التوقيت الإثنين، 25 نوفمبر 2024
التوقيت 05:18 م , بتوقيت القاهرة

حينما يُـلهيك الإخواني

<p dir="RTL">أزمات متكررة بدافع اختلاف التناول الفني والأدبي للمقدسات، تسهم في تأجيج الصراعات الدولية. مُتغيرات اجتماعية وسكانية نتجت عن هجرات متواصلة، فتحت الباب على مصراعيه للإسلاميين للتواجد بقلب أوروبا وفرض أفكارهم، بكل ما تمتلئ به من رفض للآخر وعنف ومخاصمة وعدم  إيمان بمنطق الحريات الغربية، وبالطبع ظهر هناك اتجاه أوروبي رافض للمهاجرين وثقافاتهم، خاصة الإسلامية منها<span dir="LTR">.</span></p><p dir="RTL">فمنذ نشرت الإسرائيلية "تاتينا سوسكن" رسما مسيئا للرسول "ص" بصورة خنزير يخط بريشته كتابا مكتوبا عليه "القرآن"، وقد نشرت الرسم جريدة "الأسبوع" المصرية فى حدود عام 1997، وأحدثت أزمة في حينها، وصدرت فتاوى بإهدار دمها من رجال الدين ومن مؤسسة الأزهر ممثلة في الشيخ محمد سيد طنطاوي. وبالطبع كان العداء الإسرائيلي حاضرا ومؤثرا في رسم المشهد وردة الفعل في حينها، وتكفل الزمن بإنهاء الموقف.. وفي العقد الأول من الألفية حدثت سلسلة من الأزمات المتعلقة بالتناول الفني للتطرف الإسلامي<span dir="LTR">.</span></p><p dir="RTL"> فظهر "الخضوع" وهو سلسلة أفلام قصيرة بدأها المخرج الهولندي فان جوخ الحفيد، والذي تم قتله على يد مهاجر مغربي بهولندا في عام 2004، والقصة للصومالية المهاجرة "آيان حرصى"، وتتناول قصصا تتعلق بتعامل المجتمعات الإسلامية المتشددة مع المرأة، إن وقعت في الحب أو مارست الجنس، وبغياب إرادة فتيات هذه المجتمعات فيما يخص زواجها، وفي الفيلم كتبت آيات القرآن على ظهر عارٍ لفتاة، أثار حفيظة المسلمين<span dir="LTR">.</span></p><p dir="RTL">في عامي 2005 و2006 نشرت صحيفة "يولاندز بوستن" الدنماركية رسوما ساخرة من شخص النبي محمد "ص" وتبعتها صحف نرويجية وفرنسية وسرت الموجة في عدة دول أوروبية، وتبعها اندلاع المظاهرات ومهاجمة سفارات هذه الدول، وراجت فكرة مقاطعة البضائع الدنماركية فى الدول العربية<span dir="LTR">.</span></p><p dir="RTL">وفي 2008 ظهر فيلم "فتنة" بهولندا لمخرجه "خيرت فيلدز" وهو فيلم يعتمد بالأساس على خطب وتصريحات نارية لشيوخ مسلمين على المنابر يهددون فيها بالقتل والحرق والسبي، ويربط الفيلم ذلك بآيات قرآنية تتداخل مع تهديدات وصراخ الشيوخ<span dir="LTR">.</span></p><p dir="RTL">تعد تلك الأحداث موسما مباركا لهياج الإسلاميين، وحُججا معتبرة لاشتعال غضبهم وانطلاق مظاهراتهم الموجهة نحو الجميع، للغرب الذي يسخر من المقدسات، ولحكوماتهم التي تعجز عن دفع الإهانة بما يليق، ودون النظر لأي تبعات أخرى، يتبع المظاهرات كثير من البسطاء ممن يتأثرون بإهانة المقدسات وبشحن الإسلاميين لهم عاطفيا. وتكون النتيجة دائما حرق بلادهم وتخريب ما تطوله أيديهم من ممتلكات الدولة، واشتباكات متكررة مع جنود الأمن، بعدها تنتشر دعوات المقاطعة الاقتصادية، بعدما تهدأ النفوس ويدرك كل متحمس حدود قدرته<span dir="LTR">.</span></p><p dir="RTL"><span style="color:#FF0000;">وهكذا فتح الإخوان باب الجهاد<span dir="LTR">..