التوقيت السبت، 23 نوفمبر 2024
التوقيت 03:45 ص , بتوقيت القاهرة

الالتراس

 


فبراير الأسود تملق دماء الأولتراس مجددا، الأحد الماضي سقط 21 مشجعا على أعتاب إستاد الدفاع الجوي- بحسب الإحصائيات الرسمية. تفرقوا داخل ممرات ضيقة بعد أن جمعهم حب نادي الزمالك، وتاهت دماءهم بين هذا وذاك.


"دوت مصر" لا يمتلك الحقيقة، ولا يعرف من قتل مشجعي الزمالك، لكنه يستطيع أن يعرض لك عزيزي القارئ، شهادات على ألسنة أعضاء في رابطة "وايت نايتس"، حول ما شاهدوه بأعينهم يوم مباراة الزمالك وإنبي في إستاد الدفاع الجوي، والتي تؤكد أن الموت نتج بسبب إطلاق الغاز والخرطوش والتدافع والزحام.


يقول "أحمد.ع ": ذهبت إلي إستاد الدفاع الجوي يوم المباراة بصحبة عدد من أصدقائي في تمام الرابعة عصرا، وكانت الأجواء حماسية، لفرحتنا بالعودة لحضور المباريات من المدرجات، وفوجئنا بقوات الأمن تحتجز الآلاف داخل طوق أمني خلفه ممر صغير لا يسمح سوى بعبور شخصين أوثلاثة علي الأكثر.


تحت وطأة الضغط، كان يشتبك الجنود بين الحين والآخر مع المشجعين، ما استدعى تدخل قيادات الرابطة "كابوهات وايت نايتس" لفرض النظام وتوحيد الهتاف لفريقهم. وبعد مرور نصف ساعة تداعت البوابات الحديدية على عدد من الجماهير بالصفوف الأولى، وبالتزامن معها أطلقت قوات الأمن بكثافة قنابل مسيلة للدموع وسط الجماهير، وبادر الجميع بالركض للإفلات من الاختناق – بحسب أحمد.


 يستكمل أحمد: شاهدت الكثيرين يسقطون أرضا "للأسف مقدرتش أساعد حد، لأني لو حاولت كنت هموت زيهم"، وهناك من حاولوا تسلق سور الإستاد لإنقاذ أنفسهم، وفي تلك اللحظات قابلت ضابط مصاب بالاختناق من الغاز المسيل للدموع، وسيدة تستنجد بالآخرين لإنقاذ طفلتها التي حملتها إلى الخارج.


ضرب بالعصي


"مصطفي.ف"، لبى دعوة "وايت نايتس" للتجمع أمام الإستاد عصر يوم المباراة، وفور وصوله دلف إلى ممر الدخول بصحبة اثنين من أصدقائه، لكنه فوجئ بأكثر من 20 ألف شخص داخله -بحسب تقديراته- ولم يجد أمامه سوى تتبع سور فندق الدفاع الجوي الملاصق للإستاد؛ لتفادي الجموع الكبيرة من الجماهير المتوقفة بالكامل أمام حاجز أمني يتقدمه جنود يحاولون إرجاع الجماهير بضربهم بالهروات –بحسب قوله.


 يكمل "مصطفى": جميع الكابوهات طالبوا بالهتاف للفريق وتجنب الشرطة التي أخذت فيما بعد في التراجع حتى البوابات الحديدية... التفت خلفي فلم أجد أصدقائي وفي ذلك التوقيت أشعل أحد أعضاء "وايت نايتس" شمروخ لإرجاع الجماهير للخلف، وبالفعل تراجعت مسافة قصيرة ،لكني وجدت القفص الحديدي الذي يسع شخصين فقط، به عدد كبير من الجمهور، الذين فشلوا في التراجع.


 البعض حاول القفز من فوق سور الإستاد للخارج، والبعض لم يستطع، ولكن مازاد الطين بلة، اندفاع المجندين بالعصي، آخذين في ضرب الجميع، بحسب مصطفى.


 يقول مصطفى: شاهدت شاب ينزف الدماء من رأسه وعسكري لا يتوقف عن توجيه الضربات له، ولحق بذلك قنابل غاز كثيرة جعلت الجميع "زي المجانين" يركضون في كل الاتجاهات، وسمعت صياح شخص "ارجعوا محدش هيخش الماتش فيه ناس ماتت ورا " وعندما رجعت بحثا عن أصدقائي رأيت مشهد لا يوصف... أعلام و "تي شيرتات" وأحذية وحافظات نقود، و6 جثث ملقاة على الأرض وسيدة على مقعد متحرك تبكي.


يستكمل مصطفى: توقفت عند جثة مشجع وخاطبت ضابط :الراجل ده ميت فأجاب "طيب يلا عشان محدش يموت زيه"، فخفت على زملائي المفقودين، وجريت حتي "كوبري المشير" بحثا عنهم، فوجدت آخرين أعرفهم، فأخبروني أن كثيرين قد ماتوا، وأن علينا العودة بحثا عن أصدقاءنا، وحين عدنا شاهدنا سيارة شرطة تحترق وجثث كثيرة ملقاة على الأرض.


ساعة ونص غاز


يسترجع "أحمد .ت"، أحداث ليلة الدم، ويقول إنه استمر وسط الحاجز الحديدي الذي لم يرى مثيلا له من قبل أكثر من ساعة ونصف، من شدة الزحام، وخلال ذلك سمع صرخات قادمة من الصفوف الأمامية وإطلاق كثيف لقنابل الغاز، كما شاهد بعض المشجعين يسقطون من أعلى أسوار الإستاد، بعد محاولتهم البائسة في البحث عن هواء يتنفسونه، وتعالت صرخات كثيرون بجانب الجثث والجرحى الذين حاول البعض من الجماهير إسعافهم، لكن هجوم الأمن عاد مجددا بعد نصف ساعة من التوقف، مصحوبا بطلقات الخرطوش إلى جناب قنابل الغاز.



"وائل.ب" ، رفض الكشف عن وجهه خلال شهادته المصورة، وقال إنه يوم المباراة تجمع مع أصدقائه بحي "ألف مسكن" قبل الذهاب إلى الإستاد، ولم يكن يدري أنه سيعود دون صديقه ورفيق عمره محمود سمير، الذي لفظ أنفاسه الأخيرة داخل ممر الموت -حسب وصفه-  بعد أن حاول الانسلال وسط الجموع لنجدة سيدة مقعدة تصرخ، ورغم نجاحه في جذبها قليلا بعيد عن الزحام، إلا أنه فقد قدرته على الصمود، وسقط أرضا وصمت لسانه عن الهتاف للزمالك.


شهاب مات تاني


والدة شهاب الدين أحمد، الذي توفي في أحداث محمد محمود عقب ثورة يناير، ورثت عن ابنها حب الزمالك، الذي لم يتخلف يوما عن حضور مبارياته، وكانت ضمن من حضروا "أحداث إستاد الدفاع".


تقول والدة شهاب: "شوفت شهاب بيموت تاني قدامي"، نتيجة الغاز والاختناق داخل القفص الحديدي، وسط محاولات الكثيرين القفز من فوق السور، والهرب من مدرعات الشرطة التي أخذت تطارد الشباب الناجي من الموت وكأنهم مجرمين.