المهنة.. خبير متفجرات
مهنة أشباح الموت التي تحلق في مكان التفجير قبل تفجيره فإمّا أن تبطل القنبلة وتعبر بالناس إلى بر الأمان أو أن تنفجر القنبلة فيك وما من مشكلة، فأنت تؤدي عملك لحماية الآخرين، وهي مهنة لم تحظَ بالشو الإعلامي، فهي حديثة المعرفة أصلاً لدى الناس بعد ظهور الإرهاب الأسود ومتفجرات المعارضين.
لم أعتد مشاهدة فيديوهات التفجيرات ولا المشاهد القاسية عامةً ولكن ساقني الحظ أن أشاهد ?يديو انفجار الطالبية واستشهاد خبير المفرقعات، وليتني ما رأيت رحمة الله عليه والصبر والسلوان لأهله، فوددت إلقاء الضوء على تلك المهنة تقديرًا من الجميع لأناس امتهنوا مهنة رائحة الموت .
ضابط الأمن العام الذي يتم ترشيحه للالتحاق بإدارة المفرقعات التابعة للحماية المدنية بوزارة الداخلية يشترط أن يتسم بعدة صفات تؤهله لهذا المنصب وفقًا لما قاله مصدر مسؤول بإدارة المفرقعات، وعلى رأسها حب هذا المجال فهو عمل فني خطر كما يفضل صغر سن الضابط حتى يتمكن من تلقي تدريبات يستطيع من خلالها العمل لفترة طويلة.
فور التحاق الضابط بإدارة المفرقعات يتم البدء في تأهيله لهذا العمل، وذلك بإلحاقه بفرقة من القوات المسلحة تحديداً في "معهد المهندسين العسكريين"، ثم يعود لإدارة المفرقعات لتلقي فرقة للعمليات الخاصة بوزارة الداخلية في مجال المفرقعات المصنعة محلياً، بعدها يتلقى تدريباً على أيدي فرق تأتي من أمريكا حتى يكون الضابط مؤهلاً للتعامل مع أي مادة مفرقعة .
يقول المصدر إن قلة عدد خبراء المفرقعات هي المشكلة التي تعاني منها مصر في هذا المجال، والتي تؤدي أحياناً إلى أن يمتد عمل الخبير حتى 24 ساعة متواصلة، وهذا يرجع إلى عزوف الكثيرين عن الالتحاق بهذا التخصص الخطر مقارنةً بحجم العمل الملقى على عاتقهم، فلابد من وجود خبراء المفرقعات في المحاجر وفي كافة المزارات والمنشآت السياحية والاحتفالات والمؤتمرات الدولية، كما يكونون مرافقين للشخصيات العامة في تحركاتهم، فضلاً عن دورهم في متابعة البلاغات التي تتلقاها إدارة المفرقعات على مستوى الجمهورية طبعاً، والتي زادت بشكل كبير جدًا جدًا في الفترة الأخيرة .
مهنة خبير المفرقعات تتعرض للتجاهل الشديد في الإعلام، حتى الدراما لا تتناول حياة أصحاب تلك المهن بالشكل الكافي اللهم دور الفنان نبيل الحلفاوي في فيلم "الطريق إلى إيلات" وهو أيضًا لم يسلم من ألسن البعض و"ألشهم" عن خرمه لصباع العسلية جتك خيبة أنت وهي.
من يعرف قيمة تلك المهنة بالتأكيد سيتناولها بالشكل الأمثل، فهي مهنة في أحضان الموت، ليست مجرد عمل روتيني يستيقظون صباحًا ليبدأوا عملهم ثم يعودون إلى منازلهم، ففي هذه المهنة الموت هو القاعدة والحياة هي الاستثناء فقد الأرواح أو العيش بعاهة مستديمة في مقابل الحماية المدنية، فيخرجون من بيوتهم لا هم يضمنون الرجوع، ولا ذويهم يضمنون رؤيتهم مرة أخرى .
لا بديل عن الخبراء البشريين كما يصرح اللواء محمد جمال شوقي مدير إدارة المفرقعات بالإدارة العامة للحماية المدنية، أنه عندما يقوم الفريق بالتأكد من وجود المتفجرات يبدأ التعامل معها، حيث إن لديهم ثلاث طرق هي :
1- الروبوت الآلي: وفي هذه الطريقة يظل قائد الفريق في السيارة ويتعامل مع العبوة خلال الروبوت على بعد 500 متر، حيث يتحرك الروبوت ويهز العبوة ويفجرها بنفسه وهذه الطريقة رغم أنها آمنة بالنسبة لضابط المفرقعات، لكنها غير مفضلة لدى أغلب الخبراء عالميًا والذين يفضلون التعامل مع العبوة لكي يأخذوها ويعرفوا ما بداخلها؛ لأن التعرف على ما بداخلها من مكونات يُمكن فريق البحث من معرفة الجناة .
2- طريقة أخرى هي نصف الآلي: و فيها يرتدي ضابط المفرقعات البدلة المخصصة لذلك ويذهب بها للتعامل مع القنبلة .
3- طريقة تعتمد على التعامل اليدوي: عن طريق البكر والحبال ودون استخدام الروبوت أو البدلة.
والذي يحدد اختيارهم لأي طريقة من هذه الطرق هي عملية الكشف، ونجاحها في التشخيص قد يجبرهم على التعامل مع العبوة في نفس المكان دون نقلها إلى مكان آخر، إذا كانت ضد الهز أو أي حركة لها تجعلها عرضة للانفجار، أمّا إذا كانت العبوة زمنية فلابد من سباق الزمن معها قبل أن تنفجر، ومهما كانت الخسائر في حين أن لو العبوة كانت بالريموت كنترول يتم على الفور إخطار جهات البحث المرافقة لهم لكي تبحث بسرعة عن الشخص الذي في يده هذا الريموت، حتى لا يفجر القنبلة، وبالتالي تمثل عملية القبض عليه السيطرة على العبوة، إذن فعملية الكشف بالنسبة لهم أهم مرحلة .
تحية إعزاز وتقدير للشهداء منهم والأحياء المقدامين المدافعين عن حماية الشعب والوطن.