التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 09:22 ص , بتوقيت القاهرة

بروفايل| سميرة موسى.. حلم نووي اغتالته إسرائيل

في العام ذاته الذي صدر فيه وعد بلفور بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وتأسست جمهورية روسيا الاتحادية بعد نجاح الثورة البلشفية، وانضمت الولايات المتحدة للحرب العالمية الأولى، وتولى الملك فؤاد الأول السلطة في مصر، تفتحت عيون "سميرة" على الحياة في قرية سنبو بمركز زفتى، محافظة الغربية، في مثل هذا اليوم من عام 1917.


هي الابنة الرابعة لأسرتها التي انتبهت لموهبة طفلة استطاعت في زمن قياسي بعد دراستها في الكُتّاب، أن تقرأ الصحف، وتحديدا مقالات زعيم الأمة سعد زغلول، وأن تحفظ القرآن الكريم، الأمر الذي دفع والدها للسفر معها إلى القاهرة عام 1928، لإلحاقها بمدرسة قصر الشوق الابتدائية، ثم مدرسة بنات الأشراف، التي عملت على تأسيسها وإدارتها، الناشطة النسائية السياسية المعروفة، نبوية موسى.


وفي السنة الأولى للثانوية العامة، أعادت صياغة كتاب "الجبر" الحكومي، وطبعته على نفقة أبيها الخاصة، ووزَّعته بالمجان على زميلاتها عام 1933.


وحين كانت الفتيات لا تُقبلن على الالتحاق بكلية العلوم، قررت "سميرة" اختيارها، وهنا لفتت نظر أستاذها الدكتور مصطفى مشرفة، أول مصري يتولى عمادة كلية العلوم، وعندما حصلت على بكالوريوس العلوم، وكانت الأولى على دفعتها، طالب بتعيينها متجاهلا احتجاج الأساتذة البريطانيين.


لم تتوقف مسيرتها عند حد البكالوريوس، أو حتى الحصول على شهادة الماجيستير عن "التواصل الحراري للغازات"، لكنها سافرت في بعثة إلى بريطانيا، ودرست فيها الإشعاع النووي، وحصلت على الدكتوراه في الأشعة السينية وتأثيرها على المواد المختلفة.


عاصرت ويلات الحرب، وتجارب القنبلة الذرية التي دكّت هيروشيما وناجازاكي، عام 1945، ولفت انتباهها الاهتمام المبكر من إسرائيل بامتلاك أسلحة الدمار الشامل، ما جعلها تأمل أن يكون لمصر مكان وسط هذا التقدم العلمي، فأسست هيئة الطاقة الذرية في القاهرة، وحرصت على إيفاد بعثات للتخصص في علوم الذرة والتسليح النووي، وتوصلت إلى معادلة مهمة، تمكن من تفتيت المعادن الرخيصة مثل النحاس، ومن ثم صناعة القنبلة الذرية من مواد قد تكون في متناول الجميع.


"أمنيتي أن يكون علاج السرطان بالذرة مثل الأسبرين" ..


كانت "سميرة" تتمنى أنه مثلما تستطيع أن تخدم عملية السلام باستخدام الذرة، تستطيع أيضَا أن تخدم صحة الإنسان. 


وفي أغسطس عام 1952، استجابت لدعوة بالسفر إلى أمريكا، وأُتيحت لها فرصة إجراء بحوث في معامل جامعة سان لويس، وقبل عودتها بأيام، صدمتها سيارة، وألقت بها في وادٍ عميق، واتجهت أصابع الاتهام في اغتيالها إلى الموساد بمساعدة الممثلة اليهودية راقية إبراهيم، وما زالت ملابسات القضية غامضة حتى الآن.


«لقد استطعت أن أزور المعامل الذرية في أمريكا وعندما أعود إلى مصر سأقدم لبلادي خدمات جليلة في هذا الميدان وسأستطيع أن أخدم قضية السلام» ..


كانت هذه آخر رسائلها، لكن عالمة الذرة سميرة موسى لم تعد، ولم تستكمل حلمها.