حيثيات الحكم بإعدام 183 متهما بأحداث كرداسة
أودعت محكمة جنايات الجيزة، برئاسة المستشار محمد ناجي شحاتة، أسباب حكمها الصادر مطلع الشهر الجاري، بمعاقبة 183 متهم بالإعدام شنقا "من بينهم 34 هاربا و 149 آخرين محبوسين" ومعاقبة متهم "حدث" بالسجن لمدة 10 سنوات، وبراءة متهمين إثنين "أحدهما هارب والآخر محبوس" وانقضاء الدعوى الجنائية بحق إثنين آخرين نظرا لوفاتهما قبل الفصل في الدعوى، وذلك في قضية إدانتهم باقتحام قسم شرطة كرداسة، وقتل مأمور القسم ونائبه و 12 ضابطا وفرد شرطة في أعقاب فض الاعتصامي الإخوان برابعة العدوية والنهضة.
الاقتحام الممنهج
كشفت المحكمة في حيثيات الحكم عن أن أدلة الثبوت والاعترافات والتحقيقات والأدلة الفنية، ومسار ارتكاب الجريمة وتفاصيلها أن الجريمة تم الإعداد لها قبل ارتكابها، بشكل منهجي ومنظم، على نحو أدى فيه المتهمون جميعا أدوارهم التي حددت لهم، سواء من قام بالقتل العمدي والشروع فيه، أو من أتى عملا من الأعمال المادية المكونة لفعلي القتل العمد والشروع فيه.
وأشارت المحكمة إلى أن المتهمين الذين تزعموا تلك الأفعال وصفوا رجال الشرطة بأنهم من "الكفار" وحرضوا بقية المشتركين معهم على تلك الأفعال باستخدام عبارة "حي على الجهاد" .
وقالت المحكمة إن المتهمين قسموا أنفسهم إلى 3 فرق، أثناء تنفيذ الجرائم، وأن التجمهر الإجرامي الذي أعدوا له واتفقوا عليه، كان مقصودا به قتل أكبر عدد من أفراد رجال الشرطة، انتقاما من فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة.
استندت المحكمة في إدانة المتهمين إلى 17 مقطعا من مقاطع الفيديو المصورة الواردة بملف القضية و 19 صورة فوتوغرافية مطبوعة، والتي تظهر تفاصيل عملية الاقتحام وعددا من المحكوم عليهم وهم يرتكبون الجرائم المسندة إليهم.
وكشفت تقارير الفحص الفنية الواردة في شأن فحص الأسلحة والذخيرة والقنابل والقاذف الصاروخي ( أر بي جي) والتي عثر عليها بحوزة المتهمين فور إلقاء القبض عليهم، وأيضا المسروقات المضبوطة التي عثر عليها بحوزة المتهمين لدى ضبطهم والتي تبين أنها مسروقة من قسم الشرطة والضباط المجني عليهم الذين قتلوا.
104 شاهدين إثبات
تضمنت أدلة الإثبات شهادات عدد 104 شهود، والتقارير الطبية الرسمية الصادرة في شأن 16 مجني عليه، والعرض القانوني الذي تم من خلاله التعرف على بعض المحكوم عليهم مرتكبي تلك الأفعال الإجرامية، ومعاينة النيابة العامة.
وارتكنت المحكمة في إدانة المتهمين الى إقرارات واعترافات المحكوم عليهم بأنفسهم في التحقيقات، وعددهم 111 محكوما عليه أدلوا باعترافات وإقرارات تفصيلية بالتحقيقات تفيد بارتكابهم للجرائم المسندة إليهم.
