التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 09:49 م , بتوقيت القاهرة

هل تغيّرت السياسة السعودية؟

سوف يتابع المحللون زيارة الرئيس السيسي للسعودية- التي تبدأ اليوم الأحد- لمحاولة الإجابة عن سؤال طرحه البعض منذ رحيل العاهل السعودي السابق الملك عبدالله، وهو هل تغيّرت السياسة السعودية تجاه مصر في عهد العاهل الجديد الملك سلمان؟


إجابتي، وقبل أن تظهر نتائج الزيارة، هي أن توجهات السياسة الخارجية للملكة تجاه مصر لم تتغير، وأن هذه التوجهات لا ترتبط فقط بتفاعلات العلاقات الثنائية بين البلدين، ولكن ترتبط أيضًا بالمتغيرات الإقليمية في الشرق الأوسط والتغير في طبيعة العلاقات بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية.


المملكة السعودية أخذت موقفًا متشككًا ومتحفظًا تجاه ما يُعرف بالربيع العربي، وخاصة ما ارتبط به من وصول الإسلاميين للحكم في عددٍ من البلدان العربية، ومنها مصر، واعتبرت أن ذلك يُمثل تهديدًا لأمنها القومي وأمن منطقة الخليج. 


وبالرغم من أن السعودية مثلت ملجأً للإخوان في الستينات أثناء صراعهم مع الرئيس السابق جمال عبد الناصر، إلا أن هذا الموقف تغيّر في التسعينات بعد تأييد الإخوان لاحتلال صدام حسين للعراق.


أيدت السعودية الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، واعترفت بالنظام الجديد في مصر، وأرسل الملك عبدالله رسالة تهنئة إلى الرئيس الجديد عدلي منصور، معتبرًا أن "رجال القوات المسلحة أخرجوا مصر من نفق يعلم الله أبعاده وتداعياته".


وأوضح العاهل السعودي "أن المملكة العربية السعودية شعبًا وحكومة، تقف مع أشقائها في مصر ضد الإرهاب والضلال والفتنة، وتجاه كل من يحاول المساس بشؤون مصر الداخلية".


لا أعتقد أن هذا الموقف السعودي قد تغيّر، فالتهديد من قوى الإسلام السياسي مازال قائمًا، بل واقترب بشكلٍ كبير من حدود دول الخليج مثل داعش في العراق وسوريا، أو الحوثيين في اليمن.


المسألة الأخرى ترتبط بعلاقة المملكة السعودية بالولايات المتحدة، والتي تشهد مراجعة منذ أحداث الربيع العربي فى ضوء الموقف الأمريكي الداعم لتغيير النظم  والإطاحة بحلفائها في المنطقة مثل الرئيس المصريّ السابق حسني مبارك، ومساندة وصول الإسلاميين للحكم. وقد أثار ذلك مخاوف السعودية من مواقف الولايات المتحدة من حلفائها وإمكانية الاعتماد على الدعم الأمريكي في المستقبل.


يرتبط بذلك أيضًا موقف الولايات المتحدة من سوريا، والذي أدى لتوتر في العلاقات السعودية الأمريكية، بلغ ذروته بعد أن قرر الرئيس أوباما التخلي عن توجيه ضربة عسكرية لسوريا، واختار بدلا من ذلك دعم المقترح الروسي بتجريد سوريا من مخزون الأسلحة الكيميائية.


يُضاف لهذا أن المملكة السعودية تتخوف من المفاوضات النووية التي تقودها الولايات المتحدة مع إيران، وترى أن الرئيس الأمريكي أوباما يتحرك بسرعة كبيرة جدا لإنهاء بعض العقوبات ضد إيران في مقابل تعليق برنامجها لتخصيب اليورانيوم، ومتجاهلا القلق السعودي إزاء تصرفات إيران في الشرق الأوسط وتدخلها في العديد من البلدان مثل لبنان وسوريا والبحرين والعراق.


التشكك السعودي في توجهات السياسة الأمريكية ومصداقية تعهدها بمساندة حلفائها في أوقات الأزمات هو أحد الأسباب التي دفعت المملكة السعودية للانفتاح شرقا، وكان أحد مظاهرها زيارة ولي العهد السعودي فى ذلك الوقت - الأمير سلمان وهو الملك الحالي- إلى الصين في مارس 2014، وحديثه عن السعي لبناء شراكة استراتيجية بين المملكة السعودية والصين. إلا أن الأمر الأهم في هذا الصدد كان سعي السعودية لدعم علاقتها الاستراتيجية والعسكرية مع مصر للمساهمة في التصدي للمخاطر التي تواجهها منطقة الخليج في ضوء المتغيرات السابقة.


الخلاصة هي أن العلاقات المصرية السعودية ستظل قوية لأنها تستند لرؤية مشتركة للتعامل مع المتغيرات الإقليمية والعالمية، ولا يُمكن إغفال دور هذه المتغيرات في فهم تطور العلاقات بين البلدين.