فيديو| موقف السلوم.. ثالث محطات شحن وتفريغ الهموم
"مرحبا بك في خليج السلوم".. لافتة مستطيلة أمام قطعة أرض كبيرة ممتلئة بعشرات السرافيس البيضاء، في انتظار العائدين من الطريق المتعرج، الذي يتوسط الجبل الحدودي بين الأراضي المصرية الليبية، بعد اجتيازهم طريق الموت الأول، ورحلة الشقاء الثانية داخل الحدود والجمارك المصرية التي كشفوا عن تفاصيلها لـ"دوت مصر".
نحو الموقف تتوجه الحافلات المحملة بمتاع أصحابها وهمومهم، ليفرغوها في انتظار اتفاق مرضي مع أخد السائقين حتى يعودوا إلى محافظاتهم الصعيدية في أغلب الأحيان، فيقول "أحمد" العائد من المنطقة الشرقية بليبيا: "قالولنا فيه طيارات مستنيانا، وعربيات تنقلنا.. ومالقناش لا ده ولا ده، مالقناش غير بهدلة، وكل واحد يقابلنا عايز فلوس".
ورغم أن رحلة الموت التي شهدها الشاب العشريني، لا يعنيه منها سوى المعاملة التي لاقاها بعد أن عاد إلى مصر، فيتابع بتهكم: "الناس بصالنا على إننا راجعين من سويسرا بـ30 أو 40 مليون جنيه، وإحنا أساسا نازلين مطحونين من غير فلوس أصلا، ووصلنا علشان يكملوا علينا".
ولخص بصراحة واضحة أول مشهد يلقاه أثناء منفذه من الحدود الليبية، في عبارة "بوابات الشرطة اللي بنعدي عليها، بدل ما بيقولونا حمد لله عالسلامة بيقولولنا إدونا فلوس".
وبجلباب بالي ورأس معصوب، تحدث شاب صعيدي ممتلئ الجسد والوجه عن المعاملة التي لاقاها داخل الجمارك المصرية، قائلا: "ضربونا وبهدلونا في الجمرك، وكل واحد يقابلنا عايز 25 جنيها"، وحينما عقد مقارنة بين أسلوب المعاملة في الجمارك الليبية والمصرية، قال: "الليبي بيعاملنا أحسن من المصري".
وبعمامة وجلباب رماديين وقف عم طلبة، العائد من ليبيا قاصدا مسقط رأسه أسيوط، أعرب عن استيائه بعد عودته من ليبيا لعدم تواجد سيارات، متسائلا: "فين العربيات اللي بيقولوا عليها في التليفزيون، وفين العناية، ماجلناش الحاجات دي واصل"، فيما أكد أن هناك آخرين من العائدين محبوسين بالجمارك من الساعات المبكرة من الصباح، بسبب صعوبة الإجراءات، ويتابع متسائلا: "بيقولك الدولة مسهلة الأوراق.. فين التسهيلات دي بقا؟!
وبعصبية شديدة، يعززها شقاء الطريق، أضاف مصطفى، أحد العائدين، قائلا: "في عربيات هنا قطاع خاص، بينزلونا من الجبل لحد هنا، أقل من اتنين كيلو متر، وبيأخدوا 40 جنيها عالشخص الواحد"، إلا أن كلماته اقتطعتها مشاجرة نشبت بالموقف بين سائقين وعائدين من ليبيا، بسبب الأسعار المرتفعة التي حددوها كي ينقلوهم إلى محافظاتهم في صعيد مصر، ليقول أحد السائقين لـ"دوت مصر": العربيات كتير، بس هما اللي مش عايزين يركبوا، بيقولوا الأجرة غالية، لما نأخد 400 جنيه عالعربية كلها من السلوم للصعيد تبقى الأجرة غالية؟!".
تصوير - محمد أوسام
فيرد عليه أحد العائدين الملتفين حول السيارة، قائلا: "إحنا جينا هنا علشان نترحم من اللي هناك، بس لما جينا هنا محدش رحمنا، من ساعة ما رجعنا من ليبيا كله عايز فلوس، مسابولنا إلا 10 دينار"، فينقطع الحديث مرة أخرى بدخول إحدى الحافلات التي خصصتها محافظة مطروح لنقل العائدين من ليبيا من المنفذ لموقف السيارات الأجرة، فيعلق أحدهم: "مش كل حاجة سودة، ما الحكومة مخصصة العربيات دي علشان تنقل الناس، إيه معهاش فلوس"، ليشكك آخر: "لأ برضه بيأخدوا منهم فلوس".
وعن غلاء أسعار نقل الركاب من المنفذ، أكد يوسف، أحد السائقين، أنهم يرفعون أسعار النقل من منفذ السلوم إلى الموقف، وقد تصل إلى 40 أو 50 جنيها للفرد، إلا أنهم في المقابل، يخصصون مقعدين أو ثلاثة للمصريين العائدين من الذين فقدوا أموالهم، أو سرقوا أثناء العودة، وأحيانا يقيمون نقلات كاملة لهؤلاء المواطنين.