قوة الحقيقة ودقة المعلومة
تسببت وسائل الإعلام المرئي المختادلفة وبصفة خاصة البرامج الحوارية الليلية في إحداث حالة كبيرة من الشكوك واللبس حول العديد من الأمور؛ خاصة في تلك البرامج التى يتحول فيها مقدم تلك البرامج إلى مفكر ومنظر وصاحب الرأي الأوحد الصحيح ليتحدث إلى المشاهدين مباشرة في مقدمة برنامجه، ويقدم لهم أفكاره الخاصة على أنها حقائق مثبته ويشرح أراءه بإعتبارها معرفة يقينية لايأتيها الباطل، وهو ما ثبتت الأيام ضعف منطقه أو كذبه او على الأقل أنه كان خطأ.
لذا فإن الإعتراف بالقصور الإعلامي هو أمرًا لا يجب أن نخجل منه، بل على العكس فإن أي إنتقاد لا يقصد منه الإساءة إلى من يعملون بالمجال الإعلامي وإنما يقصد منه تصحيح المسار الإعلامي بما يخدم فعلا الدولة المصرية، ويتمشى مع متطلبات المواطن المصري البسيط، بمعنى أدق فإن المطلوب أن يكون الإعلام مستنيراً.
ولعلنا يجب أن نتعلم الدرس من مدرسة الوطنية المصرية وأقصد بذلك القوات المسلحة المصرية والتي من خلال العملية الشاملة سيناء 2018، قدمت درسًا رائعًا بالإعلام العسكري الذى هو بلا شك يعد بمثابة منارة للمصدقية والموضوعية، فالاعلام العسكري يقدم بيانات أهم ما يميزها هو الوضوح ثم الأرقام الحقيقية المصحوبة بوسائل الإيضاح المؤيدة لتلك المعلومات.
ومن ثم فإن الرسالة المدعمة بالمعلومات المدققة تصل مباشرة إلى المشاهد بلا أي فرصة لثغرة أو لثقب أو لطرح وجهة نظر مخالفة.
هو إعلام يخلو من الحالة الجدلية والسوفسطائية التي تسطر علي البرامج الحوارية التى دمرت الكثير من المعارف، وصنعت نجوما من تجار الأحاديث التي يدعون بأنهم خبراء في كافة مناحي الحياة.
لذلك فالمتأمل ببساطة في أي من البيانات التى تصدرها القوات المسلحة المصرية، يلاحظ على سبيل المثال من خلال إعلان القيادة العامة للقوات المسلحة في بياناتها لكشف نتائج العمليات تضمينها لقطات حية لتبادل إطلاق نيران مع العناصر الإرهابية قبل القضاء عليه من قوات المداهمة، فيما ظهرت مقاطع أخرى تؤكد مواصلة مقاتلي وأبطال القوات المسلحة المصرية والشرطة المدنية تنفيذ خطة المجابهة الشاملة "سيناء 2018 " لتدمير الأوكار والبؤر الإرهابية وضبط العناصر الهاربة، فهل نتخذ من حقائق البيانات العسكرية نموذجا نحتذي به في إعلامنا الذى شوهت الكثير منه الإفتاءات في أمور لا نعلم عنها شيئا وأدت بشكل مباشر في إتساع الفجوة بين المواطن العادي ووسائل الإعلام المختلفة، وهو الأمر الذي ساعد بشكل عكسي في نشر الإشاعات والأخبار المغلوطة وساعد الجماعة الإرهابية وتابيعيها في مخططاتهم الإجرامية من خلال استخدام ضعف الآلة الإعلامية وعدم قدرتها على مد جسر الثقة بينها وبين المشاهد.
إننا بحاجة ماسة اليوم لوجوه إعلامية شابة تتمتع بالوطنية والمهنية الذين يمتلكوا أدواتهم والواقع هم كثر، إلا أن الأزمة الحقيقية ترجع في مقامها الأول والأخير إلى عدم منحهم الفرصة الكاملة.
إن المواطن البسيط يأمل من الإعلام أن يضيف إليه لا أن يتلاعب به.
المقال يعبر عن رأي كاتبه فقط ولا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع