"داليدا بتغني على دقة قلب زيزينيا".. كيف اختفت الجاليات الأجنبية من مصر؟
كتبت - منى الكومي
احتضنت مصر على مر تاريخها عددا كبيرا من الحضارات و الثقافات العالمية، فكانت وطن لكل الجنسيات الأجنبية، بل كانت في وقت مضى الخيار الأول للمواطن الأوروبي المهاجر بحثا عن لقمة العيش، لما لا وكانت "قاهرتنا" فى يوم من الأيام أجمل مدينة فى العالم، خاصة بعد حصولها على وسام أجمل وأنظف مدينة فى دول حوض البحر المتوسط باعتبارها مدينة الأناقة فى تصميم مبانيها ونظافة شوارعها وانتظام حركة المرور بها، بجانب الرواج الاقتصادي الذي كانت تتمتع به مصر في مجالات التجارة والزراعة.
في العصر الحديث ومع تغير ملامح الحياة في مصر على كافة المستويات وخاصة الاقتصادية، بجانب اتساع الفارق بين التقدم الأوروبي والأوضاع في مصر، تقلصت أعداد الجاليات الأجنبية بشكل كبير فمع تتطور الأحداث فضلت الأجيال الجديدة من هذه الجاليات العودة إلى بلدها الأم، برغم حبهم الشديد لمصر وشعبها الطيب، فكما قال الآرمن "أرمينيا هي الأم التي ولدت بينما مصر هي الأم التي ربت".
نستعرض في هذا التقرير أبرز الجاليات الأجنبية التي عاشت في مصر.
الجالية الأرمنية
وجود الأرمن في مصر يرجع إلى الدولة العباسية، ولكن كان بأعداد محدودة حتى عام 1915، وهو تاريخ قيام مذابح الأرمن والتهجير القسري لهم علي يد الأتراك ووجدوا في مصر الملاذ الآمن لهم ولذويهم فوصلوا مصر بأعداد وصلت وقتها إلى 18 ألف نسمة، انخرطوا في المجتمع المصري بشكل كبير حتي خرج منهم رجال سياسة مثل نوبار باشا، صاحب أول تشكيل لأول وزارة فى تاريخ مصر 28 أغسطس 1888 و فنانون مثل نيللي و فيروز وغيرهم.
وصل عدد الأرمن قبل ثورة 1954 إلي 60 ألف نسمة، وأصبح عددهم الآن نحو 6 آلاف فقط يتركزون في الإسكندرية والقاهرة، وتلعب الكنيسة دوراً هاماً لتوحيد الأرمن في مصر، فهناك 6 كنائس تعمل في مصر أهمها بطريركية الأرمن الكاثوليك في منطقة "أبو الدرداء" بالمنشية، وسط الإسكندرية و البطريركية الأرمنية والقديس غريغوري والكنيسة الرسولية الأرمنية إيلوميناتور بالقاهرة.
لدى الطائفة الأرمينية أربعة نوادي ثقافية في القاهرة، واثنان في الإسكندرية يمارس من خلالها أنشطة للشباب مثل فرق الرقص والكورال. وهناك ثلاثة أندية رياضية في القاهرة، واثنان في الإسكندرية حيث أن النشاط الرئيسي هو كرة السلة.
ومن الجدير بالذكر أن معظم الأرمن في مصر لا يزالون يتكلّمون اللغة الأرمنية في الأعمال التجارية التي يملكونها، أو بين الطلاب في الاحتفالات والمراسم الكنسية. وتُعتبَر اللغة هم اساسي بالنسبة لهم و عاملا أساسياً في الحفاظ على هويتهم.حيث تلعب دوراً أساسيا في الحفاظ على اللغة الأرمنية بين الطائفة الأرمنية في مصر.
الجالية اليونانية
اليونانيون وجودهم في مصر يرجع إلي عهد الإسكندر الأكبر بحسب زعمهم وزاد تواجدهم في فترة حكم محمد علي باشا حيث اشتهروا بالتجارة كان عددهم 37 الف نسمة وقتها واصبح 56 الف نسمة في عام 1917 حتي اندلعت شرارة ثورة 1952 ووتولي الرئيس السابق جمال عبد الناصر الحكم و جاءت سياسة التأميم تقلصت أعداد اليونانيين في مصر، وهاجر معظم أفراد الجالية الي اليونان والبرازيل والولايات المتحدة الاميريكية و منهم من رفض الهجرة وظل في مصر . وصل عدد الجالية اليونانية الان الي 4 الاف نسمة يتمركزون في الاسكندرية و يتبعون البطريركية الأرثوذكسية اليونانية، وهي الكنيسة الأم في عموم أفريقيا، وواحدة من أقدم البطريركيات في العالم.
في تراث الأفلام المصرية القديمة توثق لاندماج الجالية اليونانية في المجتمع المصري، حتي أنهم كانوا جنبا الي جنب مدافعين عن مصر وطنهم الثاني وقت العدوان الثلاثي عليها، وللجالية اليونانية تأثير كبير في الإسكندرية تحديدا فتجد أسماء كثير من الشوارع أسماء يونانية مثل جليم وكرموز وزيزينيا.
توجد الكنيسة البطريركية اليونانية في الإسكندرية وعدد من النوادي الرياضية و رابطة بطليموس العلمية و النادي اليوناني البحري، الرابطة الرياضية و المؤسسة اليونانية للثقافة ومتحف كفافيس، وجميعها اماكن تجمع الجالية اليونانية في اعيادهم واحتفالاتهم .
الجالية الإيطالية
من أقدم الجاليات التي عاشت في مصر وتداخلت بشكل كبير أثر على اللغة المصرية، فإلى الآن نتحدث بكلمات أصلها إيطالي مثل "بلكونة" و"بريمو" و"صالة".
تركز تواجد الجالية الإيطالية في الاسكندرية في فترة الحرب العالمية الثانية، حيث احتلت إيطاليا غرب مصر و كان قبلها تم تأسيس فرع للحرب الفاشستي في الإسكندرية، وأصبح الإيطاليون يناصرون وطنهم الأم إيطاليا من وطنهم الآخر مصر. وفي عام 1940 اعتقلت السلطات الإيطالية نحو 8000 إيطالي مصري من المتعاطفين مع الفاشية لمنع حدوث أي أعمال تخريبية عندما هاجم الجيش الإيطالي غرب مصر، وفي عام 1942 بعد احتلال رومل للإسكندرية بعد معركة العلمين تقلص عدد الإيطاليين في مصر الذي وصل إلى 60 ألف نسمة فترة الأربعينيات هاجر معظمهم إلي إيطاليا واستقر قليل منهم في الإسكندرية، والآن عددهم لا يتجاوز 4 آلاف نسمة يعملون في شركات إيطالية في مصر.
حتي أن بنيلو أودتو رئيس الجمعية الخيرية الإيطالية بالقاهرة ورئيس الجالية الإيطالية فى مصر كان جندي في الجيش المصري ويكون بهذا الإيطالى الوحيد الذي خدم فى الجيش المصري.
و من أشهر الشخصيات الفن من الجالية الايطالية كانت المطربة داليدا والفنان استيفان روستي.
اقرأ أيضا..
بروتوكول تعاون بين "الهجرة" وبيت العائلة المصرية لنشر المبادرة بالخارج