التوقيت الإثنين، 25 نوفمبر 2024
التوقيت 04:20 م , بتوقيت القاهرة

اعتقالات وإقالات وحملة تغيير هوية.. كيف دمر أردوغان الجيش التركي ؟

مشاهد سحل الضباط والجنود فى تركيا
مشاهد سحل الضباط والجنود فى تركيا

أوهام غزو، وأحلام خلافة مزعومة، وبينهما عقيدة مشوهة.. بهذه العقلية تحرك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منذ تسلله إلى دوائر السلطة في تركيا وصولاً إلى قمتها، محكوماً بميراث من الكراهية لدول الجوار، وكل ما هو عربي على امتداد خريطة الشرق الأوسط، وهو ما دفعه إلى ترتيب مؤسسات تركيا من الداخل، ليتمكن من الانفراد بالسلطة أطول فترة ممكنة، وهو ما دفعه إلى التنكيل بالمعارضة المدنية بطرق وحيل عدة، واحكام قبضته على مفاصل صنع القرار عبر حزم من التعديلات الدستورية المشبوهة، إلا أن مخاوف أردوغان من المؤسسة العسكرية في بلاده، وتحركها المحتمل ضد أجندته المشبوهة، قاده لارتكاب مؤامرة كبري طويلة المدي ضد جيش بلاده، ربما تكون الأكبر في تاريخ تركيا المعاصر.

 

 

المخاوف التي سيطرت على الرئيس التركي، قادته إلى تدبير مؤامرة الانقلاب المزعوم في بلاده، لاستغلالها في شن حملة اقالات واعتقالات واسعة في صفوف قادة الجيش من الصفين الأول والثاني، وهي الممارسات التي كانت محل انتقادات دولية واسعة، وإدانات ممتدة حتي كتابة هذه السطور من قبل كافة منظمات حقوق الإنسان العالمية.

 

سحل وإهانة و"كسر هيبة"

 

وتخللت مسرحية الانقلاب في تركيا منتصف عام 2016 مشاهد لن يمحوها الزمن، حين أطلق أردوغان مليشيات حزب العدالة والتنمية الحاكم، ليتم سحل وضرب جنود الجيش التركي في شوارع أنقرة وإسطنبول وغيرها من المدن التركية، في إهانة بالغة تعكس الكراهية الدفينة التي يكنها أردوغان ورموز نظامه ضد المؤسسة العسكرية التركية، ورغبته المفضوحة في إهانة جنوده.

 

مشاهد الذل التي طالت الجنود والضباط داخل وخارج الثكنات العسكرية لم تكن الحلقة الأخيرة من استهداف نظام أردوغان للجيش التركي، فمسرحية الإنقلاب اعقبها أكبر سلسلة اعتقالات متقطعة في صفوف الضباط، كان آخرها قبل أسابيع، حيث ألقت الشرطة القبض على 98 شخصا، 43 عسكريا و55 محاميا، بتهمة الانتماء لحركة فتح الله جولن، التي أعلنتها السلطات التركية جماعة إرهابية عقب محاولة الانقلاب.

 

وجاءت قرارات الاعتقال في إطار التحقيقات التي تتولاها النيابة العامة بالولايتين ضد ما يسمى جناح حركة جولن داخل الجيش، وشملت 21 ولاية نفذت فيها الشرطة حملات متزامنة للقبض على المطلوبين. وبين العسكريين المطلوبين، نقيب، وملازم، و17 ضابط صف، و19 جنديا في الخدمة بصفوف الجيش، و5 آخرون سبق فصلهم بموجب مراسيم صدرت خلال حالة الطوارئ التي فرضت لمدة سنتين عقب محاولة الانقلاب.

ووجه الادعاء العام إلى المتهمين أنهم أجروا اتصالات مع مسؤولين في حركة الخدمة عبر الهواتف العمومية بالجيش أو هواتف البوفيه في الوحدات العسكرية. وتعتبر السلطات التركية القيام بالاتصال أو تلقي اتصال عن طريق الهواتف العمومية خلال الفترة التي سبقت محاولة الانقلاب، دليلا على انتماء من قاموا بها لحركة جولن.

 

حملة الاستهداف والإهانة الممنهجة لخصلتها استقالة تقدم بهاء اللواء جاهد يايجي رئيس أركان القوات البحرية التركية في مايو الماضي، بعد المرسوم المفاجئ الذي أصدره أردوغان في ذلك الحين بنقله إلى رئاسة أركان الجيش ليعمل تحت إمرة رئيس الأركان دون تسمية وظيفة محددة له.

