"السرية والتخفي" شعار رفعته الجماعات الإرهابية في وجه الأجهزة الأمنية للهروب من ملاحقتها، عبر اللجوء إلى عدد كبير من البرامج المشفرة، التى اعتمد عليها كل من "داعش" و"القاعدة" لإعطاء الأوامر ونقل المعلومات بين عناصرها لاستهداف المدنيين.

وتنوعت البرامج السرية التى اعتمدت عليها التنظيمات الإرهابية، حيث كشفت التحقيقات التي أجريت مع عناصر من بيت القدس بعد إلقاء القبض عليها، وعدد من العناصر التابعة لـ"داعش" عن حجم البرامج التي لجأت إليها لتمرير تعليماتها بتنفيذ الخطط الإرهابية، حيث شملت كلاً من برنامجي "تليجرام" و"لاين".

أسرار المجاهدين

وأكدت عدد من التقارير الإعلامية أن تنظيم القاعدة لجأ إلى استخدام برنامج "أسرار المجاهدين" عام 2007 للهروب من الملاحقة الأمنية بعد حادث 11 سبتمبر.

وهو ذاته النهج الذي اتبعه تنظيم "داعش" في استخدام برنامج "تليجرام"، الذى أصبح مؤخرًا قبلة التنظيمات الإرهابية لقدرته الفائقة على السرعة والتشفير بين أعضائه، وهو ما أكدته التحقيقات في خلية "داعش الكبرى"، حيث اعتمد التنظيم على مجموعات دردشة وصلت إلى 5 آلاف عضو. 

ويفسر مركز المستقبل للدراسات السياسية أسباب لجوء"داعش" والجماعات الإرهابية مؤخرًا لبرنامج "تليجرام"، حيث يؤكد أن التطبيق يمتلك معدلات حماية هائلة قد لا تتوافر في تطبيقات أخرى، فقد شجع التنظيم أتباعه على "تويتر" ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى على التواصل مع منسقي "داعش" ومجنديها على "تليجرام" لمناقشة "مسائل حساسة"، مثل السفر إلى الأراضي التي يسيطر عليها "داعش"، وأنشأ "داعش" أيضًا قنوات عامة على "تليجرام" لبث تحديثات إخبارية عن أنشطته، ونشر مواد دعائية أخرى من خلال وكالات الأنباء التابعة له.

ويتمتع "تليجرام" بخاصية تشفير الرسائل من النهاية إلى النهاية، والتى تمنع أي شخص، باستثناء المرسل والمتلقي، من الوصول إلى الرسائل المتبادلة، وتعتمد تقنية التشفير الخاصة بالتطبيق على هواتف المستخدمين، وليس عبر خادم وسيط، وهو ما يفرض صعوبات على إمكانية التجسس على محادثات المستخدمين.

الذئاب المنفردة

كما دعم تطبيق "تليجرام" الذئاب المنفردة التى تأست عبر هذا التطبيق، والتي نجحت في استقطاب أفراد من الفضاء الإلكتروني لا ينتمون للإرهاب، للتنسيق مع عناصر داعش بعد إطلاعهم على المواد الفكرية والتسجيلات الصوتية والفيديوهات الخاصة بالتنظيم والمنتشرة على شبكة الإنترنت، ما ساهم في إنشاء نموذج من التحالف الأيدولوجي الافتراضي دون أن يكون هناك أي صلات رسمية في الواقع.

واعتمد برنامج "تليجرام" للترويج لعدد من القنوات التي ساهمت في تجنيد الإرهابيين، وتنفيذ عمليات إجرامية، ففي يوليو عام 2017، دعت قناة أخرى على "تليجرام"، تسمى "المجاهد الوحيد" إلى تنفيذ هجوم إرهابي في ويمبلدون على غرار الهجوم الذي وقع في مانشستر أرينا، وتضمنت هذه الدعوة نشر خريطة فعاليات بطولة ويمبلدون التيتم تنظيمها في يوليو 2017

وواجهت عدد من الدول تلك التطبيقات السرية بالإقدام على الحجب، فإندونيسيا، على سبيل المثال، أعلنت في شهر يوليو 2017 حجب تطبيق "تليجرام"، وأرجعت ذلك إلى تخوفها من استخدامه لنشر"دعاية إرهابية متطرفة" داخل الدولة.

وهو ذات الأمر الذي اتبعته الهيئة المنظمة للاتصالات في أفغانستان، حيث نشرت في نوفمبر من عام 2017 أمرًا كتابيًا لشركات الإنترنت لمنع استخدام برنامج "تليجرام" لمنع تداول الرسائل المشفرة بين أعضاء حركة طالبان وغيرها من الجماعات المتمردة.

اقرأ أيضًا

أفغانستان تتحرك لتعليق خدمات "واتساب" و"تليجرام"

تطبيق "تليجرام" يغلق بعض القنوات العامة بسبب الإرهاب