التوقيت السبت، 23 نوفمبر 2024
التوقيت 03:43 ص , بتوقيت القاهرة

سيناء أديس أبابا: وقت اختبار زعامة السيسي

أعمق التعازي لأسر جنود الجيش المصري، والمدنيين الذين فقدوا حياتهم على يد الإرهاب الإسلامجي. لا شيء في الحياة يعوّض فقدان الأحباء. هكذا عرف البشر قيمة الصبر وقت الشدائد كخيار صعب، لكنه الوحيد المتاح. عزاؤكم وعزاؤنا أنهم فقدوا حياتهم بينما يدافعون عن حياتنا. 
            
في السياسة، رغم ذلك، حتى المآسي يجب التعامل معها بذهنٍ صافٍ، كذهن طبيبة جراحة تعتمد حياة مريض على مدى تماسكها. 


في السياسة، رغم ذلك، حتى المآسي، إذا صارت أمرا واقعا، يجب أن نبحث فيها عن أي فرصة للاستفادة. على الأقل لكي لا تذهب دماء المغدورين هدرا، ولكي نزيد من احتمال عدم تكرار هذا في المستقبل، ولكي نقلب أفعال الإرهابيين ضررا عليهم. 


مصر يجب أن تدفع الدول الإفريقية نحو إدراك مخاطر الإرهاب، ووضعه على قمة قائمة الأولويات، وأن تموضع نفسها كدولة عربية إسلامية في صدارة الحرب ضده. هذه إشارة إلى الميزة التي تتوافر لمصر، ولا تتوافر لغيرها في القارة الإفريقية في ملف كهذا. 


الإرهاب الإسلامجي لم يضرب مصر وحدها. بل يضرب دولا أخرى كنيجيريا ومالي. 



نيجيريا أكبر دول القارة الإفريقية من حيث عدد السكان، وهي دولة يحول الإرهاب الإسلامجي بينها وبين مستقبل أفضل كثيرا، نظرا لما تتمتع به من ثروات طبيعية وبشرية.


لكنها في الإرهاب الذي تتعرض له، تعاني إهمالا عربيا (لأنها ليست دولة عربية) وإهمالا إسلاميا (لأن أغلبية النيجيريين مسيحيون) وإهمالا عالميا اشتكت منه علنا عقب المذابح التي نفذها بوكو حرام. 


موقع مصر في هذه القضية مهم جدا، لأنه يوفر لدولة مثل نيجيريا، غطاء عربيا إسلاميا، ويوفر لدولة مثل مالي غطاء عربيا، دون حساسية من موقع فرنسا في القضية (كما هو الحال بالنسبة للجزائر مثلا، إذ تاريخها مع الاحتلال الفرنسي يجعلها متحفظة في قضية مالي). 


إن حصلت مصر على تأييد دولة إفريقية كبرى مثل نيجيريا، ودولة كمالي، تتمتع بموقع فريد في طريق تهريب الأسلحة والإرهابيين، وتأييد ليبيا الرسمية. ثم إن رأت الجزائر -التي مرت بتاريخ مع الإرهاب - في وجود مصر رفعا للحرج عنها، فهذا بالفعل ثقل في ملف مكافحة الإرهاب. 


في الظرف الراهن الذي لا تملك فيه مصر أوراقا سياسية كبرى في علاقاتها بالقارة الإفريقية، والذي تتوغل فيه تركيا، إحدى راعيات الإرهاب ضدنا، إلى القارة، بالتجارة والاقتصاد، فإن ملف مكافحة الإرهاب فرصة مصر الأفضل (حاليا) لتعزيز نفوذها داخل القارة الإفريقية. 


في القمة الإفريقية الحالية، ملفّان رئيسيان مرتبطان ارتباطا وثيقا بالإرهاب، أحدهما ملف تمكين المرأة، التي تعاني في ظل الإرهاب أكثر من غيرها، وثانيهما ملف السلم والأمن في إفريقيا. 


على الخارجية المصرية أن تبلور اقتراحات عملية، ضاغطة، لتحويل الملف من مجرد خُطب في مؤتمر، إلى إجراءات عملية ورقابية. هذا وقت الهجمات السياسية المرتدّة، هذا وقت التفكير الهجومي.