حينها عقب يايجي على موقفه قائلاً: "شعرت بالإهانة وضياع الشرف العسكري.. لقد تأذي شرفي وكبريائي"

 

 

اعتقالات ممتدة وإقالات مستمرة

 

ومنذ يوليو 2016، وحتي الآن، جرى اعتقال وطرد مئات الآلاف من العسكريين وموظفي الخدمة العامة من وظائفهم. وتعرض ما يقرب من 500 ألف شخص للاستجواب، اعتقل منهم نحو 81 ألفاً وتم احتجاز نحو 142 ألفاً على ذمة التحقيقات. وتمت إقالة نحو 180 ألفاً من وظائفهم في مختلف قطاعات وأجهزة الدولة، ما يقرب من 20 ألف من العسكريين، ونحو 34 ألف شرطي، و5 آلاف قاضٍ ومدعٍ عام، و9 آلاف أكاديمي في الجامعات المختلفة، ونحو 56 ألف معلم وإداري في مراحل التعليم قبل الجامعي، وأكثر من 7 آلاف موظف في وزارة العدل، و7249 طبيباً وموظفاً في وزارة الصحة، و3330 إماماً وواعظاً في هيئة الشؤون الدينية، في حملة تطلق عليها الحكومة «التطهير»، وتقول إنها تنفذها للقضاء على عناصر جولن في مؤسسات الدولة وأجهزتها المختلفة. بينما ينتقدها حلفاء تركيا الغربيون والمنظمات الحقوقية الدولية، ويقولون إنها تهدف إلى سحق معارضي إردوغان.

ولم يقتصر استهداف المؤسسة العسكرية في تركيا على الإهانة والاعتقال والفصل من الخدمة، بل تحرك أردوغان بالتزامن مع تلك الحملة الممنهجة للدفع بعناصر ذات ميول متطرفة، ومنتمين لتيارات إرهابية في مستويات مختلفة داخل الجيش التركي.

 

ووفقًا لوثائق سرية نشرها موقع نورديك مونيتور السويدي، قامت حكومة أردوغان برصد وتحديد أعضاء من محكمة الاستئناف العسكرية التركية في نوفمبر 2014  وقامت بتطهيرهم وسجنهم بعدها بعامين واستخدمت تهم محاولة الانقلاب الفاشلة كحجة لإقصائهم.

 

وتؤكد الوثائق أن مؤامرة تحويل الجيش التركي، إلى معقل للإسلاميين، والقوميين الجدد مع تطهير الضباط غير المنتمين للعدالة والتنمية مؤامرة تم التخطيط لها منذ فترة طويلة، وتضمنت جميع فروع القوات المسلحة التركية (TSK) ، ثاني أكبر جيش في الناتو من حيث القوى العاملة.

 

وأضاف التقرير، أنه نظرًا لأن الحدود مع سوريا والعراق تخضع أيضًا لسيطرة الجيش التركي ، كان من المهم بالنسبة لأردوغان توفير الإفلات من العقاب للعملاء الذين كانوا ينقلون الجهاديين والإمدادات والأسلحة عبر تلك الحدود.

لذلك ، يجب أن تكون محكمة الاستئناف تحت المراقبة ومزودة بالمواليين له الذين يمكن أن يزيلوا أي نشاط غير قانوني قد يثير الريبة في الجيش التركي.

وينطبق الشيء نفسه على الجرائم المرتكبة في المناطق الكردية في تركيا ، حيث تم استخدام القوات العسكرية لتدمير المدن والقرى ، وقتل المدنيين ، بناء على أوامر من حكومة أردوغان.

ونتيجة لذلك ، تم وضع مؤامرة شائنة موضع التنفيذ فور أن قامت حكومة أردوغان بالسيطرة على مجلس المدعين والقضاة (HSK) في أواخر عام 2014. باستخدام الرشاوى ووعود الترقية والابتزاز، فازت قائمة معتمدة من أردوغان في الانتخابات لصالح مقاعد مجلس القضاة على حساب قائمة منافسة تضم قضاة ومدعين عامين مستقلين.

 

51587-asker11-696x488
 
80940-SNlh9dT
 
100933-139504260456363288142484