التوقيت الإثنين، 25 نوفمبر 2024
التوقيت 04:50 م , بتوقيت القاهرة

في "امتحان الموصل".. هل "تكرم" أمريكا أم "تهان"؟

"يجري تجهيز قوة عراقية وكردية تضم ما بين 20 ألف إلى 25 ألف جندي لاستعادة مدينة الموصل، ثاني أكبر المدن العراقية، من مقاتلي تنظيم الدولة )داعش( خلال شهري أبريل/ نيسان ومايو/ آيار القادمين".. هكذا أعلن مسؤول بالقيادة المركزية الأمريكية، رفض الكشف عن اسمه، لافتا إلى أن الموصل تقع حاليا تحت سيطرة ما بين ألف إلى ألفين من مقاتلي التنظيم.


"امتحان صعب"، هذا أقل ما يمكن أن توصف به معركة استعادة الموصل القادمة، باعتراف المسؤول الأمريكي ذاته، الذي أكد، في تصريحات للصحفيين، بمقر وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون)، أول أمس، الخميس، أن الأمر سيستغرق وقتا وأن المعركة ستكون صعبة وليست سهلة، مشيرا إلى أن "الحملة العسكرية التي قادها التحالف الدولي ضد داعش نجحت في جعل عناصر التنظيم في موقف دفاعي"، فترى، وعلى طريقة المثل الشعبي، هل "تكرم" أمريكا في الامتحان أم "تهان"؟



لماذا الموصل


تعد الموصل، التي تمكن تنظيم الدولة من السيطرة عليها في 10 يونيو/ حزيران الماضي، هي المعقل الرئيس لـ"داعش"، بتأكيد رئيس الوزراء العراقي، حيدر البغدادي، حيث تمكن فيها من تحقيق مكاسب عسكرية وسياسية لا يمكن الاستهانة بها، ليصبح التنظيم الأغنى في العالم، ذلك أنه سيطر على فروع البنك المركزي العراقي في المدينة، ومصافيها النفطية، إلى جانب المعدات العسكرية الهائلة التي غنمها، من مدافع ودبابات ومدرعات ومنصات قتالية بل حتى طائرات وصواريخ.



التحضيرات بدأت


وكان حيدر العبادي أعلن، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، أوائل الشهر الجاري، أن "استعادة الموصل بدأت منذ حوالي 3 أشهر، واخترنا قيادة لعمليات تحرير الموصل، وخطة تحرير متكاملة وتعتمد على تجهيز القوات العراقية والبيشمركة الكردية".



ووفق ما أوضح رئيس الوزراء العراقي، خلال الأيام الماضية، بدأت التحضيرات الفعلية على الأرض استعدادا لـ"تحرير الموصل"، وهذا ما أكده خبير عسكري أمريكي بالعراق لـشبكة "سكاي نيوز عربية"، الخميس، مشيرا إلى أن قوات من المشاة البحرية الأمريكية "المارينز" وصلت بالفعل إلى البلاد للمشاركة في المعركة البرية ضد التنظيم، وذلك للمرة الأولى.



فشل أمريكي


غير أن الولايات المتحدة، التي أعلنت الحرب على تنظيم "داعش"، في 11 سبتمبر/ أيلول الماضي، وتشكيل تحالف دولي يضم أكثر من 40 دولة لمواجهة خطر التنظيم، الذي بات يسيطر على رقعة جغرافية تجمع بين العراق وسوريا، وتساوي في مساحتها دولة كاملة، لم تستطع بعد إثبات صدق نيتها في القضاء عليه.



وأخفقت حملة القصف الجوي الأمريكية بسوريا والعراق في إبطاء وتيرة تدفق المقاتلين الأجانب للانضمام إلى "داعش"، ومن بين ذلك ما لا يقل عن 3400 من الدول الغربية، من أصل 20 ألف منخرط من بقية أنحاء العالم، حسبما أفادت وكالة "أسوشيتد برس" نقلا عن مسؤولين في المخابرات الأمريكية.



تفوق داعشي


ونشرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مقالا للكاتب تشارلي وينتر، قال فيه إن الضربات الجوية التي يشنها التحالف الدولي على مواقع تنظيم "داعش"، أسهمت على العكس في تعزيز قوة التنظيم، وجعلت الجماعات الإسلامية الأخرى تتضامن معه، وينضم بعض مقاتليها إليه.


ويحسب شبكة "CNN"، قام تنظيم داعش، منذ بضعة أيام، بشن هجمات جديدة على عدة جبهات عبر أنحاء العراق، ففي الشمال يهاجم مسلحوه القوات الكردية في المدن بما فيها سنجار، وفي الغرب هجوم آخر يستهدف القوات العراقية في بلدة البغدادي، التي تبعد أميال قليلة عن قاعدة جوية استراتيجية يتواجد فيها نحو 400 عسكري أمريكي يقومون بتدريب القوات العراقية.



النتيجة غامضة


وتبقى نتيجة هذا المعركة، رغم ذلك، غامضة ولا يمكن التنبؤ بها، خاصة وأن قوات البيشمركة الكردية باتت تحاصر الموصل من 3 جهات وأصبحت على مسافة 10 الى 15 كم من مركز المدينة، في وقت تقوم الولايات المتحدة حاليا بتدريب نحو 3200 عراقي في 5 مراكز تدريب باشراف مستشارين أمريكيين، بحسب المسؤول بالقيادة المركزية الأمريكية، الذي أشار إلى أن مشاورات على أعلى مستوى تجري داخل الإدارة الأمريكية حول إمكانية نشر مستشارين عسكريين أمريكيين على الخطوط الأمامية في المواقع القتالية لدعم القوات العراقية والكردية.


إما تكرم


فإما تنجح أمريكا هذه المرة، وبذلك تكون قد استطاعت وقف "الزحف الداعشي" وإفقاد التنظيم معقله الرئيسي، وإعادة المدينة إلى سيطرة القوات العراقية تمهيدا للقضاء على عناصره، وقبل ذلك كله تثبت للجميع صدق نواياها، وتنفي عنها التهمة بتبنيها لـ"داعش" بهدف جر الدول العربية فى الحروب وإنهاك قواها.


وإما تهان


وإما أن تفشل، فتثبت عليها التهمة، ويصبح ذلك ذريعة للتنظيم، الذي بات مصدرا لتهديد العالم، للتوسع وكسب مناطق جديدة، لبيصبح أكثر شراسة، ويظل بذلك كابوسا يؤرق الجميع.