نيويورك تايمز: ميانمار تسعى إلى محو تاريخ "الروهينجا"
قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن تاريخ "الروهينجا" يمتد إلى أجيال مضت، وقديما اعتبرتهم بنجلاديش متطفلين خطرين، وحاليا تسعى ميانمار إلى محو تاريخهم، ليصبح معظم الأقلية المسلمة بلا وطن في مواجهة خطر "الإبادة".
ولفتت صحيفة "نيويورك تايمز" ـ في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني، اليوم السبت، بعنوان "لا شيء يُدعى الروهينجا" ـ ميانمار تمحو تاريخا، إلى أن حكومة ميانمار، البلد ذات الأغلبية البوذية، لا تعترف بوجود الروهينجا المتمركزين في إقليم راخين غرب البلاد، بل وتنكر هويتهم.
وقال يو كياو سان هلا الضابط في أمن إقليم راخين - حسبما نقلت عنه الصحيفة - إنه "لا يوجد شيء يُدعى روهينجا.. تلك أخبار كاذبة"، في إشارة إلى الأخبار التي تغطي عملية التطهير العرقي التي تقودها الحكومة ضد الأقلية المسلمة.
في المقابل، أعرب كياو مين - الذي كان عضوا باتحاد طلاب الروهينجا في الكلية، وفاز بمقعد بالبرلمان في الانتخابات التي أحبطها الحكم العسكري في البلاد عام 1990، وقد أقام في ميانمار طوال الـ72 عاما هي عمره- عن ذهوله من مثل هذه الإنكارات، مؤكدا أن تاريخ الروهينجا كمجموعة عرقية متميزة في ميانمار يمتد إلى أجيال.
وتابع كياو مين يقول: إن "الروهينجا انتهوا في بلادنا.. قريبا سنكون جميعا ميتين أو ضائعين".
وأشارت الصحيفة إلى أن منظمات حقوق الإنسان الدولية تحذر من أن الكثير من الدلائل التي تحمل تاريخ الروهينجا في ميانمار تواجه خطر الإبادة من قبل الحملة العسكرية التي اعتبرتها منظمة الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية "تطهيرا عرقيا".
ومنذ آخر أغسطس الماضي، هرب أكثر من 620 ألف مسلم من الروهينجا الذين عاشوا في ميانمار إلى بنجلاديش، أي ما يعادل ثلثي الأقلية المسلمة، وذلك بعد الحملة المنظمة لجيش ميانمار والتي اضطلعت بأعمال الذبح والاغتصاب والحرق ضد المسلمين في راخين.
وقال المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة في تقرير نشر في أكتوبر الماضي إن القوات الأمنية في ميانمار عملت على محو كل المعالم البارزة في أرض وذاكرة الروهينجا بطريقة ستجعل الأرض خرابا ولا يمكن التعرف عليها.
وأشار التقرير الأممي أيضا إلى أن الحملة في راخين "استهدفت المعلمين وقادة الدين والثقافة وأناسا آخرين ذوي تأثير في مجتمع الروهينجا، في جهود لتقليص تاريخ وثقافة ومعرفة الروهينجا".
ونقلت الصحيفة عن محامي من الروهينجا ومعتقل سياسي سابق، يو كياو هلا أونج، قوله: "إننا أناس لدينا تاريخا وعادات خاصة بنا.. كيف يمكنهم التظاهر بأننا لا شيء؟".
وذكرت "نيويورك تايمز" أن تناسي ميانمار المفاجئ للروهينجا هو تحرك جريء وممنهج، حيث تعد مدينة سيتوي، التي تقع في مصب نهر بخليج البنغال، أكبر مثال على ذلك بعد أن كانت مدينة مختلطة مقسمة بين الأغلبية البوذية في راخين وأقلية الروهينجا المسلمة.
وأشارت الصحيفة الى أنه في 2009 ، كانت السوق المزدحمة بها صيادون روهينجا يبيعون المأكولات البحرية ، ومتخصصون روهينجا في القانون والطب ، بينما كان الشارع الرئيسي في البلدة يهيمن عليه المسجد الجامع الذي شُيد في منتصف القرن التاسع عشر ، وإمامه يتحدث بفخر عن التراث المتعدد الثقافات لمدينة سيتوي.
لكن منذ أعمال الشغب الطائفية في 2012 ، والتي أسفرت عن خسائر غير متكافئة بين الروهينجا ، تم إخلاء المدينة بأكملها تقريبا من المسلمين ، وتم احتجاز نحو 120 ألفا من الروهينجا الذين كانوا يعيشون في وسط إقليم راخين ، حتى هؤلاء الحاملين جنسية ميانمار، في مخيمات.
ورصدت الصحيفة إنكار كل المقيمين في راخين حاليا أنه كان هناك مسلمون ذات يوم امتلكوا محلات في السوق الشعبية ، أما المسجد الجامع، فقد بات مغلقا بشكل دائم غير مستخدم ينزوي خلف الأسلاك الشائكة التي تطوّقه، وحتى إمامه البالغ من العمر 89 عاما أصبح محتجزا.
ونقلت الصحيفة عن إمام المسجد الجامع، الذي طلب عدم ذكر اسمه لقلقه حول سلامته، "لم يعد لدينا حقوق كبشر .. هذا تطهير عرقي تديره الدولة وليس شيئا آخر".
وأضافت أن جامعة سيتوي التي اعتادت قبول المئات من الطلاب المسلمين سنويا تدرس حاليا لنحو 30 طالبا من الروهينجا فقط، وجميعهم يتعلمون في برامج التعليم عن بُعد.