في مباراة اليمن.. إيران واحد السعودية صفر
أقحمت سيطرة جماعة أنصار الله "الحوثي" الشيعية على العاصمة اليمنية صنعاء، وإجبارها الرئيس عبدربه منصور هادي على الاستقالة، البلاد في دوامة جديدة من الصراع بين السنة والشيعة على زعامة الساحة السياسية، قد تشكل فصلا أكثر سوداوية من فصول السنوات الماضية، لن تسلم الدول المجاورة للبلد الأفقر في الشرق الأوسط من تبعاته، إن لم تكن طرفا أساسيا فيه.
وفي تقرير لها نشر مؤخرا، رأت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أن انهيار اليمن سيقود منطقة الشرق الأوسط بأسرها نحو آتون حرب إقليمية بين السنة والشيعة، في وقت ذكرت فيه صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، أن ما يجري في صنعاء الآن هو "انقلاب خفي"، مشيرة إلى أن الاتفاق بين الرئيس هادي والحوثيين، يمثل نجاحا لإيران الشيعية، وانتكاسة للمملكة السنية في السعودية ودول الخليج.
إيران هي الفائز
الشيعة في اليمن ليسوا من شيعة إيران، غير أنهم الأقرب دينيا لها من بين الفصائل اليمنية، ولم يعد خفيا على أحد دعم طهران لجماعة الحوثي، وهي جماعة شيعية من داخل الطائفة الزيدية التي تشكل قرابة 30% من سكان البلاد، مثلها في ذلك مثل حزب الله في لبنان، لتكون ورقة إيرانية مؤثرة في أمن منطقة الخليج العربي، بعد إدراكها لتراجع نفوذها في سوريا والعراق.
وبحسب محللين سياسيين، فإن نجاح الحوثيين، العام الماضي، في إحكام سيطرتهم على المدينة الساحلية "الحديدة"، التي تقع شمال مضيق باب المندب، الذي يفصل بين البحر الأحمر والمحيط الهندي، إضافة إلى مضيق هرمز، تصبح لإيران القدرة على تهديد كل نقاط الاختناق البحرية المحيطة بشبه الجزيرة العربية.
ومن هنا، ينبع القلق العميق للسعودية ودول الخليج التي تتخوف من تمرد شيعي في مناطقها، على غرار ما حصل في البحرين في العام 2011، ما دفع الرياض إلى رفع حالة التأهب الأمني على الحدود مع اليمن، ونشر كاميرات ومعدات تسمح لقواتها بمراقبة الحدود على امتدادها بالكامل.
السعودية في خطر
المملكة العربية السعودية (السنية) تبدو في موقف لا تحسد عليه، وهي تتحسب لأي خطر استراتيجي ينبع من صنعاء، ليس فقط من جانب الحوثيين بل أيضا من جماعة "أنصار الشريعة" فرع تنظيم "القاعدة" باليمن.
وبحسب متابعين للشأن الخليجي، لم تستطع المملكة، التي كانت تعتقد أن الأمور في اليمن تسير على مايرام بدعمها المستمر للنظام هناك، نتيجة لسياساتها الخاطئة، تأمين ظهرها جنوبا، في وقت عرفت فيه إيران، البعيدة جغرافيا، كيف تدير سياساتها في هذا البلد الواقع على محور استراتيجي على مدخل البحر الأحمر، وله احتياطي نفطي يقدر بحوالي 4 مليارات برميل.
وفشلت مشاريع الرياض الإقليمية وعلاقاتها، ومنها مشروعها السياسي في صنعاء، ومبادرتها الخليجية ومؤتمر الحوار.
ويزيد انهيار العملية السياسية في اليمن القلق السعودي من تصدير الأزمة، لكون أمن السعودية يرتبط مباشرة بالبلد المجاور الذي تأثر من وجود "القاعدة"، وحروب الحوثيين، وصعود طبقات سياسية جديدة، وانهيار مركز الدولة، ما يجعل حدوها الجنوبية مصدرا لتدفق الإرهاب والمخدرات والمهاجرين والسلاح.