التوقيت الإثنين، 23 ديسمبر 2024
التوقيت 09:56 ص , بتوقيت القاهرة

أنور قرقاش: هذه خطوات محاربة "داعش"

 أكد وزير الدولة الإماراتية للشؤون الخارجية، الدكتور أنور قرقاش أن الحرب الحالية ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" ليست صراعا داخل الإسلام، بل هي حرب ضد التطرف. وشدد على أن التطرف العنيف ليس مشكلة إسلامية فقط.

وقال "قرقاش" في كلمته أمام الجلسة الثالثة بقمة البيت الأبيض حول مكافحة التطرف العنيف أمس الخميس تحت عنوان "إضعاف شرعية وتأثير علامة التطرف العنيف.. السياسات والبرامج الفعالة والتحديات ورسم طريق التقدم في المستقبل" إنه من أجل إضعاف "داعش"، وإفشال رسالتها الخبيثة والضارة علينا أن نوحد جهودنا لإحباط واعتراض اتصالاتها.

وأضاف: "علينا في هذا الصدد أيضا أن ندعم علماء ومرجعيات الإسلام الوسطي والمعتدل، وأن نمدهم برؤية ثاقبة وصوت عال".

كما شدد على أن دولة الإمارات العربية المتحدة كانت ولاتزال من المناصرين والداعين الدائمين للأجندة المعتدلة في الشرق الأوسط من خلال رعايتها واحتضانها واستضافتها للمبادرات المعتدلة مثل مجلس حكماء المسلمين، ومنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، ومركز "هدايا" لمكافحة التطرف العنيف.

وفيما يلي نص الكلمة

"تركز جماعات التطرف العنيف في كل مكان على نحو متزايد على مواردها من أجل خلق علامات مميزة وقوية يمكن أن تستخدمها من أجل نشر التطرف وتجنيد الأفراد الأضعف في مجتمعاتنا .. ولتحقيق أهدافها تستغل هذه الجماعات بذكاء مساحة الحريات التي توفرها منابر التواصل الاجتماعي والإنترنت وتختبىء بشكل ماكر وراء الحصانات التي نوفرها لحرية الخطاب والتعبير. 

أقول بكل صراحة ووضوح للذين يعتقدون أن التطرف العنيف هو مشكلة إسلامية إن الأمر ليس كذلك لأن التطرف العنيف ظاهرة استغلت مختلف المعتقدات والأديان؛ بل إنها تتحدث الكثير من اللغات، ولهذا فإن حربنا الحالية ضد تنظيم "داعش" ليست صراعا داخل الإسلام؛ بل هى حرب نخوضها ضد التطرف . 

وللأسف فإن "داعش" أصبحت رائدة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر خططها الشريرة، ونجحت في خلق علامة مثيرة للإشمئزاز لكنها قوية ذات أصداء عالمية، وللأسف أيضا فإن دعاية الكراهية لـ "داعش" مازالت تجذب إليها حشدا من المقاتلين الأجانب وتستمر في خداع الأفراد المغرر بهم لتنفيذ هجمات إرهابية من تلقاء أنفسهم.

 كما أن نجاح داعش الواضح يثير المخاوف بأن تشكل طرق التنظيم القتالية برنامج عمل للجماعات الإرهابية الحالية والمستقبلية حول العالم.

 ولذا يجب أن يكون تفكيك ورفض ماركة "داعش" القوية وأيديولوجية الكراهية من الأهداف الملحة والهامة في جهودنا لمكافحة التطرف العنيف. ومن أجل إضعاف ماركة "داعش" وإفشال رسالتها الخبيثة والضارة علينا أن نوحد جهودنا لإحباط واعتراض اتصالاتها، وأن نركز في هذا الشأن على عدد من القضايا الأساسية، وهى:

 أولا: علينا إلتزام الحذر الشديد فيما يتعلق بالعبارات والمصطلحات حتى لا نُساهم من غير قصد في الترويج لعلامة "داعش" الضارة، وهذا يعني أن نوضح بصورة جلية وجازمة أن أفعال وأيديولوجية "داعش" لا تمت بأية صلة لعقيدة الإسلام، وبدلا من ذلك فإن أيديولوجية "داعش" للكراهية تحاول اختطاف الإسلام لخدمة الأهداف الشريرة والإستبدادية للجماعات الإرهابية.