</span></span></p><p dir="RTL">حينما تولى محمد مرسي رئاسة الجمهورية، جاء دور أزمة جديدة من أزمات الإساءة للمقدسات، فظهرت أزمة إنتاج فيلم أمريكي يصور شخص الرسول فى 2012، حينها كان الوضع السياسي مختلفا، فالإسلاميون توجد إحدى فصائلهم بالسُلطة، واشتعال المظاهرات تعني مواجهة إسلاميين لإسلاميين، بما يعني ضمنا عدم حماية الإخوان للإسلام<span dir="LTR">!</span></p><p dir="RTL"><span style="color:#FF0000;">كيف سيتظاهر الإخوان ضد سلطتهم؟! وكيف سيشتبكون مع قوات الأمن التي تعمل تحت رئاستهم؟! وكيف سيوجهون اللوم للولايات المتحدة التي باركت تصعيدهم للسلطة؟<span dir="LTR">!</span></span></p><p dir="RTL"> شاعت دعوات عنف وتهديدات موجهة نحو المسيحيين المصريين وكنائسهم، في حملة هياج مُستعرة بفضائيات الإسلاميين المتطرفة، الشيخ أبو إسلام ظن الفرصة سنحت لإظهار مكنونات نفسه، فمزق الإنجيل أمام الكاميرات ووعد بالتبول عليه، وانتهى الحال بانسلاخ الإخوان من المشهد<span dir="LTR">.</span></p><p dir="RTL">هؤلاء الذين عمل الإخوان وشيعتهم على شحنهم بالجهاد لسنوات طويلة يريدون أن ينتصروا للرسول، والإخوان في مأزق، الفيلم تم الترويج له مع حلول ذكرى 11 سبتمبر 2012م<span dir="LTR">!</span></p><p dir="RTL">فخرجت المظاهرات تحت شعار "نصرة الرسول"، وأحاطت بالسفارة الأمريكية بجاردن سيتى، وامتلأت أسوار السفارة بالشعارات الغاضبة وتسلق بعض الشباب أسوارها ورفعوا أعلام القاعدة بوسط القاهرة وعلى أسوار السفارة، بالطبع الاتصالات كانت جارية بين الإدارة الأمريكية وجماعة الإخوان<span dir="LTR">.</span></p><p dir="RTL">"النيويورك تايمز" تنشر خبرا عن اعتذار سري من محمد مرسي لأوباما، عن تصريحات لمرسي لم يرَ فيها البيت الأبيض إدانة كافية، رغم أن مرسي أعلنها مدوية: دم السفير الأمريكي المقتول بليبيا أغلى من الكعبة! باع مرسى الكعبة، وأعلن أن من يهاجمون السفارات أقلية لا تُعبر عنا<span dir="LTR">!</span></p><p dir="RTL">خيرت الشاطر في رسالة موازية لأمريكا يبرئ أمريكا حكومة وشعبا من إهانة الرسول "ص"، ويلوم الشرطة المصرية لتقصيرها في حماية السفارة، ويطالب بمساءلتها، فيضرب عصفورين بحجر، ضرب الشرطة ورضاء أمريكا<span dir="LTR">.</span></p><p dir="RTL">أما في قطر فالشيخ القرضاوي يهاجم الضجة المصاحبة للفيلم، باعتبار الأمر لا يستحق كل هذا الضجيج، ويطلب ممن يريد مقاتلة أمريكا، أن يسافر ويقاتلها بعيدا عن بلاد المسلمين<span dir="LTR">!</span></p><p dir="RTL">هكذا انقلب الإخوان من وحوش ضارية لنعاج وديعة، ينحنون للريح حتى تمر. بعد الأزمة بثلاثة أشهر نشر الإخوان تهنئة للمسيحيين بالإنجليزية على مواقعهم الموجهة للغرب، ليظهروا في حُلة المتسامح الأنيقة، في ذات الوقت تخرج فتوى هيئة الحقوق والإصلاح بعضوية خيرت الشاطر بيانا بحرمانية تهنئة المسيحيين بأعيادهم، في حين يتجاهل موقع الجماعة الرسمي باللغة العربية التهنئة تماما<span dir="LTR">.</span></p><p dir="RTL"><span style="color:#FF0000;">لم يتهمهم الرئيس السادات في آخر خطاباته باتباع مذهب التقية ظلمًا<span dir="LTR">.