التوقيت الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024
التوقيت 11:33 ص , بتوقيت القاهرة

"نجيب".. أول رئيس للجمهورية الذي أنهى حياته بالإقامة الجبرية

"كان من الصعب أن أموت في مكان آخر غيرها بعد كل هذه السنوات من العِشرة، ولكن ليس لي نصيب في تحقيق هذه الأمنية، وبذلك لا أكون قد اخترت المكان الذي أعيش فيه، ولا المكان الذي أموت فيه".. هكذا يقول في مذكراته عن الفيلا التي قضى فيها ثلاثين عاما.


الرئيس محمد نجيب أول حاكم مصري يحكم مصر حكما جمهوريا بعد أن كان ملكيا عقب ثورة 23 يوليو 1952 التي انتهت بعزل الملك فاروق، لكنه لم يستمر في الحكم سوى فترة قليلة بعد إعلان الجمهورية في 18 يونيو 1953، حيث عزله مجلس قيادة الثورة بسبب مطالبته بعودة الجيش لثكناته وعودة الحياة النيابية، وتم وضعه تحت الإقامة الجبرية بعيدا عن الحياة السياسية لمدة 30 سنة.


الرئيس الراحل محمد نجيب الذي ولد بالسودان بساقية أبو العلا بالخرطوم، لأب مصري وأم مصرية سودانية المنشأ في 19 فبراير عام 1901، والذي يتزامن اليوم مع ذكرى ميلاده، أحد الشخصيات السياسية التي عانت من الظلم والفقر والتهميش خلال فترة كبيرة من حياته.


في ضاحية المرج قضى "نجيب" أكثر من ثلاثين عاما من عمره، تحت الإقامة الجبرية داخل فيلا زينب الوكيل زوجة مصطفى النحاس باشا، التي لم يبقي منها سوى بعض الحجارة بعد بيع الفيلا لأحد المستثمرين الذي قرر هدمها.


منطقة المرج أصبحت تعرف باسم "عزبة محمد نجيب"، الجميع هناك يعرف من كان يعيش في هذا المكان، يقصون بكل فخر أن الرئيس الأول لجمهورية مصر العربية كان يتقاسم معهم العيش في نفس منطقتهم.


"رجل صالح، محب للخير لأقصى درجة، يحظى بحب واحترام جميع سكان المنطقة".. هكذا لخص "الشيخ مصطفى" التي تزوجت ابنته من ابن محمد نجيب، ثلاثين عاما من معرفته بنجيب.


ظل نجيب حبيس الإقامة الجبرية، حتى جاء إليه الرئيس أنور السادات وقرر إنهاء فترة إقامته الجبرية-وفقا للشيخ مصطفى- الذي أكد في تصريحات خاصة لـ"دوت مصر" أنه عقب قرار الإفراج عنه بدء بالاختلاط مع أهالي المنطقة، واصفا حالته وقتها بـ"السعيد جدا" ، حيث كان يذهب للصلاة بالمسجد ويتصدق على أهالي المنطقة، ويساعدهم ويرسل المرضى منهم للعلاج.


مشاعر نجيب عقب إطلاق سراحه وصفها هو شخصيا في مذكراته  قال لي السادات: أنت حر طليق !! لم أصدق نفسي هل أستطيع أن أخرج وأدخل بلا حراسة هل استطيع أن أتكلم في الهاتف بلا تصنيت هل أستطيع أن أستقبل الناس بلا رقيب، لم أصدق ذلك بسهولة، فالسجين في حاجة لبعض الوقت ليتعود على سجنه، وفي حاجة لبعض الوقت ليعود إلى حريته، وأنا لم أكن سجينا عاديا كنت سجينا يحصون أنفاسه".


وأوضح الشيخ مصطفى أن نجيب كان عاشقا للحيوانات خاصة الكلاب والقطط ، حيث كان يرسل حراسه ليأتون بالخبز واللحم لإطعام الكلاب والعناية بهم يوميا.


وعقب انتقاله من الفيلا في عصر الرئيس الأسبق حسني مبارك، نتيجة حكم المحكمة لورثة زينب الوكيل باسترداد القصر الذي تم التحفظ عليه من قبل مجلس قيادة الثورة، لاقت الفيلا الإهمال وانتشار القمامة، الأمر الذي أحزن أهالي المنطقة وأرادوا تحويلها إلى مستشفى أو مدرسة ينتفع منها أهالي المنطقة الذين لا يملكون أية خدمات، ولكن سرعان ما تم بيعها من قبل الورثة لأحد رجال الأعمال الذي هدمها، وأصبحت مأوى للحيوانات الضالة، ومركزا لتجمع القمامة.