالة للمعاش اليوم نجله محمد.


"هذا الحكم شهادة وفاة للقانون في مصر" يقول المستشار أحمد سليمان، ويضيف "إن أحدا لم يحترم القانون بعد اليوم وقد تفشت هذه الظاهرة بين القضاة".


"سليمان" الحكم يخالف القانون، ومخالف لقانون السلطة القضائية، ودستور 2014، حين عقد جلسات المحاكمة في سرية، ولم يمكن القضاة المدعى عليهم من الدفاع عن أنفسهم".


نائب رئيس الجمهورية السابق المستشار محمود مكي، بعث برسالة للقضاة قبل انصرافهم من درا القضاء قال فيها "حسبنا الله.. سيؤتينا من فضله إنا إلى ربنا راغبون".


ويشار إلى أن مجلس التأديب والصلاحية، حاكم القضاة على مدار ما يقرب من 5 جلسات، استمع خلالها لشاهدي اثبات فقط، ورفض استكمال إجراءات المحاكمة، وحجز قضيتي "بيان رابعة، وقضاة من أجل مصر" للحكم يوم 21 فبراير الماضي، ثم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم.


ووُجهت اتهامات لأعضاء حركة قضاة من أجل مصر، بالاشتغال بالسياسة على نحو يخالف القانون والظهور في الإعلام بالمخالفة لقرار مجلس القضاء الأعلى.


وكان مجلس القضاء الأعلى قد أصدر بيانا حذّر فيه القضاة من الظهور بوسائل الإعلام وإبداء آراءهم الشخصية.


كما اتُهم قضاة بيان رابعة، باستصدار بيان يؤيد شرعية الرئيس الأسبق مرسي، وإذاعته من خلال المركز الإعلامي لاعتصام رابعة العدوية، إضافة إلى مناصرتهم فصيل سياسي على حساب الدولة.


وكان الرئيس الأسبق محمد مرسي، قد عُزل من منصبه في 3 يوليو 2013، بعد احتجاجات شعبية، دعمتها القوات المسلحة ببيان أعلن فيه الرئيس عبدالفتاح السيسي، -وزير الدفاع وقتها- إبعاد مرسي عن السلطة، الأمر الذي اعتبره مؤيدوه انقلابا عسكريا.


واستنكر القضاة أيضا عدم محاكمة عددا من المستشارين الذين أيدوا 30 يونيو، وأفصحوا عن رأيهم بتحدثهم لوسائل الإعلام، مثل رئيس نادي القضاة المستشار أحمد الزند، وعدد من أعضاء مجلس إدارة النادي.