من الصعيد لسيناء.. الإرهاب في مصر رايح جاي
هناك العديد من العمليات الإرهابية التي نفذتها جماعات وتنظيمات حملت مسميات مختلفة، في الفترة الزمنية بين تسعينات القرن الماضي والعقدين الأول والثاني من القرن الحالي، كانت نتيجتها واحدة، هي حصد أرواح الأبرياء من المصريين والأجانب على السواء، بدعوى تطبيق الشريعة الإسلامية والتخلص من الكفار.
ورغم أن الإرهاب ظهر في مصر منذ أكثر من 80 عاما مع تشكيل "الإخوان" تنظميا سريا، إلا أنه ظهر بقوة في ثمانيات وتسعينات القرن الماضي، مع انتشار الفكر التكفيري والجماعات الإرهابية التي اتخذت من كتابات سيد قطب طريقا نحو تطبيق الشريعة الإسلامية.
وظهرت فى تلك الفترة جماعات تكفيرية تنوعت أسماءها بين التكفير والهجرة والجهاد والجماعة الإسلامية، وقامت بالعديد من العمليات الإرهابية التي استهدفت الأجانب والمصريين أنفسهم الذين وصفتهم هذه الجماعات بالكفار مثل الكاتب فرج فودة، ورفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب الأسبق الذي استهدف بالخطأ بدلا من سيارة وزير الداخلية عبد الحليم موسي في 12 أكتوبر 1990.
بدأت هذه الجماعات تصاعد من هجماتها بعد نجاحها في اغتيال السادات، وزادت أعمالها الإرهابية في تسعينات القرن الماضي خلال فترة حكم الرئيس الأسبق مبارك، وكانت هذه الفترة هي المعركة الأشد التي خاضها النظام الأسبق بعد أن انتشر في صعيد مصر وانتقل من الجنوب إلى قلب العاصمة، ومنها تطور مع مرور الوقت واتخذ من سيناء مقرا رئيسيا له وقرر استهداف رجال القوات المسلحة.
واختارات هذه التنظيمات الإرهابية خلال هذه الفترة، محافظات الصعيد لما تتمتع به من تضاريس وطبيعة جغرافية مناسبة لها، وانتشرت عناصرها في مراكز مثل مالاوى وابو قرقاص بمحافظة المنيا وديروط بمحافظة أسيوط،، وواستهدفت الأجانب في عملياتها التي شنتها في منتصف التسعينات.
ففي 18 إبريل 1996، نفذت الجماعة الإسلامية هجوما على فندق أوروبا بشارع الهرم قرب أهرامات الجيزة، وراح ضحيته 18 سائحا يونانيا، وإصابة 14 بجروح، وبعدها بعام نفذ الجناح العسكري للجماعة في 17 نوفمبر 1997 ما عرف بمذبحة "الدير البحري" بالأقصر، التي راح ضحيتها 58 سائحا من مختلف الجنسيات، ومن الأقصر للقاهرة شهد العام ذاته اغتيال تسعة ألمان وسائقهم المصري، بعد أن تم تفجير حافلتهم خارج المتحف المصري وسط العاصمة.
وانتقلت الجماعات الإرهابية وتفجيراتها من الصعيد والعاصمة بعد تضيق قوات الأمن والقضاء على البؤر الإرهابية بهما إلى سيناء، بدلا من الصعيد وضواحي القاهرة الكبري، وصارت سيناء صاحبة أكبر عدد من التفجيرات، والتي ظهرات مع تفجيرات فندق هيلتون طابا في 7 أكتوبر 2004، ذلك الهجوم الذي اسفر عن مقتل 34 شخصا معظم من الأجانب وإصابة 171، في سلسلة من التفجيرات طالت الفندق ومخيمات سياحية في مدينة رأس شيطان.
وفي 23 يوليو 2005، استهدفت الجمعات الإرهابية منطقة خليج نعمة بمدينة شرم الشيخ ثلاث تفجيرات أسفرت عن مقتل نحو 68 شخصا، حيث استهدف التفجير الأول منطقة السوق القديم، واسفر عن مقتل 17 شخصا، والتفجير الثاني استهدفت فندق موفنبيك وقتل 6 اشخاص، والثالث سيارة مفخخة استهدفت فندق غزالة وقتلت نحو 45 شخصا.
وبعد عام وفي 24 أبريل 2006، وقعت سلسلة جديدة من التفجيرات بمدينة دهب السياحية على ساحل البحر الأحمر، أسفرت عن مقتل 23 شخصا وإصابة 62 معظمهم مصريون، ونفدت جماعة التوحيد والجهاد.
وانحسرت العمليات الإرهابية منذ ذلك التاريح حتى عادت إلى محافظة الإسكندرية في 31 ديسمبر 2010، عندما وقع حادث كنيسة القديسين بمنطقة ميامي، وأدى لمصرع 21 مسيحيا أثناء خروجهم من الكنيسة بعد انتهاء صلاة ليلة رأس السنة، ثم عاودت التنظيمات الإرهابية التي حملت مسميات جديدة منها أنصار بيت المقدس وأجناد مصر وكتائب الفرقان، نشاطهما في سيناء بعد ثورة 25 يناير مع حادث مذبحة رفح الأولى في 6 أغسطس 2012، بعد أقل من شهرين من تولى الرئيس الأسبق محمد مرسي الحكم، واستغل مرسي الحادث لتغيير رئيس جهاز المخابرات اللواء مراد موافي وإقالة المشير محمد حسين طنطاوي.
وكان هذا هو الحادث الإرهابي الوحيد خلال فترة حكم مرسي، ولكن توالت الحوادث الإرهابية الواحدة تلو الأخرى بعد عزله، بدأت من مذبحة رفح الثانية في 19 أغسطس 2013، مرور بحوادث وتفجيرات مديرية أمن جنوب سيناء ومبني المخابرات في محافظة الإسماعيلية، ثم تفجيرات مبني مديرية أمن الدقلهلية، حتى وصلت الأعمال الإرهابية إلى قلب العاصمة مرة أخرى لتعيدنا لفترة التسعينات، بتفجير مديرية أمن القاهرة، ومحاولة اغتيال وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، وغيرها من الحوادث التي أسفرت عن مئات القتلي والمصابين.