مرابط أم كواشي.. أيهما يُمثل الإسلام؟
- اللي في الصورة دا هو ضابط الشرطة أحمد مرابط، الذي قتله المهاجمون أثناء دفاعه عن جريدة "شارلي إيبدو"، وهو مسلم فرنسي.
- والقتلة الذين حملوا السلاح واعتدوا عليه، الأخوان كواشي، أيضا، مسلمان فرنسيان.
- الحسن باثيلي، أحد عمال المطعم اليهودي الذي حدث فيه الاعتداء الثاني والذي حاول بشجاعة إنقاذ بعض الرواد عن طريق إخفائهم في غرفة التبريد بعد فصل نظام التشغيل عنها، هو مسلم من مالي، وسيحصل على الجنسية الفرنسية.
أمامنا إذن مسلم إرهابي ومسلم منخرط في حماية وطنه ومسلم متطوع لإنقاذ أبرياء مخالفين له في الدين، فأي المسلمين من هؤلاء يعبر عن الإسلام أكثر..؟
بل أيهم تشعر أنه ينتمي إليك أو لروح الإسلام.. ولماذا أخذ البعض صورة المسلم الإرهابي والمجنون ليدمغوا به صورة الإسلام ونسوا اثنين مسلمين آخرين في ذات الواقعة..!
ولا تنس أن النبي محمد (ص) كما هو ثابت، قام واقفا لجنازة رجل يهودي، احتراما وتبجيلا، وحين سألوه، قال أو ليست نفسا..!
النبي قام واقفا لجثة هامدة بلا روح. فما بالك لو كانت فيها روح.. وذلك رغم طول الصراع في المدينة بينه وبين اليهود، وتبادل المكائد والحروب، إلا أن النبي خارج هذا الصراع، وهو وضع استثنائي، لم يفقد إنسانيته، ولم يفقد احترامه للإنسان أيا كان انتماءه.
الإرهابي الذي قاد الطائرة التي فجّرت برج التجارة العالمية في 11 سبتمبر هو مهندس مصري مسلم، اسمه محمد عطا.. ومن وضع النظرية الهندسية لبناء هذا البرج وهي النظرية الأنبوبية في العمارة هو مهندس مسلم من بنجلادش، فازلور رحمن خان.. فأيهما يعبر عن الإسلام أكثر.؟ ولماذا يصير عمل المهندس الأول هو عنوان الإسلام الذي يحمل صفة الدم والقتل. ولا يعتبر عمل المهندس الثاني من عبقرية وإفادة للبشرية ينتمي للإسلام ؟
من قتل غاندي هو متطرف هندوسي، فهل تصير الهندوسية عنوانا للإرهاب والقتل.؟
والأوروبيون المؤسسون لأمريكا قتلوا 20 مليون هندي أحمر في أكبر جريمة إبادة شهدها التاريخ الحديث. وكانت تذهب وتقنص العبيد من سواحل إفريقيا بالسلاسل والسياط وتنقلهم في سفن مخصصة للبهائم كي يعملوا في حقولهم، وأثناء تلك الرحلات مات قرابة 2 مليون إفريقي ألقتهم السفن إلى قاع المحيط بكل قسوة.. فهل يصير الأوروبيون عنوانا للتحضر والرقي أم الهمجية والقتل..! هذا لو أخذنا الناس بذنب بعضهم.
من قتل الأطفال في فلسطين هم مواطنون يهود بسبب إيمانهم بقيم توراتية مقدسة، فهل يعاقب يهود العالم بهذا التطرف والإرهاب والقتل، أم أن العالم يتودد لليهود الذين يملكون عصب الإعلام والمؤسسات الاقتصادية الكبرى والإنتاج الفني في هوليوود..!
التاريخ الإسلامي مثله مثل تاريخ أي أمة فيه القبيح والجيد، لكن كيفية التواصل مع هذا التاريخ أو تفسيره أو استلهام صورة ملائمة للتحضر الإنساني هو الذي يختلف.
التاريخ الإسلامي به مكتشف علم الجبر ومن حافظ على تراث الفلسفة وأعمال أرسطو. وعاش به أكثر من 2 مليون يهودي على مدار قرون يتمتعون بحرية التجارة والعقيدة والترحال وامتلاك الثروات الطائلة والمشاركة في الحكم والتواجد داخل قصر الخليفة المسلم في مناصب تنفيذية واستشارية كبيرة.
وبه مظاهر للاستبداد وصراعات السلطة والانحراف الأخلاقي.
فكيف تنظر إلى التاريخ، وأي المشاهد يلهمك أكثر ويعبر عن واقعك..!
وأضيف ما قلته سابقا، وهو أن الرأي العام الإسلامي صار متشددا، وبائسا ويائسا، واليائس هو قنبلة موقوتة تنتظر الانفجار حتى يتخلص صاحبها من عبء الحياة. وافتقدنا قيم مهمة مثل حرية الاعتقاد واحترام خصوصية الغير وتمجيد قيمة الحياة وتعزيز القيم الروحية والأخلاقية التي تحث على السلام والرحمة.
لو فقدت قدرتك على الحب والسلام الداخلي والانتماء البناء للمجتمع الذي تعيش فيه، وقدرتك على العطاء، وتجاوز شهوة الانتقام والحقد، فمشروعك الإنساني قد فشل. هذا كل شيء. ونحن كمسلمين نحتاج لإعادة النظر إلى مشروعنا الإنساني، قبل مشروعنا الإسلامي.