"يحزقيل".. مخطط وضعته إسرائيل لتفتيت الدول العربية منذ 29 عامًا
لم تسلم دولة عربية من الانقسام والصراع سواء الداخلي بين طوائف الشعب، أو الخارجي مع الدول المحيطة، منذ ما أطلق عليه "الربيع العربي" عام 2011، بعد أن رسمت الإدارة الأمريكية "الفوضى الخلاقة" على جبين الدول العربية، لتصبح دولًا متناحرة متصارعة مفتتة لا تقوى على الصراعات الكبرى، وذلك بغرض تحويلها إلى دويلات صغيرة متناحرة.
كل ماسبق، كان مقدمات الإدارة الأمريكية لتقسيم الشرق الأوسط إلى دويلات وأقاليم، وفقًا لمصالح الدول الغربية في المنطقة، من الناحية الاقتصادية والسياسية، إضافة إلى الحفاظ على أمن دولة إسرائيل، لتستطيع بعدها أن تتخذ قرار "القدس عاصمة إسرائيل"، والذي لم يجرؤ أي رئيس أمريكي سابق على اتخاذه، ولكن دونالد ترامب، أقدم على اتخاذه، في مناورة سياسية مع كل الدول العربية والإسلامية، التي فتتتها الصراعات الداخلية.
الفوضى الخلاقة والماسونية
خططت الإدارة الأمريكية، لما يسمى بـ"الشرق الأوسط الجديد"، وهو صرحت به وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة "كونداليزا رايس" مطلع عام 2005 في حديث صحفي بجريدة واشنطن بوست الأمريكية، وأعربت عن نية الولايات المتحدة بنشر الديمقراطية في العالم العربي، واستخدمت لهذا الهدف وسيلة "الفوضى الخلاقة"، وهو مصطلح موجود في أدبيات الماسونية القديمة، وورد ذكره في أكثر من مرجع، وأشار إليه الباحث والكاتب الأمريكي دان براون، إلا أنه لم يطف على السطح إلا بعد الغزو الأمريكي للعراق الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس جورج دبليو بوش.
مخطط يحزقيل درور
ناقش كتاب "المخططات الإسرائيلية لتفتيت المنطقة العربية: دراسة حالة العراق 1948-2013"، مخطط "يحزقيل درور" الإسرائيلي، الذي صدر في 3 كتب يشرح خلاله استراتيجية إسرائيل العظمى عام 1988، ويشرح المخطط مشروعًا لتفتيت الدول العربية من خلال تقويض الكيانات العربية وإسقاط نظمها وتفتيت مجتمعها بالاستناد إلى وسائل سياسية واستراتيجية العنف والعمل العسكري لإيقاع الدول العربية في سلسلة خلافات فيما بينها، لخدمة مصالح إسرائيل العليا وتسخير كل الوسائل لتفتيت المجتمع العربي من الداخل، والإسناد لبعض أبناء الأقليات الإثنية وبخاصة غير العربية وغير الإسلامية إذا كان لها توجهات لمقاومة الحكم العربي.
تطبيق المخطط على دول المنطقة
مصر
بدأت المخططات الغربية ضد مصر للإطاحة بنظام الحكم وفق سيناريو "الربيع العربي"، ومنذ عام 2011 حتى الآن، تم استدراج مصر للصراعات الداخلية، ورغم أنها استطاعت تفتيت المخطط الأمريكي بثورة 30 يونيو، إلا أنها ظلت تقاوم الإرهاب الذى بدأته جماعة الإخوان المسلمين، وفصائل إسلامية أخرى، بعد الإطاحة بمحمد مرسي، وذلك برعاية أجهزة مخابرات دولية لتقويض قوة مصر، لتخسر مصر مئات الشهداء من رجال الشرطة والجيش، ومئات أخرين من الضحايا المدنين جراء العمليات الإرهابية.
وتم انتهاج خطة لتقويض الاقتصاد المصري عبر "ضرب" السياحة، وسعت دول كبرى لتحذير مواطنيها من السفر لمصر بسبب ضعف الآمن والعمليات الإرهابية، في الوقت الذى يدافعون فيه عن جماعة الإخوان المسلمين "الإرهابية".
سوريا
تم استدراج سوريا لحرب أهلية منذ 2011، فأصبحت مفتتة جراء الصراع المسلح بين حكومة حزب البعث بقيادة الرئيس بشار الأسد وحلفاءه، ومختلف القوى المعارضة للحكومة السورية، والتي دعمتها دول غربية بالسلاح لمحاربة النظام، مع دخول داعش على خط الصراع.
وتخوض الحرب عدة فصائل، الحكومة السورية وحلفاءها، روسيا والصين وإيران وحزب الله، وبين تحالف فضفاض للجماعات المسلحة المعارضة السورية بما في ذلك الجيش السوري الحر، وقوات سوريا الديمقراطية التي تضم أغلبية كردية، وجماعات سلفية جهادية بما فيها جبهة النصرة وتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، مع تورط عدد من البلدان في المنطقة وخارجها إما عن طريقة المشاركة المباشرة، أو تقديم الدعم إلى الفصائل المسلحة.
العراق
بعد أن تمت الإطاحة بصدام حسين رئيس العراق، عقب الغزو الأمريكي 2003، تجدد النزاع العراقي الكردستاني على الساحة، بعدما كان سلسلة من الحروب والتمردات من قبل الأكراد ضد السلطة المركزية في العراق خلال القرن العشرين، فظهرت الرغبة الكردية فى تشكيل دولة كردستان المستقلة، وبالفعل نظم إقليم كردستان استفتاء للانفصال عن العراق في 25 سبتمبر الماضي، ولاقى اعتراضًا شرسًا من حكومة العراق والدول الإقليمية المحيطة خاصة إيران وتركيا.
