التوقيت السبت، 23 نوفمبر 2024
التوقيت 02:40 ص , بتوقيت القاهرة

"عم سيد" صاحب أقدم مهنة في التاريخ.. 40 سنة طالع النخل وكاتم أسراره

عم سيد 70 سنة وطالع النخل
عم سيد 70 سنة وطالع النخل

طالع النخل مهنة تبلغ من العمر أكثر من 4000 عام، تعد أقدم مهنة في التاريخ وأشقاها، مهنة ضد الجاذبية الأرضية متعة العمل بها في الهواء الطلق، منذ 40 عامًا وبحركات رشيقة وخفه متناهية يتسلق "عم سيد" النخلة ليستقر أعلاها ساعات مختفى بين "قنوها" يسترق السمع وما يقوله الريح للنخيل ليدنو للأرض مبتسمًا جاني ثمارها النضيد.

عم سيد 70 سنة وطالع النخل

في إحدى مدن محافظة الشرقية وفى هذا التوقيت من كل عام تجد مدينة القرين التي تشتهر بصاحبة المليون نخلة تزدهر بموسم جنى البلح، "اليوم السابع " شارك أهل المدينة فرحة الحصاد، والتقى مع الحاج سيد على إبراهيم على 70 عامًا يعمل "طالع النخل" منذ صغره، مهنة ورثها من أجداده رغم خطورتها إلا أنه يعشقها ويحتفظ بأسرارها.

 

بداية موسم جنى البلح

يقول عم سيد:"شغلانتى وبحبها ورثتها من أبويا وجدى اتجوزت منها وجوزت ولادى، ماعرفش غيرها، الموسم عندنا يبدأ من شهر سبعه لأخر تسعه بعد كده ننظف النخل ونجهزه للسنة الجاية، بيجى صاحب المزرعة يتفق معايا على نظام الشغل وعلى أجرى يوم بيومه النخلة الواحدة من 10 إلى 20 جنيه، على حسب طبيعتها وارتفاعها، ممكن يدخلى في اليوم 100 جنيه، بطلع حوالى 4 أو5 نخلات في اليوم وساعات بتوصل إلى 25 نخله لما يكون الشغل كتير، بقعد عليها ساعة أو نص ساعة حسب الخير اللى عليها".

 

 

صفات طالع النخل

يتشابه النخل مع الإنسان في صفات عديدة منها الطيبة والصبر، يقول طالع النخل" في نخله طيبة شكلها حلو وجامدة وبلحها مسكر وليها سلالم سهل الواحد يطلعها، وتلاقيها كلها خير، وفى نخل تانى ناعم صعب جدًا، نطلعه بالراحة عشان مانقعش، وزى ما النخل صابر على الزمن وتشوفوا واقف شامخ مايهزوش ريح إلى القليل كمان لازم يكون طالع النخل عنده صبر وقوة تحمل، يقدر يتحكم في أعصابه ويعرف يتصرف بسرعة في أي موقف يقابله لأنه بيبقى فوق في الهوا ".

ليس هناك سنًا محددًا لمزاوله مهنة طالع النخل، فكلما كان الإنسان ناضج بالقدر الكافي ولديه الشجاعة على تسلق النخل الذي يمكن أن يبلغ طوله أكثير من 20 مترًا في أحيانًا كثيرة فاليتسلق النخل، يقول عم سيد"يبدأ السن من 12 سنة وإلى عمر طويل ممكن يكون 70،80 سنة طول ما قادر يطلع بيطلع".

 

أدوات طالع النخل

"أدواتى الشرخ والمطلاع واللجاحية والمشنة والحبل" هكذا وصف "عم سيد" أدواته والمطلاع هو حبل شديد عرضه لا يقل عن 15 سم يستخدمه في تسلق النخلة يلتف حول جسمه وحول النخلة أثناء الصعود، اللجاحية هو شبه وسادة مبطنة رقيقة جدًا كى يقوم بإسناد ظهره عليها اثناء الطلوع ولا بد أن تكون متشابكة بالحبل، والشرخ هو البلطة التي يستخدمها في تقطيع جريد النخل أو القنو، أما المشنة فهى الوعاء الذي يجنى فيه ثمار البلح الناضج.

 

مخاطر مهنة طالع النخل

وتابع عم سيد حديثه لليوم السابع قائلًا" بطلع من البيت بدرى بعد صلاة الفجر على طول لأن الشغل في الحر متعب جدًا لازم أخلص على الساعة 11 الظهر قبل الأذان عشان الشمس ماتأذنيش، وقبل ما طلع بقرء آية الكرسي والتحصينات عشان ربنا يسترها معايا، وبتوكل على الله وأخلع الجزمة لأنى لازم أطلع حافى وبعدين أطلع، في مخاطر كثير بتقابلنى مثلًا لو النخلة مايلة لازم أطلع براحة خالص عشان ماتكسرش، وفى مرة تانية لاقيت ثعبان ملفوف على النخلة من فوق وموته بالشرخ، كمان فوق على النخلة فوق يطلعلى عقرب أو فار، دا غير أن حزام اللجاحية بيكون ضاغط على الكلى وبيتعبنى، غير السلاية إللى بتدخل في رجلى وإيدى من خشب النخلة وأنا طالع،  الشغلانه كلها مخاطر".

 

مخاطر الوقوع من أعلى النخل

وأستطرد طالع النخل" وقعت من فوق النخلة 4 مرات، أصعب مرة فيهم أتكسرت خالص، العمود الفقرى أتكسر 3 حتات، وفضلت 9 سنين نايم على لوح خشب مش عارف أمشى إلا لما عملت العملية، والحمد لله خفيت وطلعت النخلة تانى، هاكل عيش منين ماليش شغله غيرها دى، الواحد لما بيقع مابيلاقيش حد، لا فيه نقابة ممكن نلجأها ولا وزارة نروح لها إللى بيقع من فوق النخله إما بيموت أو بيكتسر ويعيش مشلول، إلا إللى ربنا بيطلعله، شباب كثير زى الورد مرمين في بيوتهم زى الميتين، إحنا طالعين النخل حالنا صعب، ده غير إننا بنشتغل مرتين في السنه بس موسم التلقيح وموسم الحصاد، وباقى السنة مافيش شغل، للأسف شغلانتنا دى مالهاش بديل

".

أنواع البلح

وتابع الرجل السبعينى" أنا بعرف البلحة المسكرة من شكل النخلة، لأن إحنا من كثر الشغل بنعرف البلحة الحلوة من الوحشة، البلحة المسكرة تلاقيها لونها جميل وأحمر، أنواع البلح" عامرى، حيانى، بنت عيش ، زعلول، ثماني، بارحى، مجدول، صفار مايين"، موسم البلح زيه زى موسم القطن والقمح بعد الشغل والتعب بناخذ الفلوس وإللى عنده بنت بيجوزها أو لد أو نعمل مصلحة مهمة بعد ما الموسم بيخلص".

 

أمنية عم سيد وسعادته

وأنهى عم سيد طالع النخل حديثه قائلًا" السعادة في الرضا، لما أرضي بقدر ربنا منتهى السعادة، ولما جوزت عيالى ولدين وبنتين كنت في منتهى السعادة، ولما بشوف أحفادى حوليا هي دى السعادة، ولما برجع سليم بصحتى بعد ما أطلع التخلة بكون سعيد، وتكمل سعادى لما أحج بيت ربنا، أنا نفسي أحج".