تساؤولات على ترشح «سامي عنان»!
مصر في أشد الحاجة إلى مرشحين أقوياء؛ فقوة المرشح للرئاسة تكسب العملية الانتخابية زخمًا حقيقيًا، وتثري الحياة السياسية، وتخرس الألسنة التي تحاول الصيد في المياه العكرة. ووفقًا للدستور والقانون، لكل مصري أو مصرية الحق في الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية، طالما تنطبق عليه الشروط والضوابط المقررة.
فارق كبير بين مَنْ يستدعيه الشعب لقيادة سفينة الوطن، وبين مَنْ يحاول القفز على عجلة القيادة.. فارق كبير بين مَنْ يخاطر بحياته ويغامر بروحه وبين مَنْ يهرب من المشهد، ويؤثر السلامة، ويركن إلى الدعة، ويتحين الفرصة؛ ليحصد ثمار زرعها غيره.
عاصفة من الانتقادات قوبل بها رئيس أركان الجيش المصري الأسبق، الفريق سامي عنان، لمجرد إعلان ترشحه للانتخابات الرئاسية 2018، في بيانٍ عبر «فيسبوك».. البعض أعاد تذكير الرجل بالملفات القديمة «المسكوت عنها»؛ منها بلاغات متعلقة باتهامه بـ«الفساد»، و«الكسب غير المشروع»!
لست مع الذين يهاجمون «عنان» فسيادة «الفريق» عنان هو «مرشح ثورة يناير»! و«خلفيته»- باسم الله ما شاء الله- «مدنية»، ولا علاقة له بـ«العسكرية» من قريب ولا من بعيد! ويبدو أنه التحق بالقوات المسلحة «رغمًا عنه»، ووصل إلى أعلى المناصب العسكرية على غير هواه!
«عنان»- أخصائي الملفات «المدنية»- عزا أسباب ترشحه، إلى «تردي أحوال الشعب المعيشية وتآكل قدرة الدولة المصرية على التعامل مع ملفات الأرض والمياه والمورد البشري...»، وخاطب «سامي» الشعب بـ«السيد»، وكأنه منح المصريين لقبًا نُزِعَ منهم، بينما يؤكد السيسي- في كل خطاباته على هذا المعنى، ويستدعي الشعب في كل مناسبة.. فما الذي يقصده سيادة الفريق؟ ولماذ صمت عندما كان الشعب «السيد» يُهان في عهد الإخوان؟!
«عنان» تحدث أيضًا عن ضرورة «تقاسم السلطة بين مؤسسات الدولة، وبناء نظام سياسي واقتصادي تعددي يحترم الدستور والقانون».. فهل هناك مؤسسة تستأثر بالسلطة، وتنفرد بها دون غيرها؟ وهل هناك مَنْ لا يحترم الدستور والقانون، أم أن سيادة الفريق «يزايد» على النظام الحالي، ويردد نفس الكلام «الأجوف» الذي يردده الإخوان ومَنْ هم على شاكلتهم؟
«سامي» دعا الدولة إلى «الوقوف بحياد بين المرشحين، محذرا من الانحياز غير الدستوري لرئيس وصفه بأنه قد يغادر منصبه خلال أشهر قليلة».. فما الذي يهدف إليه الفريق؟ وما الفرق بينه وبين «الإخوان» عندما رددوا نفس الكلام في الانتخابات الرئاسية 2012؛ ليتخذوه مبررا حال إخفاق مرشحهم محمد مرسي؟ فهل يريد عنان إعادتنا إلى مشهد الإخوان والتشكيك في مؤسسات الدولة؟
ربما يستبق الفريق سامي الأحداث، ويقفز على النتائج. ولِمَ لا، وهو قد يواجه عقبات في ترشحه؛ منها استقالته من القوات المسلحة، وحصوله على الموافقة بالترشح باعتباره كان رئيسًا لأركانها. وحصوله على تزكية 20 برلمانيًا، بعد أن وقع أكثر من 95% من الأعضاء على استمارات تزكية للرئيس السيسي. وكذلك جمع تواقيع ما لا يقل عن 25 ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب في 15 محافظة على الأقل، وهو أمر قد يبدو صعبًا، لكنه ليس مستحيلًا!
«عنان» قال إنه شكَّل فريقًا رئاسيًا، ووصفه بـ«نواة مدنية» يضم المستشار هشام جنينة، نائبا للرئيس لحقوق الإنسان، والدكتور حازم حسني، نائبا للرئيس لشؤون الثورة المعرفية والتمكين السياسي، ومتحدثًا رسميًا باسمه!
هنا من حقنا أن نتساءل: ما الذي ضم الشامي على المغربي؟ وما الذي جعل أعداء الأمس أصدقاء اليوم؟ وما طبيعة الصفقة التي تم على إثرها موافقة الدكتور حازم- الذي انتقد «عنان» في عهد المعزول- على الانضمام لـ«نواة الفريق»؟ وما الذي جعل حازم عبد العظيم يتخلى عن رفيقه «الثوري» خالد علي، ويعرض خدماته على سيادة الفريق؟ وما سر هذا الاحتفاء المبالغ بترشح رئيس الأركان الأسبق من جانب الإخوان وقطر وتركيا؟ أليست «خلفية» الرجل عسكرية، وليست مدنية؟ أهو حبًا في «سامي» ودعمًا له، أم نكاية في «السيسي»؟
لن نستبق الأحداث.. فكل شيء بأوان.