المقاطعة والانسحاب.. أدوات المعارضة لإخفاء فشلها في الانتخابات الرئاسية
حمل بيده ورقة بيانه الأخير عن ترشحه في الانتخابات الرئاسية، نظر إلى الحضور ولم يراجع نفسه في دوره كمعارض، ليقول بثقة يحسد عليها، بعد خطاب طويل "اليوم نعلن قرارنا بأننا لن نخوض هذا السباق الانتخابي، ولن نتقدم بأوراق ترشيحنا في سباق استنفد أغراضه من وجهة نظرنا قبل أن يبدأ".. هكذا أعلن المرشح المنسحب خالد علي موقفه من الانتخابات الرئاسية، ليظل يتحدث عن الديمقراطية بعيدًا عن ممارسة أدواتها.
انسحاب ثم مقاطعة قراران صاحبهما "ولوله" عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بحثًا عن التصالح مع الذات من خلال بطولات ذائفة وشعارات رنانة متبوعة باتهامات ركيكة دون أدلة واضحة، وتهليل من أنصار الجماعات الإرهابية بتلك القرارات، هذا ما حدث وسوف يحدث دائمًا من المعارضة المصرية عندما تخوض أي اختبار صعب يكشف ضعفها.
العجز يولد المقاطعة
عجزت النخبة السياسية المصرية عن تقديم شخص واحد تدفع به نحو انتخابات الرئاسة، فضلًا عن فشلها في إقناع عموم الشعب بقدرة مرشحها خوض الانتخابات في مواجهة الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى جانب ضعف قدرة هذه النخبة على إيجاد حلولًا لما يعاني منه المصريون من مشاكل.
فدائمًا ما أثبتت المقاطعة فشلها في جميع التجارب السياسية، لكنها الحل الأمثل لوضع المعارضة الحالي، بعد فشل واسع في جميع الانتخابات التي تكللت بـ"صفر البرلمان"، كل هذا يدل على ابتعاد من وصفوا أنفسهم بالمعارضة عن الشارع المصري وإرادته، متسلحين ببعض الشعارات والهجوم الهدام دون حلول واضحة أو انتقاد موضوعي لأي من قرارات النظام الحالي بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
"ابترزاز سياسي".. هكذا يمكنك أن تسميه، كلما ظهرت بوادر خسارتك أما خصمك، انسحب وقاطع وادعي عدم شفافية النزال، فالحقيقة أن مصر تعيش في الوقت الحالي فراغ حقيقي وغياب فعلي لأي دور وطني ممكن أن تقوم به أي معارضة في المجتمع، فلا توجد معارضة في مصر تنزل إلى الشوارع وتعبر عن المواطنين.
سنوات الفشل والانقسامات
ففي مصر فقط، تتخلى المعارضة عن دورها وواجباتها، وتترك الأرض وتتفرغ لتحميل النظام السياسي تبعات فشلها، فلا توجد تجربة ديمقراطية في العالم اعتمدت فيها المعارضة على مكاسب تنالها من رحم السلطة، بل يصنع كل حزب وفصيل سياسي تاريخه بجهده وثقله الحقيقي بين المواطنين، لكننا يبدوا أننا أمام معارضة لم يبق لديها سوى النواح.
4 سنوات هي مدة الولاية الأولى للرئيس عبد الفتاح السيسي، حملت عدد كبير من الإنجازات وكثير من القضايا والقرارات التي شهدت جدل المعارضة حولها، لكن طريقة استعراضهم لقراراتهم دائمًا ما كانت سلبية لا حلول بديلة لا مشروعات قوانين لا نقاشات لا شيء غير النواح والصراخ والانتقادات.
شهدت أحزاب المعارضة على مدار السنوات الماضية، فشل مذري فبين انقسامات وانشقاقات واتهامات بالعمالة وتحالفات على ورق لم يشهد لها النجاح، كل ذلك رسم طريق المعارضة إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية، وانسحاب مرشحها الوحيد المحامي خالد علي الذي يحمل لقب وكيل مؤسسي حزب العيش والحرية – لم يظهر للنور- منذ 5 سنوات وحتى الآن.
التأهيل السياسي وإعداد الكوادر وتقديم معارضة وطنية قوية لا تتاجر بوطنها أو تبيعه أو تستقوى بالخارج عليه، تعبر عن متاعب الوطن ولا تتاجر بأوجاع المواطنين، هذا هو الدور الأمثل للأحزاب المعارضة وليس مقاطعة الانتخابات في ابتزاز واضح للدولة المصرية للحصول على مكاسب شخصية.
معارضو مبارك أقوى منكم
مشهد الانتخابات الرئاسية في مصر كشف مدى تراجع الإرادة السياسية لدى المعارضة بشكل كبير عن فترات ماضية ومنها فترة انتخابات عام 2005، التي ترشح فيها أمام الرئيس مبارك وقتها رؤساء أحزاب الوفد والغد والأمة، أما الأن أصبحت مصر في حاجة كبيرة لجيل جديد من المعارضة الوطنية التي تنافس وبقوة لإثراء الحياة السياسية ببرامج إصلاحية انتخابية حقيقية ووضع البدائل أمام الشعب المصري ليحدد مصيره.
هل على الدولة استحداث معارضة جديدة؟ سؤال يتبادر إلى ذهنك كلما تابعت اتهامات الصحف الأجنبية للنظام في مصر، بالتأكيد ليس على النظام خلق معارضة أو إضفاء مكاسب أو قوة لها، لكن عليها هي تغيير جلدها بشباب واعي ومثقف، يعمل من أجل وطنه يشارك الشعب المصري، يقدم الحلول والإطرواحات لخدمة الوطن، فهذه هي المعارضة المثالية بعيدًا عن الهدم وتبادل الاتهامات، مع محاولة إيجاد الظهير الشعبي بالتواصل مع جموع الشعب المصري.
وأغلقت الهيئة الوطنية للانتخابات، الأحد الماضي، باب تلقي طلبات الترشح للانتخابات الرئاسية بمرشحين فقط هما الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، ورئيس حزب الغد موسى مصطفى موسى، لتعلن ما سميت بـ"الحركة المدنية الديمقراطية"، المكونة من 8 أحزاب، مقاطعة الانتخابات الرئاسية، فيما اعتبرته "مسرحية عبثية".
اقرأ أيضًا
على غرار "ديزني لاند".. إقامة مدينة ترفيهية ضخمة بالعلمين بتكلفة 3.3 مليار دولار