في السابع من مارس عام 1876، كان العالم على موعد جديد مع ظهور آلة حديدية، تمكنهم من الإتصال ببعضهم البعض، مهما ابتعدت المسافة، ففي ظل اعتماد العالم على وسائل أخرى مثل الخطابات، وقبلها من المراسلات بالحمام الزاجل، توقع الكثيرون أن تلك الألة التى اكتشفها ألكسندر غراهام بيل آن ذاك، لن تثبت نجاحها، فالحديد قد يصدأ ويفنى نفعه، لكن توقعاتهم باءت الفشل، خاصة بعد النجاح الكبير للهاتف في الإستغناء عن البدائل الأخري في الإتصال.

بعد اختراع ألكسندر غراهام بيل، الهاتف عام 1876، وتسجيل براءة اختراعه، اعترف مجلس الكونغرس الأمريكي رسميًا في عام 2002 أن المخترع الإيطالي أنطونيو ميوتشي، هو المخترع الحقيقي للهاتف، وذلك بعد مرور 113 عامًا على وفاته، أي منذ عام 1889، وأمام هذا الإعتراف بدأت التساؤلات تطرح كيف توصل أنطونيو ميوتشي لإختراع الهاتف؟

الإختراع الحقيقي للهاتف

درس "ميوتشي" المبادئ الأساسية لنقل الصوت الكهرومغناطيسية لسنوات عديدة، وقد تمكن من تحقيق حلمه في عام 1856، عندما قام بنقل صوته عن طريق الذبذبات الصوتية بواسطة الأسلاك في منزله، فبسبب مرض زوجته إثر التهاب المفاصل الروماتويدي، والذي جعلها عاجزة عن الحركة، قام "ميوتشي" بربط سلك من الذبذبات الصوتية بمنزله في جزيرة ستاتن، يمتد هذا السلك من غرفة نومه الواقعة في الطابق الثاني وصولًا لمختبره الصغير، ليتحدث إلى زوجته المريضة طوال فترة غيابه عنها خلال اليوم، وفي عام 1858 قام الرسام Nestore Corradi برسم مخطط نموذج لإختراع ميوتشي، استخدمت الصورة كطابع بريدي في مكتب البريد الإيطالي وجمعية التلغراف عام.

طلب "ميوتشي" من صديقه "Enrico Bandelari" أن يبحث له عن إيطاليين رأسماليين مستعدين لتمويل اختراعه، لكن الحملات العسكرية التي كان يقودها جوزيبي غاريبالدي في هذا الوقت، جعلت الوضع السياسي في هذا البلد غير مستقر لأي مستثمر، ما دفع "أنطونيو" إلى نشر فكرته في صحيفة نيويورك الإيطالية، ومع ذلك فإنه لم يُعثر على نسخة ذلك العدد.

براءة الإختراع

عام 1871 ذهب ميوتشي إلى المكتب الأمريكي لبراءة الاختراع والعلامة التجارية، مقدمًا لهم إختراعه ليحصل على براءة الاختراع لهذا الجهاز، لكنه نسي شيئًا مهمًا لم يكتبه في طلبه وهو أن الجهاز يتميز بوجود الانتقال الكهرومغناطيسي من الترددات الصوتية، وهو تحويل الذبذبات الصوتية إلى نبضات كهربائية يتيح فيها نقل الصوت عبر سلك من مسافة بعيدة، ولأنه لم يكن يمتلك الدولارات العشرة اللازمة لتسجيل هذا الطلب طبقًا لما جاء في التاريخ الرسمي الإيطالي لم يتم إثبات براءة إختراعه.

الإفلاس

مع الظروف المحيطة بالرجل، كان وضعه المعيشي يزداد سوءًا حتى أصبح ضمن تعداد الفقراء، بسبب بعض المُدينين المحتالين، وتسبب ذلك في بيع كوخه بالمزاد العلني، لكنه استطاع العيش بداخله حتى بعدما تم بيعه في المزاد، لأن صاحب الكوخ الجديد قد سمح له بالبقاء فيه دون أن يدفع له قيمة إيجاره، بعد ذلك تضاءلت أموال "ميوتشي" الخاصة، مما جعله يعتمد على مساعدة أصدقائه.

قلة الدخل لم تكن معاناة الرجل الوحيدة، فقد أصيب الرجل بمرض مزمن جعل حالته تزداد سوءًا يومًا بعد أخر، حتى توفي في أكتوبر عام 1889، ليرحل الرجل ويبقى اختراعه على قيد الحياة. 

اقرأ أيضًا..

"آيفون X".. كيف تختار الهاتف الأمثل؟

"حماية المستهلك" يحذر المواطنين من "النصب عن طريق الهاتف"