هل يبحث الإخوان عن مخرج؟
شاركتُ في ندوة أدارها الأستاذ أحمد بان، وأقامها مركز "أحوال" للدراسات، مع زملاء وباحثين مهمين، وتحدث فيها عدد منهم أخص منهم، د. كمال حبيب، ود. ممدوح الشيخ، كما شارك فيها القيادي بالحرية والعدالة إبراهيم السيد، لمناقشة مستقبل الإسلاميين والأحزاب الدينية في الفترة المقبلة.
أكدتُ في تلك الندوة، على أن السلفيين، طوال الوقت يدركون أن الدولة تحتاج إلى فصيل إسلامي، وأنهم مستعدون للعب هذا الدور لاحتلال مواقع جماعة الإخوان، وأن هناك انقسامًا حادًا لدى التيار بالمجمل حول المشاركة وجدواها، وحول جدوى الديمقراطية من الأساس، وأنهم لن يحصلوا سوى على 7% من المقاعد.
وأما عن الجماعة الإسلامية، فقد أشرت إلى أنها في انتخابات المجلس المنحل، حصلت على 5% من المقاعد، رغم أنها شاركت السلفيين في القوائم، وأنها ضعيفة للغاية، لأن أعضاءها إمّا أنهم تسرّبوا بفعل محناتهم السابقة، وإما أنهم تركوا الجماعة لأنها انحرفت عن مسارها، بعد إقالة عدد من قياداتها التاريخيين، في جمعية عمومية بكل تأكيد هي مزورة.
الإخوان في المقابل، أكدوا أنهم لن يشاركوا لا من الأبواب الأمامية ولا الخلفية، لأن المشاركة معناها إقرار بالنظام القائم، الذين هم طوال الوقت يلعبون أمام أعضائهم، على أنه غير شرعي، ورفعوا سقف توقعاتهم ومطالبهم، إلى أقصى حد؛ مما سيؤدي حال المشاركة إلى انشقاق ضخم، لن تستطيع الجماعة تحمله مطلقًا في هذا التوقيت، فضلاً عن أن غياب قيادات داخل السجون، وآخرين خارج البلاد، وسيطرة جيل شاب جديد من الجماعة على التنظيم، جعل الكل عاجزًا عن وضع تقدير جديد للحالة التي تمر بها الجماعة وتغيير استراتيجيتها.
الدكتور ممدوح الشيخ، تساءل هل "باروميتر" العنف سيهبط حال أقيمت الانتخابات؟ لكنّه عاد وأجاب أن العنف سيستمر، إذا لم نحصل على برلمان يملك النزاهة، وإذا استطاعت الدولة أن تتخلى عن مساحتها الكبيرة التي تعطي جزءًا منها بسيط للغاية للشباب.
وأكد أن مفهوم الآلة الانتخابية، الذي هو بالضرورة يؤكد أن الإخوان يملكون أكبر كتلة تصويتية وصلت في الانتخابات الماضية لـ10 ملايين، ستجعل هناك محددات معناها عزوف عدد كبير من الناخبين عن التصويت، بما يمكن أن يكون عقابًا نكاية في النظام.
وأكد الشيخ أن الظاهرة الإسلامية اتسعت، ولم تعد "الإخوان" وحدها في المشهد، وأن حالة غياب دور سياسي للإسلاميين، وارتكاب عدد من الشرائح العلمانية أخطاء حسبت على النظام بغير قصد، يعمق الأزمة.
الدكتور كمال حبيب قال، إنه يتمنى أن يتخلى الإخوان وكل الجماعات الإسلامية عن الإسلام المواجه إلى الإسلام المشارك، وإن التيار الإسلامي طوال عمره، حتى لو أعلن عدم صدامه مع النظام، فإنه يملك الثأر المبطن، الذي يعلنه إن تطلب الأمر ويحوله لصراع عقدي، وهذا ما جرى من الإخوان، حيث اكتشف أن لديهم بُعد عقدي وثأر مبطن رهيب، ولديهم مراوغة في الخطاب.
وقال حبيب إن المواطن المصري عميق له وجوه متعددة، يظهر منها ما يريد ساعة ما يريد، وهذا ما لا تدركه الإخوان، حيث خرج المصريون أمامها بوجوه لم يعرفوها.
وأكد أن أزمة الدولة المصرية، أن الإدارة أقوى من المجتمع، وأن البرلمان المقبل هو صناعة لوضع سياسي لا يعبر عن قوى حقيقية على الأرض، مطالبًا الإسلاميين بميثاق شرف، أوله ألا يعودوا للسياسة عبر تنظيمات سرية.
القيادي الإخواني إبراهيم السيد، أكد أن الإخوان لن يشاركوا لا من أبواب خلفية ولا أمامية، مؤكدًا على ما قلته، وقال إن الجماعة تنتظر لو سارت الأمور باتجاه التعددية، فيمكن الوصول لقواسم مشتركة، لكن المؤشرات كلها مخيبة.
وأكد السيد أن "الإخوان" لديها تقدير موقف، وأنها بالفعل تريد تثوير المجتمع على النظام القائم، نافيًا دعوتها لحمل السلاح، ومشيرًا إلى أنهم منعوا عددًا من الجماعة الإسلامية في عين شمس من حمل السلاح في إحدى المسيرات.
وقال إنه تم تجديد 55% من الهياكل التنظيمية للجماعة في الفترة الأخيرة، وأن هناك تحولات استراتيجية في موضوع المطالبة بعودة مرسي، وأنهم يبحثون عن مخارج مُرضية لكل الأطراف، لكن تسارع الأحداث يؤدي لوقوع الجماعة في الأخطاء، مؤكدًا على أنهم يدركون أن الحل لا بد أن يكون مصريًا مصريًا.
في الختام، توصل المشاركون، وأنا منهم، إلى أن جماعة الإخوان تبحث عن مخرج من أزمتها، وأنه من المُرجح أن تقبل الجماعة بأية حلول تعود بها لحلبة العمل السياسي، وأن رهان الجماعة على عامل الوقت وانهيار النظام بفعل الأزمات الاقتصادية لن ينجح، لأن السيسي حقق نجاحًا إقليميًا ودوليًا، وبات الجميع يعترف بشرعية وجوده، وأن الجماعة عليها أن تقدم خطوات إلى الوراء حتى يقبلها الشعب من جديد، وأن هذا هو المرجح في الأيام المقبلة.