تم تغذية النعرات الطائفية فى العراق ليصبح صراعًا دائمًا بين السنة والشيعة وقوات الحشد الشعبي، حتى بعد أن توحدت الدولة للقضاء على تنظيم "داعش" الذي استولى على مساحات شاسعة من العراق.
ليبيا
منذ مقتل رئيس لييبا معمر القذافي إبان الاحتجاجات على حكمه عام 2011، دخلت البلاد في صراعات وحروب أهلية مسلحة لم تنتهي، لتظهر كيانات سياسية وعسكرية، يريد كلًا منهم السيطرة على الأرض، وبعد اقتتال استمر أربعة سنوت، في 17 ديسمبر 2015، انبثقت حكومة "الوفاق الوطني" عن الاتفاق السياسي الليبي، الذي وقع في مدينة الصخيرات المغربية، بإشراف بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، ويمثلها في الجيش اللواء خليفة حفتر المدعوم من مصر والإمارات، ولكن انبثق ما يسمى بـ" المؤتمر الوطني العام" ليمثل السلطة التشريعية في ليبيا، بعد انتخابه في يوليو 2012، وتسلمه السلطة من المجلس الوطني الانتقالي في أغسطس 2015.
ويرى المؤتمر الوطني العام أنه "السلطة الشرعية الوحيدة"، ويرفض الاعتراف بمجلس النواب المنعقد بمدينة طبرق شرقي ليبيا، وانبثق عنه قوات "فجر ليبيا"، وظهرت قوى أخرى على الأرض مثل مجلس شورى ثوار بنغازي، "الكتيبة 166"، درع ليبيا إضافة لتنظيم داعش.
اليمن
دخلت اليمن في نفق الحرب الأهلية أيضًا، بعد إجبار علي عبد الله صالح الرئيس السابق، على التنحي من السلطة ليترأس البلاد عبد ربه منصور هادي، المدعوم من التحالف العربي، ويقرر بعدها"صالح" وميليشيات الحوثيين المدعومة من إيران التحالف ضد الحكومة الشرعية، ليخوضوا حروبًا شرسة. وبعدها تغيرت الخريطة فانشق "صالح" عن تحالفه مع "الحوثي" ثم انقلب الحوثي عليه وقتله، وذلك في الوقت الذي كان يحارب كلًا منهما تنظيم داعش الذي سيطر على مساحات شاسعة في اليمن.
السعودية
وقعت السعودية أيضًا في تيارات الأزمات الإقليمية، فهي من أكبر الدول السنية في المنطقة، وتسعى لمحاربة التمدد الإيراني الشيعي في المنطقة، فشكلت قوات التحالف العربي لمحاربة الحوثيين والمنقلبين على السلطة الشرعية في اليمن، وفي أثناء ذلك تهاجم القوات الحوثية الحدود السعودية وبين الحين والآخر تطلق صواريخ باليستية على أراضيها، إضافة لانشغالها بمحاربة قطر بعد ثبوت دعمها المادي و اللوجيستي والأسلحة والإعلام للجماعات الإرهابية، ودخلت مصر والإمارات والبحرين معها في التحالف الرباعي ضد قطر.
وانشغلت السعودية مؤخرًا بمحاربة الفساد داخل أراضيها، وقامت بإلقاء القبض على عشرات رجال الأعمال الكبار للتحقيق معهم، وكذلك انشغلت بقضايا التجسس الإيرانية على أراضيها.
لبنان
انشغلت لبنان منذ عقود بالحروب الأهلية الطائفية، حتى بعد اتفاق الطائف عام 1989، لازال الصراع قائمًا بين المسيحيين الموارنه والسنة والشعية التي يقودها في الباطن حزب الله الذراع العسكري لإيران أيضًا، وجراء العمليات العسكرية والسياسية التي يقوم بها الحزب بإيعاز من إيران.
الإمارات
لم تسلم تلك البلد ذات الاقتصاد القوي من الانشغال في صراعات بالمنطقة، والعداء بينها وبين إيران عقب احتلال الأخيرة ثلاث جزر إماراتية، لازالوا في قيد التفاوض، ولكنها تخشى أيضًا على امتداد النفوذ الإيراني بالمنطقة، فشاركت السعودية فى جميع أعمالها العسكرية خاصة في اليمن .
البحرين
تم استدراج البحرين أيضًا لصراع مذهبي من الباطن بين السنة والشيعة، فوفق إحصائيات يعد تعداد الشيعة قرابة 8% من سكانها، وتحارب البحرين مع التحالف العربي ضد قطر، بعدما سعت الأخيرة لقلب نظام الحكم، وقد اتهمت الحكومة البحرينية الدوحة رسميًا بذلك.
قطر
تفرغت قطر منذ عام 2011 لتفتيت الدول العربية، ودعم الجماعات الإرهابية، والمعارضة التي ترغب في قلب نظام الحكم في البلدان العربية، واستخدمت قناة الجزيرة ذراعها الإعلامي لتحقيق ذلك، وذلك في اتفاق تام لمخططات إيران وتركيا، الرامية لتقويض الدول الكبرى في المنطقة مثل مصر والسعودية.
الكويت
دخلت الكويت في أطراف الصراع بين الرباعي العربي وقطر، لتلعب دور الوسيط بين الطرفين، ولم تدخل كطرف صراع، ووفق خبراء سياسيين فأن ذلك بسبب أن نسبة كبيرة من صناع القرار ينتمون إلى الإخوان المسلمين، وهو التنظيم الذى صنفته مصر بأنه "إرهابي"، ووجد ملاذًا في قطر للدفاع عنه ودعمه.
اقرأ أيضًا
ماذا طلب ترامب من الدول العربية بعد إعلانه القدس عاصمة لإسرائيل؟