</span></span></p><p dir="RTL">يؤكد مرسي تقية الجماعة بإنكار وصفه السابق لليهود بأحفاد القردة والخنازير، فلما اشتد ضغط الإدارة الأمريكية، تراجع عن الوصف في لقائه بوفد الكونجرس بالقاهرة، متهما الإعلام بتحريف قوله. الإخواني ما زال يراهن على التقية، ويتنازل عن تشبيهاته المقدسة<span dir="LTR">.</span></p><p dir="RTL">تخلى الإخوان عن الشباب الغاضب، فمات أحد المهاجمين للسفارة وهو ينصر الرسول بجاردن سيتى، وخرج بيان من وزارة الداخلية بمباركة الإخوان، بأنه صاحب سوابق إجرامية بلغت ست عشرة سابقة، لسوء حظه مات في توقيت غير ملائم، وإلا لحاز صفات الشهادة والفداء من الجماعة<span dir="LTR">!</span></p><p dir="RTL">الإخوان كما يروجون دائما يرفضون تبعية مصر لأمريكا والغرب، حتى أن عصام العريان خرج بتصريح يفتخر فيه برضاء الولايات المتحدة عن أداء الإخوان فى التعامل مع أزمة المظاهرات، ووصْفِها موقف الإخوان بالجيد ومحترم<span dir="LTR">! </span></p><p dir="RTL">لم يتوقف الأمر عند هذا، بل أن رئيس وزراء الإخوان د. هشام قنديل قد ذهب ليتفقد محيط السفارة، ويؤكد من هناك أن الغاز المُسيل للدموع الذي استخدمته الشرطة في حماية السفارة، ليست له أضرار<span dir="LTR">.</span></p><p dir="RTL">حسن البرنس يدعو لمقاطعة "جوجل" لأسبوع اعتراضا على نشر الفيلم، وآخر يرفع دعوى قضائية لوقف "جوجل" في مصر، ولتسكين الأوضاع تُعلن قطر عن إنتاج فيلم عالمي يدافع عن شخص الرسول بتكلفة نصف مليار دولار، إيمانا منها بذاكرة السمكة التي تميز شعوبنا<span dir="LTR">.</span></p><p dir="RTL"><span style="color:#FF0000;">ومر قرابة عامين ونصف، هل شاهد أحدكم الفيلم العالمي؟<span dir="LTR">!</span></span></p><p dir="RTL">هكذا دافع الإخوان عن الرسول بعد أن نصرهم الله وجلسوا على عرش الفرعون، وصل أحفاد البنا للسلطة فانحنوا ليلتقطوا فتات الرضا الأمريكي، وتراجعت شعارات الحنجوري التي راجت بهدف تغيير مسار الدولة وعودتها لمصيدة الخلافة البائسة، ولم تُطلَق رصاصة واحدة تجاه إسرائيل، بل أن صفوت حجازي الذي قال في أثناء الدعاية الانتخابية لمرسي في مؤتمر المحلة الكبرى الشهير: بأن هذا الرجل سيقيم الخلافة ويحرر الأقصى، قاصدا مرسى، عاد وقال في أثناء حكم مرسي: أن تحرير الأقصى قد يكون بعد مائتي عام<span dir="LTR">!</span></p><p dir="RTL">ليس الأمر بغريب، فالجماعة قد جاءت لتحكم خمسمائة سنة كما نُسِب لمرسي، وتصريح حجازي جاء بعكس شعار شهير للجماعة كان رائجا حتى 2011 "يا مبارك ليه تستنى وأنت معاك أحفاد البنا<span dir="LTR">".</span></p><p dir="RTL"><span style="color:#FF0000;">أحفاد البنا أبلى ظهورهم الانحناء، لكن الإخواني كما ورد بالأثر يُلهيك<span dir="LTR">! </span></span></p><p dir="RTL">قد يرى البعض أن فصائل أخرى كالسلفيين، قد تكون أكثر صلابة فى مواجهة الغرب، ولكن هجرات حَج وفودهم لأمريكا قُبيل 30 يونيو، لعرض أنفسهم كبديل محتمل للإخوان، تجعل التبعية خيارا وحيدا لأصحاب مشاريع تحمل عوامل فنائها بداخلها<span dir="LTR">.</span></p><p dir="RTL">فذاكرتنا السمكية عدونا الأول، وما زال أصحاب التقية يسعون نحو خمسمائة عام من السلطة<span dir="LTR">.</span></p>