التوقيت الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024
التوقيت 09:51 ص , بتوقيت القاهرة

فيديو| المجذوب.. عاشق سارح في الملكوت

دقات مُنظمة على رق كبير، داخل صوان، تُبشر ببداية حضرة، فنتوجه إليها، لنجد شخصا ممتلئ الجسد والوجه، بملامح طفولية، يجلس على الأرض رغم وجود مقاعد، ويلف فوق عمامته، عمامة كبيرة أشبه بعمامات علاء الدين والسندباد البحري، صنعها بواسطة عباءة كبيرة.


يتحرك حركات مستمرة متناسقة مع دقات الرق، وينشد كلمات غير مترابطة، كثيرا ما يتخللها همهمات دون حروف، إلا أنها تتمحور حول الكلمات "مدد مدد.. حضرة النبي.. يا أم العواجر.. ستي الكريمة.. يا سيدنا الحسيين.. صاحب الفرح"، وهكذا.


من بين أهل حي الحسين وحضور مولده، سألنا عنه من حوله، فقالوا "مجذوب"، فبدأنا نقترب منه بحذر لمحاولة التحدث إليه، إلا أنه لم يستجب، واستمر في الإنشاد.


وبداخل أحد خدمات زوار آل البيت، جلسنا لتناول "النفحة"، كما يسمونها، فإذ فجأة يصيح أحدهم بشكل يثير الذعر، فيثير ذعرنا ضحك الجميع، قائلين: "لا تقلقوا.. هذا مجذوب"، وبعد أن ركزنا كاميراتنا عليه، بدأ يقوم بحركات جسدية ملفتة للأنظار، وينسق في مظهره، وكأنه اكتشف أن أحدهن معجبة به.


اقتربنا منه بشيء من الرهبة، وبدأنا نتحدث معه، فأجابنا أن اسمه حسين، ولكنه التزم بالسؤال "ليه" على كل سؤال آخر نوجهه إليه، وهو ما أثارنا أن نعرف من جموع الصوفيين أنفسهم، من هو المجذوب، وكيف نحكم على شخص بأنه كذلك، وماهي درجات الجذب؟


فيجيبنا صاحب الخدمة، وأحد المحبين لآل البيت، إن المجذوب هو الشخص الذي زهد الدنيا، وهو الشخص الذي لا يبحث عن مال أو عن امرأة، و"داير في حب الله وسبيله".


ويفسر أحد المتصوفين ذلك، بأنه مجذوب في حب الله وآل بيته، قائلا: "إن الجذب ليس له مقاييس، فكل مجذوب يتميز بما يفعله، وهو بيتعامل معاك يقوم عامل حاجة مش طبيعية، ولكن في حدود الأدب، أما إن خرج عن الأدب فيروح مستشفى المجانين"، مضيفا بأن الجذب هو حبا زائد، يظهر في تصرفات متناقضة لا تنم سوى عن المحبة.


وعن تفاصيل الجذب في الصوفية، قال أحد كبار شيوخ الصوفيين، الذي رفض ذكر اسمه، أن "المجذوب" لفظ مقرون بالجنون، الذي اشتق من ألفاظ غيبية كالجن والجنين والجنة، الذين لا نراهم، فالمجذوب هو من يُؤخد من الحياة فجأة، ويرى شيئا من الأنوار، أو يُمن عليه الله بسر من الأسرار، فيُغيبه عن حياته الدنيوية، وينجذب لعالم لا يعيش فيه.


وتابع الشيخ أن للمجاذيب درجات وأشكال، كالبهاليل، فالبهلول يمشي بلا مبالاة، ولا يبحث عن شيء، إن لم يجد من يُطعمه لا يأكل، وإن لم يجد من يبدله ثيابه، فلا يبدلها حتى تُبلى عليه.