التوقيت السبت، 23 نوفمبر 2024
التوقيت 07:20 ص , بتوقيت القاهرة

قريش وجمال ومسعود (1)

محمود جمال كتب مقال عن سورة  "قريش"، وأيمن مسعود كتب مقال يرد عليه. المقالين بـ صراحة مغريين جدا، لأن فيهم نماذج صافية لـ حاجات شغلت بالي سنين، ولـ ذلك، هـ أبدأ أناقش تفاصيل كتيرة من خلال المقالين، وكل أملي إن ربنا يقدرني على فعل الخير.


إيه الموضوع أصلا؟


الموضوع إن سورة "قريش" محل جدل قديم، ليه؟ لأنها "لوحدها" من غير إضافات، مش بـ تكوّن جملة، أو جملتين، أو مجموعة جمل مكتملة، بحيث يكون عندنا في النهاية نص مستقل. ومن غير ما ندخل دهاليز نحوية، تعالى نشوفها بـ شكل أبسط.


لو جيت قلت لـ حضرتك: "لإراحة الناس"، هل دي جملة؟ لأ طبعا، علشان مش واضح، إيه هو اللي" لإراحة الناس"؟ عندنا هنا (لـِ + إراحة + الناس) واللام معناها "من أجل" أو "علشان"، فأنا ما ينفعش أقول لك: "علشان إراحة الناس".


طيب، افرض كملت: " لإراحة الناس، إراحتهم من كل همومهم"، الوضع اختلف؟


برضه لأ، لأننا لسه ما عرفناش، إيه هو اللي لإراحة الناس، إيه هي الحاجة اللي حصلت أو هـ تحصل علشان لإراحة الناس.


طيب، لو كملت: " لإراحة الناس، لإراحتهم التامة من كل همومهم، فليشكروا الله الذي مكنهم من السفر"، الوضع اختلف؟


طبعا لأ، لأن المشكلة الأساسية ما اتحلتش.


هو ده تقريبا التركيب النحوي العام لـ سورة "قريش".


لإيلاف قريش (لـ + إيلاف + قريش)


نكمل


لإيلاف قريش، إيلافهم رحلة الشتاء والصيف


نكمل


"لإيلاف قريش، إيلافهم رحلة الشتاء والصيف، فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف".


الكلام ده بـ يخض ناس كتير، ويبدؤوا ياخدوا خطوة لـ ورا، ويقروا بـ قلق، لأن هـ يبدأ يفكر على أساس إنك بـ تشكك في القرآن، والأجواء دي، وييجي فـ باله على طول: يعني إنت جي بعد ألف وربعمية سنة، وجي تكتشف حاجات عدت على فطاحل العرب من غير ما يحلوها؟ أكيد ناقشوها وحلوها ودلوقتي أصغر طفل في إعدادي أزهر ممكن يحلها.


طبعا، كل واحد يفكر زي ما هو عايز، ويثق في اللي عايز يثق فيه، بس ده مالوش علاقة بـ القضية اللي إحنا بـ نناقشها، ولو فيه حد عايز يشكك في القرآن، افرض مثلا، اللي يصد التشكيك هو الفهم، مش التوقيع على بياض لـ حد تاني يفترض إنه فاهم. ما علينا، خلينا فـ موضوعنا.


لما بـ يكون قدامي نص يبدو مش مكتمل نحويا، بـ يبقى عندي حل من اتنين، مالهمش تالت: الأول بـ أفكر في الترتيب، بمعنى إن فيه حاجة اتقدمت وحاجة اتأخرت، وبالتالي بـ أعيد ترتيب الكلام فـ دماغي، وهـ أديك مثال بسيط جدا وبدائي، ومن غير برضه الدخول في زواريق المصطلحات:


"ممنوع التدخين"


الجملة دي ترتيبها الأصلي: "التدخين ممنوع"، فـ لما نفكر فيها بـ ترتيبها الأصلي، بـ نقدر نفهم المعنى، ونقول إن دي جملة تامة، ومش محتاجة كلام براها.


الحل التاني: إن فيه سياق أوسع من الجملة، فيه كلمة أو أكتر محذوفة لسبب ما، لما نقدرها يبقى عندنا جملة مكتملة، زي إيه:


لو قلت لـ حضرتك: "قلمًا من فضلك"، دي مش جملة، لكن فيه حاجة محذوفة لأنها مفهومة من السياق، وهي "أريد" أو "أعطني"، بس معروف يعني، خصوصا لو فيه إشارة بالإيد مصاحبة للكلام، تدل على المحذوف.


طيب، بالنسبة لـ سورة "قريش"؟


فيه اجتهادات كتير، وكلها كانت في اتجاه من الاتجاهين، وده اللي هـ نشوفه المرة الجاية، وبعدين نخش ع اللي كتبه الأستاذ جمال، واللي كتبه الأستاذ أيمن، فـ استنونا