بـ"الإدارة".. الإرهابيون يسيطرون على تنظيماتهم
لا تسير الجماعات الإرهابية، والتنظيمات التي تطلق على نفسها "جهادية" بشكل عشوائي، بل هناك عدة أسس وقواعد إدارية تتحرك من خلالها لتضمن الاستفادة القصوى من قدرات أعضائها، والوصول السريع إلى تحقيق أهدافها.
كتاب "فتح الوهاب في مختصرات فن الإدارة لقادة المجاهدين الأحباب" لـ"أبو سعد الأثري"، يعد الدستور الإداري للجماعات والتنظيمات الأصولية في المنطقة، لما احتواه من تبسيط للفكر الإداري ونظرياته، وتطبيقه على طبيعة هذه التنظيمات وأهدافها وظروف عملها.. وسنعرض بعض أهم النقاط البارزة فيه.
هدف الإدارة عند الجهاديين
التنظيمات الجهادية تعتبر أن الإدارة الجيدة مهمة لها لثلاثة أسباب: أولها العملية الإدارية تساهم في رفع مستوى القدرات العقلية من تفكير وفهم وتخطيط وتنظيم وتقدير وحكم للجهاديين، وثانيها دور علم الإدارة في الكشف عن الطاقات وتنظيمها، والهدف الأخير هو إعداد مجموعة قيادة قوية لإدارة العمل الجهادي ولا بد لإدارة الأجهزة من خبرة ومهارة، وهذه الدورة يكتسوبنها من علم الإدارة.
كتاب الأثري مقسم إلى محاضرات، فهو كتاب لا يقرأ فحسب بل يدرس، فحسب ما ذكر مؤلفه في بدايته يقدم كدورات للتنظيمات الجهادية، من خلال الأثري نفسه، أو من خلال من تعلموا على يديه، وهو من الشروط اللازمة للإعلان عن أي تنظيم أو حركة جديدة.
دغدغة المشاعر والأحلام
في المحاضرة الأولى يقول الأثري إن العالم المتقدم يعيش أزمة حضارة بسبب افتقاده الوجهة أو الهدف الأكبر، أما المسلمون فأزمتهم الأساسية انخفاض إنتاجيتهم، وضعف إدارتهم لإمكاناتهم الشخصية والعامة، ويقول إن الأماني الوردية حول قيادة أمتنا للعالم تداعب أخيلة الكثيرين منا، وتدغدغ مشاعرهم، لكن لا أحد يسأل عن آليات تحقيق ذلك، ولا عن الإمكانات المطلوبة للسير في طريقه.
بناء الأفراد
المنطلق الأساسي في بناء الأفراد، والذي يدرسه الأثري للجهاديين، هو أنهم لا يستطيعون إيجاد مجتمعًا أقوى من مجموع أفراده، ولذا فإن النهوض بالأمة يقتضي على نحوٍ ما أن ينهض كل واحد منهم على صعيده الشخصي.
اتخاذ القرار
اتخاذ القرار لا يكون عشوائيا داخل هذه التنظيمات، فهناك عدة محاذير منها ألا يكون ردَّة فعلٍ غير مدروسة، وألا يكون مجاملة، وألا يكون ناسخا لقرار الغير، من أبناء التنظيمات، لأن ظروفه قد تختلف عن ظرف صاحب القرار.
التخطيط بتظبيط المزاج
أول قاعدة قبل التخطيط هي "اعتدال المزاج" والراحة، لتكثيف القوى الذهنية، ثم جمع المعلومات، ويحذرهم الأثري من ضرورة الإلمام بالواقع وتوصيفه كما هو عليه من غير زيادة ولا نقصان، ثم تحديد الأهداف مع مراعاة الأولويات ووضع البدائل والتوازنات، ثم حسر الوسائل والأدوات، وتحديد المكان والزمان، وأخيرا اختيار من يقوم بتنفيذ العمل.
تحديد من يقوم بالتنفيذ ليس بالأمر العشوائي، فذلك يتطلب تحديد أوصاف المنفذ المناسبة لهذا العمل، ثم بعد ذلك يبحث عمن تنطبق عليه هذه الأوصاف ويسند إليه أمر تنفيذ العمل، بعد أن يتأكد من ولائه التام.
الاجتماعات
بالإضافة لكون الاجتماعات مفيدة لتبادل الخبرات، فإن الأثري يركز على أنها وسيلة لنقل المعلومات حتى البسيطة التى تفيد التنظيم، بالإضافة إلى أنها تعطى الفرصة للجميع للمشاركة في اتخاذ القرارات- حتى ولو شكليا-، ما سيعطيهم الحماس لتنفيذها وتحمل المسؤولية، وبالاجتماعات تكرّس روح الفريق في العمل الذي لا غنى عنه في الأعمال الكبيرة.
تفويض السلطة
يؤكد الأثري أن التفويض هو أحد المبادئ الأساسية لمن أراد النجاح في وظيفته، وأنه مهم لأنه من الصعب تطبيق المركزية فى أغلب التظيمات المتشعبة والكبيرة، ويقول لأمراء الكتائب "أسناد بعض العمل إلى غيرك لكن تحت إشرافك ومسؤوليتك".
وأهمية التفويض عند الأثري: تخفيف العبء على مدير الإدارة، وإعداد الصف الثاني من المديرين، وتحقيق الرضا الوظيفي لأعضاء التنظيمات، لكن ذلك لا يتم إلا بعد تحديد الشخص المناسب للتفويض، وليس كل الأعمال تفوض لكن التفويض يكون فى الأعمال التي تتكرر ، والقرارات السهلة التي تصنع باستمرار، والأعمال التي لا يميل إليها المدير.
التحفيز
التحفيز من الأمور المهمة في علم الإدارة الجهادي، يقول الأثري، إن "الخيرون يتحفزون لعمل ما يعتقدونه أكثر ارتباطا بمصلحة دينهم مما يجعله يقودهم إلى إنجازات عظيمة و أعمال إنسانية كبيرة"، ويعطى نصيحة لأمراء التنظيمات ليتلاعبوا بعقول من حولهم فيقول "يجب عليك أن تتفهم طبيعة الناس من حولك، وتتعرف على طريقة تفكيرهم وسلوكهم، حتى تصبح أكثر قربا منهم، ومن ثم يمكنك أن تبتدع محيطا ممتعا في العمل يؤدي إلى إنتاج أفضل".