التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 12:41 م , بتوقيت القاهرة

خاص|تهريب الآثار.. التنقيب في سوريا والبيع في تركيا

4 سنوات من الحرب في سوريا كانت كفيلة بحدوث انفلات أمني في أغلب المناطق السورية الأمر الذي كان بيئة خصبة لما يسمى بـ "تجار الأزمات" وعلى رأسهم مهربو الآثار.


تشهد أنحاء سوريا عامة ومحافظة إدلب وحلب بشكل خاص، أعمال نهب وتهريب للآثار فهي منطقة تحتوي على ثلث آثار سوريا، في الوقت الذي يؤكد فيه شهود عيان وتقارير دولية، تهريب الآثار تلك عبر تركيا.


"إدلب الخضراء"، المسمى الذي عرفت به هذه المحافظة لغناها بالأراضي الخصبة، إلا أنها عرفت أيضا بـ "العريقة"، وتعتبر المحافظة أرض مملكة "إيبلا" التاريخية التي ازدهرت في عام 2000 قبل الميلاد في هذه المنطقة الواقعة شمال غربي سوريا.


في ستينيات القرن الماضي، عثر مستكشفون إيطاليون على وثائق تاريخية تشير إلى حضارات عديدة وصلت إلى "إدلب"، منها الآشوريون والسومريون والفينيقيون، بينما وقعت هذه المنطقة تحت حكم مؤسس الإمبراطورية الأكادية سرجون الأول في النصف الثاني من العام 2000 قبل الميلاد.
وبحسب مديرية الآثار بالمحافظة، فهناك 800 موقع أثري مسجل بين حلب وإدلب، إلا أن غالبيتها يقع في الأخير، وقد طرحت جميعها لتدون في سجل الإرث الحضاري العالمي.



"الحاجة أصبحت ملحة، والأسعار في ازدياد ولا ترحم أحدا، وأنا لا أستطيع تكلف كل تلك النفقات لي ولأسرتي، وقد وجدت أن هذا العمل مربح وفيه مردود مادي جيد جدا"، هكذا تحدث أحد مهربي الآثار السوريين لـ "دوت مصر" عن الدوافع التي تسببت في احترافه لهذه المهنة.


"دوت مصر" توصل إلى أحد هؤلاء المهربين –رفض ذكر اسمه- الذي قال إن أعمال التهريب التي تجري على قدم وساق بدأت العمل في مناطق ريف إدلب عبر الحفر والتنقيب في التلال الأثرية.
وأضاف في اتصالات متتالية عبر الهاتف وموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، إن مهربي الآثار منتشرون في أنحاء المحافظة حيث عثروا على كثير من القطع الأثرية المعدنية وغيرها بالإضافة إلى تماثيل ومنحوتات تاريخية.
ويستكمل حديثه، قائلا: "أنا شخصيا أخرجت العديد من الجرار الفخارية والقطع الذهبية الرومانية، هربتها عبر منافذ حدودية غير رسمية إلى تركيا حيث بعتها هناك لمشترٍ سيوصلها للسوق الأوروبية". 


كشف المهرب عن تورط مسلحين ينتمون لجماعات المعارضة السورية بكافة أطرافها في تهريب الآثار السورية، متابعا: "لا يمكننا الحفر في مكان ما دون مساعدة الكتائب المسلحة، هم يوفرون لنا الحماية ونحن نقوم بالتنقيب، ونتقاسم المردود المادي".
وأشار المهرب، الذي رفض ذكر اسمه وهو أحد مقاتلي أحد التنظيمات المسلحة، إلى أن ما أسماه بـ "الكتائب المقاتلة ضد نظام بشار الأسد" تقوم بشراء الأسلحة التي تستخدمها في المعارك بالداخل السوري من أموال تهريب القطع الأثرية.
وشدد أن "الكتائب المسلحة" تورطت في أعمال تهريب الآثار فقط عبر تأمين مناطق الحفر مقابل الحصول على الأموال.



وحول عملية الحفر والتنقيب عن الآثار السورية، قال: "نستخدم معدات بدائية في الحفر، مثل التركس الكبير كي نستطيع عمل فتحة في التلال ومن ثم تبدأ عملية الحفر اليدوية".
وتابع قائلا: "التل الذي نرى أن في داخله آثار لها قيمة كبيرة، تقوم الكتائب المسلحة المرتبطة بكل جماعة تهريب بتأمينه وإذا لم نجد في التل شيئا نتركه ونتوجه لغيره، وهكذا".