التوقيت الأربعاء، 06 نوفمبر 2024
التوقيت 02:09 ص , بتوقيت القاهرة

علي عبدالله صالح.. "ضد الثورة ضد النار"

تحل اليوم الأربعاء الذكرى الرابعة لثورة 11 فبراير/شباط 2011 التي أطاحت بالرئيس اليمني السابق، علي عبدالله صالح، من كرسي الحكم، الذي مكث فيه 33 عاما، غير أن الرجل الذي سلم السلطة لخلفه، عبدربه منصور هادي، عقب انتخابات توافقية جرت بعد عام من الثورة، أثبت أنه رقم صعب لا يمكن أن يخرج من المعادلة.


ضد النار


منذ البداية، لم يكن صالح موافقا على تنحيته من الرئاسة، بموجب المبادرة الخليجية، التي أعلنتها دول الخليج في 3 أبريل/نيسان 2011، برعاية أممية، لتهدئة ثورة الشباب اليمني، إلا أنه أضطر للرضوخ بعد تعرضه لمحاولة اغتيال، في 3 يونيو/حزيران من العام نفسه، إثر انفجار قنبلة داخل مسجد الرئاسة، ليصاب الرئيس السابق بحروق بالغة أجبرته على الانتقال للعلاج في السعودية لمدة 3 أشهر، ويظهر بعدها بفترة قصيرة عبر مكالمة مع التلفزيون اليمني يشير فيها إلى سلامته من الحادث.



عودة سريعة


وخلال عامين بعد مغادرته السلطة لم يغب خلالهما صالح عن كواليس المشهد اليمني، فإنه توارى عن الأضواء قليلا، ليعود ليقلب الطاولة على جميع من أخرجوه من الحكم، معلنا تحوله إلى "معارض" للسلطة الحاكمة، رافضا عروضا مغرية من دول عديدة بالخروج من البلاد واعتزال العمل السياسي، مستفيدا من الحصانة من الملاحقة القانونية، التي منحتها له المبادرة الخليجية، والموقعة في 23 نوفمبر 2011، مقابل تركه الحكم.


دائرة الانتقام


صالح لم ينس ما فعله به آل الأحمر في اليمن، حيث كان انحياز صديقه القديم القائد العسكري، اللواء علي محسن الأحمر، إلى الثورة عاملا رئيسيا في تقوية شوكة المحتجين، وظل آل الأحمر هم المتهمون في نظر صالح بمحاولة اغتياله أيضا.



وبدت صيغة الانتقام واضحة في تحركات الرئيس السابق حينما نشر قصيدة "القضاء بالسلف"، التي يقول إنه ألفها على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، حيث تشفى خلالها من آل الأحمر عقب هزيمتهم واستيلاء مسلحو جماعة أنصار الله "الحوثيين" على منازلهم، وفرار علي محسن الأحمر إلى مكان مجهول.



تحالف جديد


ومنذ عام 2014، بدأت أصابع الاتهام توجه لصالح بالتحالف مع الحوثيين، في عرقلة العملية السياسية باليمن نكاية بالرئيس هادي، على الرغم من أنهم كانوا بمثابة رأس حربة المعارضة الأكثر تهديدا لنظامه، وانفجرت بين الطرفين حروب عدة فصلت بينها فترات هدوء وترقب، وإعادة حشد وتسلح، ومبادرات سلام كانت تنتهي بعد شهور بانفجار الحرب بأقسى مما حدث قبله.


التحالف، الذي أثار حيرة عددا كبيرا من المحللين السياسيين، برره آخرون بأن صالح لا يتورع في السير مع أي فصيل باتجاه واحد حفاظا على مصالحه وتنفيذا لهدف معين ينوي تحقيقه لفترة معينة.



مع الحوثيين


وعلى الرغم من فرض مجلس الأمن الدولي لتابع للأمم المتحدة عقوبات على الرئيس اليمني السابق واثنين من كبار القادة العسكريين للحوثيين، عبد الخالق الحوثي، وعبد الله يحيى الحكيم المعروف بـ"أبو علي الحاكم"، لاتهامهم بتهديد السلام والاستقرار في اليمن، بوضعهم في قائمة المنع من السفر إضافة إلى تجميد أصولهم، إلا أن صالح أكمل ما بدأه حتى استطاع "الانقلاب" على هادي، عبر قفاز الحوثيين.


وفي أول تصريح له بعد المكالمة الهاتفية المسربة التي بثتها قناة الجزيرة الفضائية قبل أسابيع، والتي لم تدع مجالا للشك في وجود علاقة وثيقة بين الرئيس المخلوع والحوثيين، اعترف علي عبد الله صالح بالتواطؤ مع الجماعة، وقال إن بينه وبينهم "تحالف وحوار وتنسيق"، مشيرا إلى اتصالات معهم ونصائح يسديها لهم.



إدارة الجيش


الكثير من قيادات الجيش اليمني لازالت تدين بالولاء لصالح حتى اللحظة، وبدا ذلك واضحا في الاجتياح المسلح الذي نفذته جماعة الحوثي على صنعاء، حيث قاتل المئات من أفراد الحرس الجمهوري (الوحدة العسكرية المتطورة التي كان يقودها نجله الأكبر أحمد) في صفوف الحوثيين، فيما التزم آخرون الصمت وسلموا العاصمة والمقار الرئاسية لمقاتلي الحوثي، الأمر الذي أكده وزير الدفاع في الحكومة اليمنية المستقيلة، اللواء الركن محمود الصبيحي، قائلا إن المؤسسة العسكرية أصبحت تدار من قبل الرئيس السابق وجماعة الحوثي، بحسب ما نقله موقع "اليمن برس".


تحقيق الهدف


وبالفعل، وعلى خلفية مواجهات عنيفة بين الحرس الرئاسي ومسلحي جماعة الحوثي، أفضت إلى سيطرة الحوثيين على دار الرئاسة اليمنية، ومحاصرة منزل الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، وإجباره على الاستقالة، أعلنت ما تسمى "اللجنة الثورية"، التابعة للجماعة، في القصر الجمهوري بصنعاء يوم الجمعة الماضي، ما سمته "إعلانا دستوريا"، يقضي بتشكيل مجلسين رئاسي ووطني، وحكومة انتقالية.



صالح في الحكم


وفيما أعلن حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يتزعمه الرئيس اليمني السابق، رفضه للمسار الذي أخذته الأحداث في ضوء الإعلان الدستوري الصادر عن الحوثيين، معتبرا إياه "تعديا على الشرعية الدستورية، ومخالفا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني المتوافق عليها، واتفاق السلم والشراكة الوطنية"، يتوقع مراقبون للشأن اليمني أن يعود صالح إلى الحكم عبر ممثل لحزبه في المجلس الرئاسي الانتقالي، الذي أعلنت جماعة الحوثي أنه سيتكون من 5 أشخاص.