 وللتأكيد على هذه النقطة يجب أن نتوقف عن الإشارة إلى داعش باسم " الدولة الاسلامية" لأنها ليست دولة وليست اسلامية، وفي الواقع نحتاج أيضا إلى تجنب استخدام بعض العبارات مثل "التطرف الإسلامي"، الذي يوحي بأن جماعات مثل "داعش" لها أصول متجذرة في الإسلام، وهذا يجافي الحقيقة لأنهم لا يمثلون إلا طائفة ارهابية دكتاتورية . ونتفق مع اقتراح الآخرين بنعتهم بـ " جماعة داعش الإرهابية ".

 إضافة إلى ذلك فإن منع هذه الجماعات الإرهابية من اختطاف الإسلام لم يعد مشكلة عربية أو هما عربيا فقط لأن الإسلام دين عالمي شامل متجذر في مجتمعاتنا، وليس فقط في أندونيسيا ودولة الإمارات العربية المتحدة وجنوب أفريقيا ومصر والمغرب؛ بل في بلدان آخرى مثل فرنسا وألمانيا، وبالتالي فإن الدفاع عن الإسلام الحقيقي والمعتدل أصبح مسؤولية جماعية تهمنا جميعا .

 ثانيا: علينا التأكيد أن جهود "داعش" الناشئة لإقامة دولتها وفرض إيديولوجيتها على الآخرين فاشلة ولاجدوى منها وبما أن ماركة "داعش" المنتشرة قامت على القوة والنجاح فإنه علينا أن نكشف ضعفها وفشلها الدائم في تحقيق أهدافها الكبيرة .

 ثالثا: نحتاج إلى وحدة قوية في حربنا ضد "داعش" ولايجب أن نسمح لأجندتها الطائفية بأن تزرع بذور الفرقة والشتات بيننا، ولهذا علينا أن نحمي حقوق الأقليات وأن نضمن أن القطاعات الأكثر تأثرا وضعفا يتمتعون بتمثيل عادل في مجتمعاتهم.

 رابعا: علينا أن نحقق التوازن العادل بين حماية وصون قيم حرية الخطاب والتعبير واحترام القيم الدينية والتقاليد لكل الأفراد في مجتمعاتنا، وهذا عامل هام لدحض مزاعم داعش بأنها "حامية للقيم الإسلامية ".

 خامسا: وهو عنصر أكثر أهمية لأننا نحتاج فيه أن نثبت أن داعش لا تقدم أجوبة عن القضايا الحيوية للمنطقة، ورغم مزاعمها فشلت في تقديم نموذج لإدارة فعالة وتوفير فرص اقتصادية أو حتى خدمات اجتماعية تتطلع إليها وتستحقها شعوب العالم العربي.

 ومن المهم للغاية أن نوصل هذه الرسائل بصورة واضحة ومستمرة غير أنه لا يمكن تحقيق ذلك عبر الخطاب العلماني وحده والأهم من ذلك كله نحتاج إلى خطاب ديني عقلاني يدحض سوء تفسير داعش للإسلام.

 ولهذا علينا أن ندعم علماء وسلطات ومرجعيات الإسلام الوسطي والمعتدل ونمدهم برؤية ثاقبة وصوت عال. كما أننا يجب أن نكون حذرين من أيديولوجيات الكراهية الزاحفة نحو مجتمعاتنا والتي يروج لها في مساجدنا وكنائسنا.

 لقد ظلت دولة الإمارات العربية المتحدة ولاتزال أحد المناصرين والداعين الدائمين للأجندة المعتدلة في الشرق الأوسط التي تؤكد وتدعم هذه الرسائل، وتعارض بشدة ماركة "داعش" والجماعات المتطرفة الآخرى من خلال رعايتها واحتضانها واستضافتها للمبادرات المعتدلة مثل مجلس حكماء المسلمين ومنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة ومركز هدايا لمكافحة التطرف العنيف".