ساعة الصفر
أكدت المحكمة أن المتهمين قاموا بشراء الأسلحة اللازمة لتنفيذ غرضهم إلى أن علموا يوم 14 أغسطس 2013 بفض الشرطة لاعتصامي رابعة والنهضة، فكان ذلك "ساعة الصفر" بالنسبة لهم، حيث بدأ كل من المتهمين بتنفيذ دوره المتفق عليه، فقام البعض منهم بإثارة نفوس أهل قريتي كرداسة وناهيا داعين إياهم لمهاجمة المركز مستغلين كلمتهم المسموعة بين أهلهم وذويهم من تلك الجهات، وكون بعضهم من أئمة المساجد والمدرسين بالمدارس، وكون البعض الآخر على صلة بالمسجلين جنائيا وسائقي الميكروباص وأثار هذا الفريق من المتهمين "النزعة الدينية ووجوب الجهاد ضد الشرطة ورجالها" لأنهم كما زعموا من الكفار.
المحكمة تروي تفاضيل الحادث
كثر العدد أمام مركز شرطة كرداسة، وبدأ الجميع في قذف الحجارة وقنابل المولوتوف صوب المركز، بينما قام فريق آخر من المتهمين بإشعال النار في إطارات السيارات، بغية حصار أفراد الشرطة داخل المركز، وقام فريق من المتهمين بغلق مداخل القرية "كرداسة" مستعينين في ذلك ببعض الأعراب المسجلين جنائيا، وقام فريق ثالث من المتهمين باعتلاء أسطح العقارات المحيطة بالمركز، وتمركز الآخرون بموقف سيارات الأجرة وصالة الأفراح المواجهين للمركز، وأطلق الجميع وابلا من الأعيرة النارية صوب قوات الشرطة أمام وداخل المركز، كما قالت المحكمة في حيثيتها.
وشددت المحكمة على أن من تواجد على مسرح الأحداث مشاركا في التجمهر، كان عالما بالقصد منه ومتيقنا للجرائم المزمع ارتكابها أثناء هذا التجمهر، ومدركا أن من شأن التجمهر العدواني وقذف الحجارة وقنابل المولوتوف على مبني مركز الشرطة أو اعتلاء سطح العقارات المجاورة والمواجهة لمركز الشرطة وإطلاق الأعيرة النارية وإطلاق قذائف الـ ( أر بي جي) تجاه سور المركز إنما يمهد لاقتحامه.
ولفتت المحكمة إلى قيام البعض من المتجمهرين عدوانيا، بالقتل العمد والشروع فيه واحتجاز الضحايا داخل احد الحوانيت، حتى صدور الأمر بقتلهم والمباهاة والتجمهر في فرح وسرور بتلك الأفعال الآثمة، وهو أمر يرتب مسئولية من قتل وشرع في القتل وتواجد على مسرح الجريمة ليشد من أزر من تواجد كان ذلك بإعمال نص المادة 3/2 من قانون التجمهر رقم 10 لسنة 1914 أو بإعمال لنص المادة 43 من قانون العقوبات، وهو ما يؤكد صحة المساهمة الجنائية طبقا لنص المادة 39 من قانون العقوبات.
المباحث الجنائية
المحكمة اقتنعت بصحة ما أوردته تحريات المباحث الجنائية وصلاحيتها كي تكون قرينة تكملها باقي عناصر الإثبات في الدعوى، مشيرة إلى أن مأمور الضبط القضائي غير ملزم بالكشف عن مصادره السرية اللهم إلا إذا كان هذا المصدر قد ساهم فعليا في تشكيل الواقعة التي يستخلص منها مأمور الضبط القضائي شكل الواقعة التي يجرى المتحرى عنها.
أوضحت المحكمة أنه ثابت من الأوراق المطروحة أمام المحكمة، أن التحريات التي أجرتها المباحث الجنائية، قد أكملتها أدلة الثبوت في الدعوى، القولية منها والفنية، بما يطرح ما يثيره الدفاع لإدخال الشك في قناعة المحكمة نحو هذه التحريات والتي لم يثبت منها قيام المصادر السرية بدور فعلي في بيان شكل الواقعة محل المتحرى عنها، لافتة إلى "تلاقي تاريخ التحريات مع أقوال شهود الإثبات في الدعوى مع الدليل الفني منها" ومن ثم لا تعول المحكمة على هذا الدفع، وتضحى أذون النيابة العامة بناء عليها، أمرا تقر المحكمة معه سلطة التحقيق.