التوقيت السبت، 23 نوفمبر 2024
التوقيت 02:28 ص , بتوقيت القاهرة

ضحايا شارلي إبدو

قائمة ضحايا الاعتداء الإرهابي على جريدة "شارلي إبدو" الفرنسية يوم الأربعاء الماضي، لا تقتصر فقط على من سقطوا قتلى وجرحى في الجريدة، ولكنّها تمتد لتشمل آخرين على رأسهم الإسلام والمسلمون.


أحد فناني الكاريكتير عبّر عن ذلك في رسم يوضح اثنين من الأشخاص يقومان بالهجوم على مبنى الجريدة الفرنسية، والدماء تسيل من داخل المبنى، ولكن في نفس الوقت رصاص الإرهابيين اخترق مبنى الجريدة وانهمر على مسجدٍ يقع خلفها. 


المعنى واضح فالهجوم على "شارلى إبدو" كان ضحاياه أيضا الإسلام والمسلمون.


لم يمضِ على الحادث بضع ساعات، حتى سمعنا عن هجوم على مساجد في فرنسا وعلى مطاعم ومنشآت يملكها مسلمون.


سمعنا تصريحات سياسيين ينتمون للتيارات اليمينية المتشددة يهاجمون الأقليات الإسلامية في أوروبا، ويدعون إلى دمجهم في المجتمع  أو ترحيلهم.


وجدنا أن الرسوم المسيئة للرسول والمسلمين، التي كانت السبب في الحادث، بدأت تنتشر بشكلٍ واسع بعد أن كان نطاق انتشارها محددا، وبالتالي اتسعت دائرة تشويه صورة المسلمين بعد أن انتشرت هذه الرسومات على الإنترنت، بل وقامت بعض الصحف الكبرى بنشرها مثل جريدة "الواشنطن بوست" يوم الخميس الماضي بحُجة أن ذلك سوف يساعد القارئ على فهم القضية المتداولة.


بدأت مقولات صراع الحضارات بين الإسلام والغرب تتصاعد مرة أخرى. 


البعض شبه الهجوم على "شارلي إبدو" بأنه النسخة الفرنسية من اعتداء 11 سبتمبر على الولايات المتحدة. وظهر رسم كاريكاتور يوضح برجي مركز التجارة العالمي ولكن في صورة قلمي رصاص، وفي الخلفية طائرة تتأهب للهجوم عليهما.


الاعتداء على جريدة "شارلي إبدو" تسبب أيضا في حدوث التباس في عقول الكثير من المسلمين حول الإرهاب و العلاقة مع الغرب و حدود حرية التعبير.


ولكن يمكن فك هذا الالتباس، أو على الأقل التخفيف من حدته لو تعاملنا مع هذا الحدث انطلاقا من النقاط التالية:


- الهجوم على جريدة "شارلى إبدو" هو بالتأكيد عمل إرهابي واضح الأركان والمعالم، ولا يُمكن وصفة بغير ذلك، أو تسمية الذين قاموا به إلا بأنهم إرهابيون مهما كانت دوافعهم و مبرراتهم.
 


مع احترام حرية التعبير، إلا أن هناك من انتقد سلوك الجريدة الفرنسية، وعلى سبيل المثال وجدنا محرر الطبعة الأوروبية لجريدة الفايننشال تايمز يصف الجريدة الفرنسية بالغباء وبترصد المسلمين، وأنها كانت تحتاج قدرا أكبر من التعقل في التعامل مع هذا الأمر، وخاصة وأنها قامت من قبل في عام 2006 بنشر الرسوم المسيئة للرسول نقلا عن أحد الصحف الدنماركية.


في المقابل وجدنا جريدة مثل "النيويورك تايمز" ترفض نشر أي من هذه الرسومات فى تغطيتها الخبرية للحدث الأخير، وذكرت أن معايير الجريدة تمنع نشر أي صور قد تؤذي المشاعر الدينية للقراء.


- مهما كانت درجة التجاوز في حرية التعبير للجريدة الفرنسية، فإنّ الرد على الرسوم التي خطها القلم لا يكون باستخدام الكلاشينكوف.
 


- معركتنا الثقافية ليست مع الحضارة الغربية، ولكن مع قوى التطرف داخل الحضارة العربية والإسلامية. تلك القوى التي تتبنى تفسيرات مشوهة للإسلام وتستخدم العنف والإرهاب لتطبيق هذه التفسيرات، وتضع غالبية المسلمين في حالة دفاعٍ دائم عن أنفسهم وعن دينهم.


هذه الغالبية من المسلمين المعتدلين هم أيضًا ضحايا الاعتداء على شارل إبدو.